أتمني الا يكون المجلس الأعلي للصحافة عازما علي حل مشكلة الإصلاح في المؤسسات القومية من باب توسيع نشاط " قهوة المعاشات" وهو التعبير الذي أطلقه الزميل الأستاذ محمد حسن البنا رئيس التحرير وهو الأدق لوصف حالة الصحفيين الذين بلغوا الستين من العمر والمجلس عازم علي الاستغناء عن خدماتهم ومطلوب منهم الانضمام لزبائن المقهي لعل وعسي أن مهنة الصحافة تختلف تماما عن أي مهن أخري فهي مهنة الإبداع حيث لا توجد سن معينة للتوقف عن الإبداع أو التجلي .فالصحفي ليس موظفا عند الحكومة وإن كان قد حدث علي يد عبد الناصر في الستينيات! أكتب هذا الكلام منطلقا من الخوف علي المهنة لا أكثر ولا أقل وليس لي مآرب أخري فبعد لم أبلغ الستين وأمامي سنوات لا يعلم المرء ماذا سيجري فيها فالصحافة القومية أضحت علي المحك وبات الصحفيون علي شفا حفرة من نار لا يعلم أحد مداها وهل تستعر تلك الحفرة فتحرق نارها الجميع بعد أن تهدد استقرار الأسرة الصحفية في غمضة عين. ظني وأن بعض الظن إثم أن ما يحدث في المؤسسات الصحفية القومية ما هو إلا خطة جهنمية لإقصاء كبارها والتخلص منهم دفعات وكأن العلاج الذي توصل اليه مجلس الشوري هو الحل السحري لتسديد ديون هذه المؤسسات وهو قول حق يراد به باطل. إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم والأسرة الصحفية تستحق ما يجري لها فقد هانت عليهم مهنتهم وتفرق شملهم فهم قوم لسان حالهم الكلام الذي لا يجيدون غيره وقد بارت بضاعتهم في الأسواق حينما سبحوا باسم الحاكم واتخذوا من التابعين وتابع التابعين أولياء الشيطان. من الغريب أن الصحفيين هم أقل الفئات دخلا في مصر ومن المدهش أنهم لا يشكون ولا يتبرمون فمذهبهم " الصيت ولا الغني " والناس لا يصدقون أن أبناء صاحبة الجلالة يشكون من الفقر والعوز بسبب فئة قليلة ممن تركوا الصحافة وذهبوا للعمل بالفضائيات أو كتابة السيناريوهات .. هؤلاء الذين سترونا أمام خلق الله .فمظهرهم الذي ينم عن الثراء جعل أذلة أهل المهنة أعزاء! الوجع كبير ومؤلم وبدلا من إصلاح هيكل أجورهم وجعلهم مثل خلق الله من المعلمين والصيادلة والأطباء يوصي الملاك الجدد بمجلس الشوري بإحالتهم إلي التقاعد .. ما يحدث للصحفيين الآن ينطبق عليه المثل الدارج " باب النجار مخل ".