أما الرجل، فهو أكمل أحسان اوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي .والقضية حقيقة موقف المنظمة ،من القضية التي فرضت نفسها علي الساحة، والخاصة بالمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المسلمون في ميانمار. والوقائع تؤكد، أن هناك نوعين من الذين يتولون مهمات إدارة العمل، في منظمات إقليمية ودولية. الأول، يعتبر نجاح دولته في وصوله إلي المنصب ،هو مكافأة "نهاية الخدمة" ويكتفي بوجوده في المنظمة، مستمتعا بالمزايا ،والتسهيلات، ووجاهة المنصب. دون أي تحرك، أو انجاز. يعد الأيام حتي تنتهي فترة ولايته. والنوع الثاني، وفي المقدمة منهم د. أكمل إحسان اوغلو ،والذي ساهم في إحياء تلك المنظمة، وأضفي عليها من حيويته، وديناميكيته، وقدراته الخاصة ،المرتبطة بتاريخ طويل من العمل الفكري، والسياسي .أدرك د.اوغلو أن مهمته تتجاوز مسالة الإدارة ،إلي طرح المبادرات ،وتقديم الأفكار، خلق علاقات مع الدول الأعضاء ،تساعده علي النجاح .خاصة الدول المحورية منها، فما بالك إذا كان الرجل يعتمد علي دولته تركيا ،بكل ثقلها الإسلامي .والسعودية دولة المقر. ومصر بدورها الريادي في المنظومة العربية والإسلامية. واندونيسيا وباكستان والسنغال وغيرها. دون إهمال لأي عضو في المنظمة . يعرف أن منظمة التعاون الإسلامي ،مثلها كل المنظمات في العالم ،هي حصيلة مواقف دولها من أي قضية .ولكن ذلك لم يمنعه من السعي إلي تطوير آليات العمل فيها والتوصل إلي توافق بين الأعضاء. حول خطط عشرية لزيادة التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري بين دول المنظمة. وقد لا أبالغ إذا قلت ،أن الرجل أعاد" أحياء المنظمة" من موات حقيقي، ساهم فيه من سبقوه في المنصب. خاصة وان كان واعيا منذ اليوم الأول لوجوده ،القيمة الحقيقية للمنظمة، وتنوع أعضائها، وهي الثانية بعد الأممالمتحدة ،من حيث عدد الأعضاء، وفي عهده سعت دول كبري، مثل أمريكا وروسيا إلي تعيين مراقب لها في المنظمة .استشعارا بأهمية الدور الذي تقوم به، والفاعلية التي تتعامل بها مع كل القضايا المطروحة ،إقليميا ودوليا .وبعضها علي تماس تام مع اهتمامات الدول ألكبري. أما القضية ،فهي المذابح التي تعرض لها المسلمون الروهينغيا في ميانمار. والتي تحولت إلي مأساة إنسانية ،وتطهير عرقي. ومن الطبيعي أن تحظي تلك القضية ،بكل الاهتمام من منظمة التعاون الإسلامي .خاصة وأنها تهم وضع إقليم مسلم في دولة آسيوية .وتحولت إلي صفقة سياسية. يدفع المسلمون ثمنها، خاصة مع رغبة دول الغرب .في تطبيع العلاقات مع ميانمار. لأسباب اقتصادية وتجارية ،مقابل غض الطرف عن انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان من جهة .وعدم الالتفات إلي المأساة الإنسانية ،والمذابح التي يتعرض لها المسلمون هناك , وقد يكون لدي الأزهر الشريف بعض الحق، عندما أصدر منذ أيام بيانا. دعا فيه إلي عقد مؤتمر طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة. لبحث سبل إنقاذ المسلمين الروهينغيا في ميانمار. ولكن غاب عن الأزهر، حجم الجهود التي بذلت بهذا الخصوص في الأشهر الماضية .كما ان القضية نفسها مدرجة علي جدول أعمال ،الدورة التاسعة والثلاثين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة والتي ستنعقد في جيبوتي الخميس القادم .كما كانت احد ابرز القضايا ،التي ناقشها قادة الدول الإسلامية، أثناء الدورة الطارئة الرابعة لمؤتمر القمة الإسلامي، التي عقدت في مكةالمكرمة نهاية رمضان الماضي، والتي شارك فيها ملوك ورؤساء الدول الأعضاء في المنظمة. والذين لم يكتفوا بشجب الأعمال العدوانية التي ترتكب ضد الروهينغيا المسلمين، بل قرروا تقديم الدعم المالي وتعيين مبعوث خاص للمنظمة حول هذه القضية.، وبعدها مباشرة أرسل د. أكمل اوغلو وفدين رفيعي المستوي إلي ميانمار. وقد بحث الوفدان الوضع مع رئيس ميانمار وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، وتم رفع تقريريهما إلي الأمين العام للمنظمة. وقد تمكنت منظمة التعاون الإسلامي من التوصل، وتوقيع اتفاقية مع حكومة ميانمار. تتيح بموجبها فتح مكتب إنساني للمنظمة لتنسيق المعونة الإنسانية للمتضررين هناك.مما خلق توجها في التأني في طرح القضية أمام الأممالمتحدة .رغم عقد الاجتماع الأول لمجموعة اتصال منظمة التعاون الإسلامي حول قضية الروهينغيا، وذلك علي هامش الدورة السابعة والستين للجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تم التأكيد علي توفير الدعم للمسلمين الروهينغيا في ميانمار لاسترجاع حقوقهم المشروعة في المواطنة، وحقوقهم الإنسانية كما قام الأمين العام الدكتور اوغلو ببحث القضية مع الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة والعديد من قادة العالم، ، لحشد الدعم للمسلمين هناك.تقوم المنظمة حالياً بالمشاركة مع عدد من المنظمات الإنسانية الإسلامية والدولية بتقديم المساعدات الإنسانية لهم. كما كان للمنظمة الدور الأبرز في توحيد 25 منظمة أهلية تمثل كل المسلمين هناك تحت هيئة موحدة تسمي اتحاد روهينغيا آراكان، وذلك خلال اجتماع عقد في مقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة في مايو قبل الماضي وتدرك المنظمة وتتفهم وفي المقدمة منها الأمين العام د. اكمل اوغلو بأن ما تم القيام به من مبادرات وتحركات بهذا الخصوص، سواء بصفة ثنائية أو بطرق متعددة الأطراف لا يمكنها لوحدها رفع ما يتعرض له المسلمون الروهينغيا من ظلم واضطهاد. إلا أنها تعمل بما أتيح لها من قدرات،تظل في نهاية الأمر محدودة وقد تكون عاجزة علي وضع حد لهذه المأساة وهي بحاجة إلي الدعم الكامل من المجموعة الدولية بصفة عامة، ومن كل الدول الأعضاء بالمنظمة علي وجه الخصوص للوصول إلي نتيجة ملموسة. فهل تفعل نحن في الانتظار!!