التوجه الي مجلس الأمن لطرح القضية الفلسطينية عليه في الظروف الحالية ليس بالأمر السهل أو ببساطة هكذا.. بل يجب الإعداد له جيدا وبعمل دبلوماسي مكثف، حتي لا يصطدم في النهاية بالفيتو الامريكي. وفي هذه الحالة ستدخل عملية السلام في مرحلة من الجمود لا يعلم أحد كيف ستخرج منها ومتي. ولذلك كان قرار لجنة المتابعة العربية بأعطاء الوسيط الأمريكي شهرا إضافيا لإقناع اسرائيل بتجميد الاستيطان والعودة الي مائدة المفاوضات. هذا الشهر لا يقدمه العرب والفلسطينيون هدية الي امريكا أو مظلة شرعية لاسرائيل لممارسة الاستيطان كما تقول بعض الفصائل الفلسطينية، ولكنه أحد الأوراق للجانب الامريكي لتمكينه من ممارسة الضغط علي اسرائيل لتجميد فترة للاستيطان والعودة الي المفاوضات. وحتي يبدو العرب أنهم استنفدوا كل الطرق، وحينذاك عندما يلجأون الي مجلس الأمن والأممالمتحدة للحصول علي اعتراف دولي رسمي بوجود الدولة الفلسطينية، يضمنون عدم التصويت الامريكي ضد القرار. ومادامت الخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين تصب كلها في خانة العمل السياسي لتحقيق هدف إقامة الدولة، فإن الشهر سيكون فرصة لمزيد من الزخم الدبلوماسي لتكوين رأي عالمي رسمي مؤيد للموقف الفلسطيني في الأممالمتحدة، علي مستوي المجموعة الرباعية الدولية، والمشكلة من امريكا وروسيا والأممالمتحدة والاتحاد الأوربي. وضمان مساعدة هذه القوي وفي مقدمتها امريكا علي تنفيذ القرار عند صدوره. فكثير من القرارات الدولية صدرت من الأممالمتحدة بشأن القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي، ولم يتم تنفيذها أمام الرفض الاسرائيلي وعدم وجود الارادة الدولية لإجبار اسرائيل علي ذلك. ومن هنا يأتي المأزق الحالي لعملية السلام واستئناف المفاوضات المتجمدة. فأمريكا التي ألقت بثقلها كله خلال الشهور الماضية مهددة بالفشل في جهودها بعد استئناف اسرائيل للاستيطان. وهو أمر وضعها في موقف الضعف والإحراج وضياع هيبتها. ولابد ان تضخ افكارا جديدة أو إغراءات لاسرائيل، وإلا سيكون التحرك الدبلوماسي لعملية السلام بعد ذلك في اطار سياق جديد مثل عقد المؤتمر الدولي للسلام وغيره من أطر التحرك. والفلسطينيون يمثلون هم الآخرون جانبا من هذا المأزق بالانقسام الحاد بين السلطة الفلسطينية في رام الله بقيادة أبو مازن وحركة حماس في غزة وعدد من الفصائل الأخري المقيمة في سوريا، والتي تجد سندا لموقفها الرافض للمصالحة أو دعم موقف السلطة في المفاوضات، من بعض الدول العربية وإيران ولا يبدو في الأفق مصالحة بقدر ما تبدو نذر مواجهة. أما الحكومة الاسرائيلية، فهي الأسوأ في تاريخ اسرائيل بالنسبة للاستعداد أو وحدة الموقف تجاه السلام. ونتنياهو يخشي من انهيار ائتلاف هذه الحكومة وضياع مقعده في رئاسة الوزارة. بالاضافة الي قناعته بأيدلوجية سياسية متطرفة ضد الفلسطينيين من الأساس. فالانقسام داخل الحكومة قوي وأحد مظاهره وزير الخارجية ليبرمان الرافض للمفاوضات وغير المشارك فيها. ويدعم موقفه 51 وزيرا من وزراء الأحزاب اليمينية المتطرفة، بينهم خمسة من حزب اسرائيل بيتنا بقيادة ليبرمان و4 وزراء من حزب شاس برئاسة أيلي بشاي وزير الداخلية و5 وزراء من مجموع 41 وزيرا من حزب الليكود ووزير من حزب المستوطنين »البيت اليهودي«. وهذه الحكومة المهترئة لا يمكن ان تصنع سلاما -ولكن لا حل إلا بالمثل المصري »خليك ورا الكداب حتي باب الدار«.. فإسرائيل تكذب وامريكا تتجمل، وما علينا الا استنفاد كل الفرص حتي نصل الي باب مجلس الأمن ونضمن دخوله والخروج منه بقرار لاقامة الدولة الفلسطينية.