في مكان جميل »قرية العزبة« قرب شبرامنت. اقيم الحفل السنوي في ذكري استشهاد البطل ابراهيم الرفاعي. بعض من افراد المجموعة 93 آخرون ممن ارتبطوا بهم، لكل منهم سيرة تصلح نموذجا. أعرف الكثير من التفاصيل. بعضهم كان يذكرني بمواقف مشتركة مررنا بها في الجبهة. الزمن غير الملامح والقامات التي كانت مفرودة بعضها صار منحنيا وأخري تضعضت مع التقدم في العمر، غير أن شعورا عاما يتولد شيئا فشيئا مع الحوارات والاستماع الي الكلمات أن الارواح لم تهن ولم ينل منها الوهن البادي علي الأبدان. ثمة رغبة قوية في الإبقاء علي الذكري حية. والأواصر ممتدة، واللقاء متجددا حتي وإن جري كل سنة مرة، ورغم الحديث عن ايام الكفاح في الماضي وأستعادة الوقائع التي حكاها البعض ببساطة ولغة سهلة، احدهم كان طبيبا ومازال، قال إنه ذهب الي ابراهيم الرفاعي وقال له »نفسي ابقي فدائي..«، وانضم بالفعل الي المجموعة. رغم الماضي الزاخر بالعبر فإن ابصارهم متجهة الي الحاضر، ثمة احساس عميق بأن الجيش أهين رغم الموقف الذي اتخذه من الثورة، مصادر الاهانة عديدة. بعضها نتيجة عدم النضج والكثير منها نتاج تخطيط من قوي تريد انهاء وجود المؤسسة العسكرية الاقدم في العالم. الجيش العربي الوحيد الذي مازال متماسكا. ثمة احساس عند المحاربين القدامي أن المشير خرج بطريقة غير لائقة، رغم قلادة النيل. ويمكن القول ان انظار اولئك الذين تقاعدوا والذين في الخدمة الآن مترقبة لما سيكون. احد الابطال قال لي »نعرف انه مازال هدفا وانهم سيلحقون به الاذي..«، بالنسبة لي قلقي الاساسي علي المؤسسة. وعلي دورها. وعلي ما يخطط لها. ومدي تأثير نمو الميلشيات الحالي علي الجيش، هذا خطر من الداخل. واخطار الداخل أخطر من تلك القادمة عبر الحدود، كان الحديث صريحا، وكان الترحيب متركزا حول أحد رموز القوات المسلحة، الفريق جلال هريدي. وهو اسطورة بطل معني الكلمة. انه مؤسس سلاح الصاعقة. قال اللواء حسن العجيزي أحد أهم ابطال الصاعقة وهو يشير اليه. أحب هذا الرجل. احب ان اناديه »سيادة المقدم..« كما كنت في الزمن القديم. عندما كان قائدا لي وللصاعقة. الكل احاط بجلال هريدي مثل الاولياء فماذا يجدون فيه.