أوباما بين أسرته لايستطيع احد ان يجزم من الفائز بانتخابات الرئاسة الأمريكية.. فالساعات والدقائق الاخيرة قد تغير كل المعطيات والتوقعات حتي المؤكدة.. ومع ذلك فإنني اميل للاتفاق مع الكاتب البريطاني روبرت كورنويل بصحيفة الاندبندنت الذي يرجح فوز أوباما لاسباب لا تتعلق بميت رومني مرشح الحزب الجمهوري بقدر ما تتعلق بحملة أوباما الانتخابية، منها ان الديمقراطيون يؤمنون بشكل حقيقي انهم سيفوزون في الاتخابات بعد شهور من حالة عدم اليقين. فرغم ان سحر أوباما تحطم علي صخرة الواقع الاقتصادي- كما يري الكاتب- الا انه يحظي بحملة انتخابية قوية تعمل تحت تصرفه.. كما ان فريقه لم يرتكب أي خطأ تقريبا خلال السنوات الاربع الاخيرة.. بعكس رومني الذي تتحدث التقارير عن اقتتال داخلي في اوساط فريقه وهو ما يعتبر مؤشرا قويا علي ان الامور لا تسير في الاتجاه الصحيح. بالاضافة الي ذلك فإن أوباما اصبح سياسيا هائلا جعل البيت الابيض نظيفا من الفضائح علي مدي السنوات الاربع الماضية باستثناء بعض الاخطاء.. بالاضافة الي كون حملة أوباما مزيجا من الاستراتيجية الذكية والتكنولوجيا الفائقة الذكاء والتوسع الانتخابي علي الارض.. الظروف ايضا خدمت أوباما مؤخرا عندما نجح في تفكيك لغم اقتصادي كاد يفجر حظوظه الانتخابية في الفوز بعد اعلان وزارة العمل الشهر الماضي ايجاد 171 ألف وظيفة جديدة وابقاء مستوي البطالة أقل من 8٪. منذ بداية الحملة الانتخابية للرئاسة كانت نظرية أوباما وفريقه للسباق تقوم علي ان ذلك السباق سيتوجه باختيار قائم علي المقارنة بينه وبين المرشح الجمهوري في الوقت الذي اعتبر فيه رومني السباق الانتخابي انه سيكون بمثابة استفتاء علي أوباما.. ولكن اكتشف كل من أوباما ورومني في نهاية السباق ان انتخابات هذا العام ستكون مزيجا من الاثنين معا. فرومني الذي يسعي لإزاحة الرئيس المنتهية ولايته يجد ان عليه اثبات صحة حججه.. أما أوباما الذي يسعي للتشبث بمنصبه وجد ان عليه ان يقنع الناخبين ليس فقط بأن البديل اسوأ وانما أيضا انه يستحق بالفعل الانتخاب لفترة ثانية.. ولذلك فان اوباما خصص جزءا كبيرا من حملته لتذكير الامريكيين بالتقدم الذي احرزه علي مستوي الطبقة الوسطي وفرض رقابة علي البنوك وايجاد وظائف واستقرار مستوي البطالة.. وأعاد إحياء شعار التغيير الذي كان سببا في فوزه عام 8002 بالرئاسة عندما اكد لانصاره مؤخرا اننا لا يمكن ان نتخلي عن التغيير. ورغم ان كثيرا من الامريكيين يأخذون علي أوباما انه قطع وعودا عديدة لم يستطيع ان ينفذها كلها بعد ان فاز بالرئاسة بعد ثماني سنوات عجاف من حكم جورج بوش الابن ترتب عليها ازدياد الاقتصاد تدهورا. وضعف الدولار وتزايد ازمة أمريكا المالية الا ان الكثير منهم لا يصدقون وعود رومني الانتخابية ويأخذون علي محمل الجد تحذيرات أوباما من رئاسة رومني علي انها سوف تكرر السياسات التي ادخلت البلاد في دوامة المشاكل المالية والتي بدأت في عهد بوش الابن.. ولكن هذا لا يضمن ثبات المزاج الامريكي وسط تضارب استطلاعات الرأي في هذه الانتخابات التي تعتبر ربما الاقل وضوحا في توقعاتها.. حيث سعي أوباما ومنافسه علي استمالة المترددين في الولايات المتأرجحة.. خلال الساعات الاخيرة. حملة أوباما الانتخابية اعتمدت علي برنامج الحزب الديمقراطي والذي تم التصديق عليه في مؤتمر الحزب الذي عقد في سبتمبر الماضي وكان من اهم معالمه