هناك من هددوا، يوم الجمعة الماضي، بالتوجه إلي ميدان التحرير الجمعة القادمة والاعتصام هناك إذا لم يتم تعديل المواد المتعلقة بالشريعة الإسلامية في مسودة الدستور.. فالغضبة مستمرة حتي يقيموا »شرع الله«، وقالوا إنهم علي استعداد لتقديم الغالي والنفيس! وسمعنا من قالوا إنهم لا يطمئنون علي أولادهم وأموالهم.. إلا بإسقاط النائب العام (!) كما ترددت هتافات معادية لفضيلة شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية.. وتطوع بعض المشايخ و»الدعاة« بتكفير من يصفونهم بالعلمانيين والليبراليين والاشتراكيين، والشيوعيين، لأنهم »أفاعي«، ويريدون »إطفاء نور الله بأفواههم« ثم ان »إبليس يساعدهم علي إخراج دستور شيطاني«.. إلي جانب أنهم »قلة جاهلة« و»تجار شنطة« يروجون لبضائع الغرب ويريدون »أن يحتكموا إلي الطاغوت« ويدعون إلي »الحريات المطلقة«. وتقدم من أراد أن يصدر الحكم النهائي في القضية علي قناة المحور، فقال إن »الديمقراطية أقذر من ورقة منديل نستعملها ونرميها«!!. ومن وجهة نظر كل هؤلاء أن الصراع الآن يدور بين الحق والباطل، وبعبارة أخري.. بين الإيمان، من ناحية، والكفر والإلحاد والباطل، من ناحية أخري! ولوحظ انتشار أعلام السعودية وأعلام تنظيم القاعدة في ميدان التحرير، ألا يعني ذلك أننا نواجه خطراً أفدح من الديكتاتورية.. وأقرب إلي الفاشية والإرهاب الفكري؟. فإذا كان كل صاحب رأي مخالف لرأي هؤلاء، كافرا وجاهلا وتاجر شنطة.. فما جدوي المناقشة والحوار؟. ثم، ما هذه الغطرسة والاستعلاء والغرور وادعاء احتكار الحقيقة؟. أتذكر الآن ما قاله أبوحنيفة النعمان: »علمنا هذا أي الفقه الإسلامي مجرد رأي، فمن جاءنا بأفضل منه.. قبلناه«. وقبل ذلك أتذكر الحديث النبوي: »لا تربوا أبناءكم علي ما ربيتم عليه، فقد خُلقوا لزمن غير زمانكم« و... »حيث تكون مصالح الناس.. فثم شرع الله«. وأتذكر أيضا عمر بن الخطاب »رضي الله عنه«، عندما قال: »إذا أراد الله بقوم سوءاً، سلَّط عليهم الجدل ومنعهم من العمل«. ولكن ما يحدث الآن، أن هناك من يريد أن يصرفنا عن تدبر حاضرنا ومستقبلنا ويدفعنا إلي إعادة طرح قضايا سبق حسمها قبل قرون. ثم إن الشريعة الإسلامية تم تطبيقها، ولا يوجد قانون يتعارض معها. والمشكلة الوحيدة التي نواجهها أن هؤلاء الذين يطالبون بتطبيق الشريعة، يرفضون في الواقع تطبيقها علي من ارتكبوا جرائم قتل واغتيالات ومن كذبوا علي الناس وخدعوهم حول جنسية الوالدة، وإخفاء واقعة تجميل الأنف، ومن ارتكب فعلاً فاضحاً في الطريق العام، ومن كذب بشأن لقائه مع أحد المرشحين للرئاسة، ومن هاجم المحصنات، مما يعرض المهاجم لأشد العقوبات وفق النصوص الدينية. أما عن مصالح الناس.. فماذا عن مصريين تتجاوز نسبتهم 05٪ تحت خط الفقر تصل النسبة إلي 08٪ في بعض مناطق الصعيد و24٪ محرومون من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والصرف الصحي والمياه النظيفة؟.. وماذا عن سيناء التي تتحول إلي وكر للتكفيريين الذين انتقلوا إلي ممارسة الإرهاب؟. كلمة السر: مصالح الناس