مؤيدو الإعلان الدستوري والاستفتاء علي دستور التأسيسية حشدوا جماهيرهم من التيارات الإسلامية في الميادين خاصة أمام جامعة القاهرة. ورافضو الإعلان الدستوري ومقاطعو الاستفتاء حشدوا جماهيرهم في الميادين خاصة في التحرير وحول قصر الاتحادية إلي جانب تظاهراتهم الحاشدة في العديد من مدن مصر. انقسام المصريين إلي تيار ديني في مواجهة التيار المدني أصبح حقيقة خطيرة تهدد بالتصعيد بينهما إن لم يكن اليوم فغداً، أو بعد غد.. علي الأكثر، مالم يتوصل التياران المتعارضان إلي تسوية من الصعب جدا في تصوري التوافق عليها. الإخوان ومن معهم يثقون مقدما في نتيجة الاستفتاء ب "نعم" للدستور، ويتحدون الأحزاب المدنية والجماهير الرافضة الإعلان الديكتاتوري والدستور الجديد بالاحتكام إلي الصندوق ماداموا يحظون بالأغلبية كما يظنون. الأحزاب المدنية وجماهيرها يثقون بدورهم في أنهم أصحاب الأغلبية، خاصة بعد أن وحدوا صفوفهم وتوحدت طلباتهم وأثبتوا بالفعل أنهم يملكون جانباً شاسعاً من الشارع المصري كما رأينا في تظاهراتهم الحاشدة، والسلمية، الأخيرة. والسؤال المحير الآن هو: "مادام هؤلاء وأولئك يثقون في شعبيتهم، فلماذا لا يحتكمون إلي صندوق الاستفتاء؟!" الإجابة عن السؤال محيرة. فالمنطق الديمقراطي يدعونا لهذا الاحتكام، لكن تحذيرات التيارات المدنية من تلاعب الحزب الحاكم داخل الصناديق يُصعّب الإجابة ويُحد من الهرولة إليها. وبالمناسبة: تلقيت رسالة أمس من السيدة هبة رفعت تسألني فيها : "أنا ربة منزل، وبعد قراءة مقالك اليوم.. موش عارفه أقاطع وما أنزلش، ولا أنزل واقول لا؟!". حيرة السيدة هبة رفعت هي نفس حيرتي وكثيرين غيرنا، وتزداد مع تعدد آراء من يؤيدون مقاطعة الاستفتاء في مواجهة من يشجعون علي المشاركة. فمثلاً.. في برنامج 90دقيقة الذي تقدمه الإعلامية المتألقة ريهام السهلي قناة المحور أعجبني كثيراً، وحيرني أكثر، ما قاله المفكر الكبير الأستاذ عبدالغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي، ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقاً بعد أن استقال احتجاجاً علي الإعلان الدستوري المحصن وطعناً في مشروع التأسيسية لإعداد الدستور المعيب. في البدء.. ينبهنا الأستاذ عبدالغفار شكر إلي أن "دعوة الرئيس مرسي المصريين للاستفتاء علي الدستور تعتبر استكمالاً لمخطط وسيطرة جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا الي ان هذا الدستور صدر عن الجمعية التأسيسية التي تعبر عن فصيل سياسي واحد وغير متوازنة، ولا تعبر عن توازن حقيقي لأطياف القوي السياسية والمجتمع". و رغم هذا الرفض القوي، الصريح، للدستور إلاّ أن عبدالغفار شكر فاجأنا في رده علي سؤال مضيفته ريهام السهلي بأنه لا يتفق مع بعض الأصوات التي تطالب بمقاطعة الاستفتاء(..)، وأضاف قائلاً: "إننا سندعو الشعب المصري للذهاب والتصويت ب(لا) لأن المقاطعة اتجاه سلبي". .. وأتابع غداً.