إبراهيم سعده حتي لو "تنازل" أصحاب الأغلبية العددية في لجنة التأسيسية، وقبلوا الإبقاء علي المادة (2) كما هي، واستمرار صلاحية النص علي أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للشريعة"، فإن كلمة "مباديء" الشريعة ستتغير إلي "أحكام" الشريعة في المواد المتتالية من مشروع دستور التأسيسية. وهذا ما أبرزته، وحذرت منه، المحامية البارزة مني ذوالفقار في الدراسة القانونية المهمة التي أعدتها ، وانفردت صحيفة"التحرير" بنشرها منذ أيام. ففي المادة (03) والمادة (86) والمادة (912) المتعلقة بالحقوق والحريات للمرأة و مساواتها مع الرجل في كل المجالات، حرصت الأغلبية العددية في التأسيسية علي إنهائها بعبارة: "دون الإخلال بأحكام وليس مبادئ الشريعة الإسلامية. التعديل الذي اقترحته مني ذوالفقار علي تلك المادة أنهي هذا التناقض بين المادتين بحذف كلمة "أحكام" الشريعة في المادة (03) وغيرها من مواد سبقتها أو تلتها، مادامت المادة (2) سبق وأن نصت علي "مبادئ" الشريعة. لم تكتف كاتبة الدراسة بهذا الاقتراح المنطقي، وإنما استبقت اتهامات السلفيين لها ب "العلمانية"، و "الشيوعية"، و"الكفر بالإسلام"، وأوضحت مبرراتها الدستورية والمحايدة لهذا التعديل قائلة: [إن النص علي عدم الإخلال "بأحكام الشريعة الإسلامية" عند النص علي المساواة يخلق مقياسا غير متسق مع المادة (2) من الدستور (مبادئ الشريعة) وليس (أحكام الشريعة) كما يسئ للشريعة الإسلامية حيث يتهمها ظلماً أنها ضد مساواة المرأة بالرجل، في حين أن المساواة مطلقة بين المرأة والرجل وفقا للشريعة في الأهلية، والحقوق، والتكاليف، والثواب، والعقاب.. وهو معيار المساواة المعترف به قانوناً. إن نص المادة (2) من الدستور هو المظلة التي تضمن إتساق جميع التشريعات مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع بموجب تعديل الدستور في عام 1980 مما يجعل التحفظ الوارد "بعدم الإخلال بأحكام الشريعة" غير مطلوب، ويشكل سندا للإضرار الكيدي والعصف بحقوق المرأة وفقا للشريعة الاسلامية أمام المحاكم دون أي مبرر منطقي أو قانوني]. وتضيف الأستاذة مني ذوالفقار قائلة: [القول بأن هذا التحفظ مطلوب لتأكيد عدم المساواة في الميراث وفي تعدد الزوجات ، مردود بأن قانون المواريث يطبق أحكام القرآن الكريم وفقا للمادة (2) من الدستور. كما أن المواريث تقوم علي فلسفة شاملة أساسها درجة القرابة من المتوفي ومدي إلتزام الوريث بالإنفاق، ولا تقوم علي أساس التمييز بين الرجل والمرأة. ولا يجوز الإعتداد برخصة تعدد الزوجات الاستثنائية. كما لا يعتد بحق المرأة الاستثنائي في أجازات الحمل والولادة كدليل علي عدم المساواة]. تغوّل الأغلبية العددية في التأسيسية لم يكن خافياً أيضاً علي القانونية القديرة مني ذوالفقار. ففي دراستها الشاملة لمسودة دستور تلك الأغلبية، وضعت يدها علي العديد من المواد التي تتخوف منها، وطالبت بإلغائها أو علي الأقل تعديلها، متسائلة : "هل نتراجع عن موقفنا من حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية الثابت في دستور 3291 و دستور 1791، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟!". سؤال صريح، تحذيري، واستنكاري.. نتابعه غداً.