رفع الضرائب علي الاغنياء ودعم برنامج الرعاية الصحية وانعاش الاقتصاد ودعم زواج المثليين ودعم حق الاجهاض وبالنسبة للدفاع فقد اقر برنامج الحزب علي ان الديمقراطيين قاموا بإنهاء حرب العراق بطريقة مسئولة.. ووضعوا تنظيم القاعدة علي طريق الهزيمة بمقتل زعيمه اسامة بن لادن.. وكبحوا تقدم حركة طالبان مما يمهد لانسحاب القوات الامريكية من افغانستان قريبا. كما تبنت حملة أوباما التأكيد علي منع ايران امتلاك سلاح نووي وعلي العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن واسرائيل والتزامه.. بأمن اسرائيل.. ورغم ان الدول العربية تعتبر أوباما لم يف بوعوده باتباع سياسات جديدة في المنطقة.. الا أنهم مازالوا يفضلونه علي المرشح الجمهوري رومني الذين يعتبرونه شديد الرغبة في استعراض القوة العسكرية الامريكية وقريب الشبه من بوش الابن.. لكنهما يتفقان علي ان انهما يتنافسان علي الولاء لاسرائيل.. ولا يعير اي منهما القضية الفلسطينية اي اهتمام. علي الصعيد الداخلي الامريكي يحظي أوباما بتأييد كبير بين الفقراء والطبقة المتوسطة بسبب اهتمامه بالتعليم وتقديمه الكثير من الدعم المادي لمختلف المنظومات التعليمية والمساعدات المالية لمحدودي الدخل.. والتزامه بالقانون الجديد للرعاية الصحية الذي يقدم رعاية اكبر للمرضي وهي خطة رفضها الجمهوريون بشدة وحاولوا عرقلتها في الكونجرس وعندما فشلوا تعهدوا بالغائها.. فقد تعهد رومني بالغاء برنامج »أوباما كير« في أول يوم له في البيت الابيض اذا فاز في الانتخابات. ورغم ان كل التوقعات اكدت علي ان اعصار ساندي قد يغير هذا العام الحسابات الانتخابية للمرشحين حيث ظهرت مخاوف من ان يؤثر انقطاع التيار الكهربائي بصورة اساسية علي سير الانتخابات الا ان تعامل أوباما مع الكارثة قوبل بالاشادة وخاصة من مايكل بلومبرج عمدة نيويورك الجمهوري الذي اعلن دعمه لأوباما في حملته الرئاسية.. والذي يأتي ايضا بعد دعم كولن باول وزير الخارجية السابق له وهو ما قد يساعد أوباما في الحصول علي اصوات شركة المستقلين والمعتدلين والتي تأخذ علي الحزب الجمهوري جنوحه الي اليمن.. ومع ذلك لا شيء مضمونا.. وعلي الاخص في الولايات المتأرجحة حيث يحاول أوباما في الساعات الأخيرة استعادة ظاهرة الجماهير الكبري التي ميزت انتخابات عام 8002. باراك حسين أوباما- ولد في 4 أغسطس 1691- تولي الرئاسة الامريكية لاول مرة في 02 يناير عام 8002 بعد حملة انتخابية صعبة كان عنوانها التغيير.. حقق فوزا خلالها في بعض معاقل الجمهوريين مثل أوهايو وفيرجينيا وهو أول رئيس يصل للبيت الابيض من أصول أفريقية. تخرج في كلية كولومبيا بجامعة كولومبيا.. وكلية الحقوق بجامعة هارفارد.. قبل حصوله علي المحاماه كان يعمل في الانشطة الاجتماعية في شيكاغو.. بعد تخرجه عمل مستشارا للحقوق المدنية هناك ثم قام بتدريس مادة القانون الدستوري، كلية الحقوق جامعة شيكاغو في الفترة من 2991- 4002. فاز بمقعد مجلس الشيوخ عن ألينوي ثلاث فترات.. في فبراير عام 7002 خاض منافسات الرئاسة وبعد حملة شديدة داخل الحزب الديمقراطي حصل علي ترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية بعد تغلبه علي منافسته هيلاري كلينتون ليصبح أول مرشح للرئاسة من أصل أفريقي استطاع أن يهزم المرشح الجمهوري جون ماكين ويصبح رئيسا للولايات المتحدة أربع سنوات.. ويسعي للفوز بفترة رئاسية ثانية.