كمال زاخر فى حواره مع »الأخبار« بعد ثورة يناير قفز الأقباط من فوق سور الگنيسة إلي الشارع كمال زاخر الناشط السياسي كمال زاخر في حوار موضوعي صريح (للأخبار) أكد ان الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعي لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط من خلال تقسيم دول العالم العربي إلي دويلات، وأن دعوة هولندا لمسيحيي مصر للهجرة إليها وطلب اللجوء السياسي هو جزء من مخطط التفتيت، ويري ان الأقباط قفزوا من فوق سور الكنيسة إلي الشارع بعد ثورة يناير وأعلنت الكنيسة انها لا تعبر عن الأقباط سياسيا ولهذا يري أن تبقي المؤسسة الدينية دينية والسياسية سياسية، ويضيف ان الشارع المصري هو أكبر ضمانة للأقباط لعدم شعورهم بالاقصاء ما لم يتم خطف التعليم والثقافة والفنون والإعلام. ويشير إلي أن كلمة »الاخوة الأقباط« ليست تكريما إنما هي نوع من العزل! والكثير في هذا الحوار الصريح: دعنا نبدأ من حيث انتهت الأحداث حولنا، ونسألك ما رأيك في الدعوة التي وجهتها هولندا للمسيحيين في مصر من أجل اللجوء السياسي؟ هذه الدعوة هي شأن خاص بهولندا، وأنا أتصور أنه وفي اطار العلاقات بين الدول ليس هناك وصاية من دولة علي دولة، وبالتحديد فيما يخص المسيحيين. وهل هناك دوافع؟ القرارات بالضرورة تعبر عن مصالح معينة للدولة التي أصدرتها وبالتالي فهو ليس حبا وكرامة في أقباط مصر، بقدر ما هو تحقيق لمصالح الدولة وربما تكون أيضا جزءا من منظومة أكبر أو لعلها تكون الجزء الظاهر من اللغم العائم في بحر مصر وهو (التفتيت). وهل لدي هولندا دوافع وأسباب ظاهرة وباطنة تقف وراء هذه الدعوة؟ أنا لا أستطيع أن أحكم علي النوايا لأن القرار السياسي له أسباب عديدة، ويمكن أن نقرأ ما نراه من ظواهر الأمور.. وأتصور أنها ترتبط بما سمي مؤخرا بالشرق الأوسط الجديد، وربما تعميق فكرة الدولة الدينية، والتي ابتدعتها في المنطقة إسرائيل. وبقاء إسرائيل في المحيط العربي لا يمكن أن يستمر في ظل التوازنات الجغرافية والبشرية إلا إذا كانت هناك دول أخري تمثلها في المحيط العربي وتقوم علي فكرة الدين. وبالتالي علينا أن نفهم، لماذا قامت كل هذه الثورات العربية في وقت واحد وكأنما العرب قد استفاقوا مرة واحدة؟! انني أري أن ما حدث وسوف يحدث هو جزء من السعي لما أعلنته الولاياتالمتحدةالأمريكية وربما قبل أكثر من عشرين عاما، بشأن الشرق الأوسط الجديد وعن طريق أجهزة مخابرات دولية تسربت بعض الخرائط وربما كان آخرها الخريطة التي تم الكشف عنها عن مصر المقسمة إلي خمس دويلات. في هذا السياق هناك من يتساءل ولماذا لم تكن هناك فتنة طائفية أيام حكم عبدالناصر؟ أولا لم يعط لها فرصة للظهور علي السطح، حيث كان هناك شغف شعبي بالالتفاف بالزعيم رغم وجود مشاكل للمسيحيين في اطار الاندماج الوطني ولم تصل إلي حد الأزمة. هذا عن فترتي عبدالناصر والسادات فماذا عن فترة حسني مبارك؟ كل الأمور في عهده كانت تسير وفق نظرية القصور الذاتي، لكن المشكلة كانت قد كبرت أيام السادات الذي حضر العفريت ولم يتمكن من أن يصرفه وفق المثل الشعبي. بالاضافة إلي وجود قوي خارجية كانت متربصة بمصر التي ستظل قوة عظمي حتي ولو أصابها الوهن في لحظة ما. ونحن في مصر ندفع فاتورة الموقع الذي يتميز به هذا البلد وفق ما ذكره المؤرخ جمال حمدان. الأوضاع بعد الثورة وما رأيك فيما يقال من ان أوضاع المسيحيين في مصر قد ساءت كثيرا بعد ثورة 25 يناير عما كانت عليه قبل ذلك؟ هذا قول صميم علي اطلاقه، ولكننا لابد أن نقرأه في الوضع المصري خاصة الداخل منه.. أصبح الكل يشكو.. إذن المعاناة العامة.. ذلك لأن الأحلام التي واكبت ثورة 25 يناير كانت قد وصلت إلي عنان السماء وتصورنا أننا سوف نبدأ من بعدها عصر الرفاهية كما حلمنا طوال ستين عاما. ولكن الصدمة جاءت من الواقع الذي أصبحنا نعيش فيه، ورأينا الانقضاض علي الثورة، سواء من الذين كانوا يعدون لهذا الانقضاض منذ سنوات طويلة أو من رموز النظام السابق. نريد تحديداً أكثر لهذه الفئات؟ انني أقصد هنا أصحاب التيار الإسلامي الذين كانوا يعدون لهذه اللحظة منذ عام 1927 أو 1928، وبدعم من قوي اقليمية لا تريد فقط تحقيق الحلم الإسلامي بل الانقضاض علي الحلم المصري. ثقافة سائدة نعود مرة أخري كي نسألك عن الجديد في ملف الأقباط ومشاكلهم في مصر؟ إن هناك حالة من الثقافة السائدة الآن في الشارع المصري بأن التعامل مع غير المسلمين يجب أن يتم بطريقة مختلفة باعتبارهم أقل في المواطنة. وهذا شعور تدعمه العديد من الوقائع. منها علي سبيل المثال دائما نردد لفظ الاخوة الأقباط.. هذا اللفظ الذي يبدو في الظاهر نوعاً من التكريم ولكنه في النهاية يعبر عن حالة من حالات العزل. ولكن في تصوري أن هذه الألفاظ التي يصدرها الإنسان المصري تتم بشكل عفوي أو غير مقصود؟ أنا أري أنها نوع من الاصطفاف الثقافي بمعني: أنا والآخر وكان في عصر عبدالناصر إنما تجد أن عبقريته كانت في أنه نجح في نحت لفظ (أيها المواطنون) في اللغة السياسية، وبالتالي فإنني لا أتمني (المواطن المصري)، وثانيا مسألة دور العبادة، فعندما تتحدث عن هذا المفهوم يتبادر إلي الذهن عند المتلقي انك تتحدث عن بناء الكنائس، مع ان اللفظ يشمل كل دور العبادة الإسلامية والمسيحية من هنا حتي تجد أن التيار الإسلامي السياسي طالب باستبدال هذا اللفظ بلفظ بناء الكنائس. وهذه أراها اشارة في منتهي الخطورة. أضف إلي ذلك وهناك تخصصات يمتنع علي الأقباط العمل بها. ولن أحدثك عن رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، بل سوف أحدثك في المعاملات العادية، مثلا في كليات الطب، هناك أقسام بعينها ممنوع علي الأقباط الالتحاق بها. قوي إقليمية وهل في تصورك أن هناك جهات خارجية تقف بالمرصاد دون تحقيق مطالب المسيحيين لتظل مشكلة دائمة؟ هناك قوي اقليمية تريد هذا، لأن القضية هي ان مصر الشقيقة الكبري. وهذه القوي الاقليمية تحكمها كذلك الفارق الحضاري بيننا وبينهم، ودعني أعود مرة أخري كما أحدثك عن المشاكل القبطية المصرية، وأعود للوظائف، وظائف لا يحق للقبطي الالتحاق بها بخلاف كليات الطب مثل المخابرات العامة والحرس الجمهوري والقضاء عند مستوي معين إلا قليلاً من الأقباط خاصة في القضاء الإداري بالذات. وهل في تصورك توجد دوافع لاستمرار ذلك حتي اليوم؟ طبعا دوافع تتعلق جميعها بالقراءة الدينية للمشهد السياسي. وأريد أن أقول إن ما جعل الأقباط لا يشعرون بالاقصاء أو الخوف هو الشارع المصري نفسه، فأنت تري في البناية الواحدة تجد المسلم والمسيحي، كما نشترك جميعا ربما في أسماء واحدة ومتشابهة. وبالتالي فأنا أري هنا أن الشارع المصري يلعب الآن دورا مهما في عدم تفتيت مصر.. وعليك أن تسألني لماذا؟! أقول لك بسبب استمرار الألفة بين الأسر وكذلك الواجبات الاجتماعية المشتركة والتي لا تفرق بين مسلم ومسيحي. ومع ذلك فالشارع المصري هو الضمان الوحيد لصدع تفتيت مصر وحتي الآن.. ما لم يتم خطف التعليم والثقافة والفنون والإعلام. وهل تري أن التيار الإسلامي يسعي لمعاملة المسيحي بشكل خاص من أجل أن يساهم في تأجيج فكرة التعصب؟ اننا لا نستطيع أن نعمم ونقول التيار الإسلامي كله، وإنما نقول بعض القوي داخل التيار الإسلامي. لأنني مثلا أري أن الأزهر جزء من التيار الإسلامي وشيوخ الأوقاف والصوفية وآخرين، وهكذا. ولكن دعنا نقول بأن هناك بعض التيارات ممن يرون أن القضاء المصري لن يقوم إلا علي أرضية إسلامية وبالتالي فتراهم يقولون هنا يجب أن يرحلوا. وهل هؤلاء المحرضون من وجهة نظرك لديهم مبررات؟ نعم.. لديهم مبرراتهم، خاصة من الذين يتمسكون بالتشدد الخاص بالمدارس الفقهية، ومنهم فئة لا تري إلا الاظلام. ودعني أضرب لك مثالا تاريخيا مهما وهو ان الإمام الشافعي وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة كان يلتزم التشدد في بعض آرائه ولكنه عندما أتي إلي مصر وأقام بها عدل عن هذه المواقف المتشددة وأصبح إمام المعتدلين، بالتالي نراه قد انحاز إلي الإنسان. من هنا أقول لك ان نظرية التصحر فيما نراه الآن ليست مصرية المنشأ. بدليل أن كل الفتاوي المتشددة ظهرت مع عودة المهاجرين المصريين من دول الخليج. نحن والضمانات دعنا نقترب من الشأن العام ونسألك عن ماهية الضمانات الواجب توافرها في الدستور الجديد بهدف اعلاء شأن المواطنة؟ ضرورة تجريم كل من يحاول المساس بالحقوق الأساسية للمواطن، ومن أهمها حرية العبادة وحرية التعبير، وحرية الاعتقاد. وبالتالي فإن أي قيود تفرض علينا فهي تقيد فكرة الانتماء للوطن، ونحن جميعا نعرف ان مصر تعيش بالتنوع الثقافي والحضاري منذ آلاف السنين. وماذا عن العلاج؟ بعد 25 يناير قفز الأقباط من فوق سور الكنيسة وعادوا إلي الشارع، هذا لأن الكنيسة قد أعلنت انها لا تعبر عن الأقباط سياسيا. وهذا لم نكن نسمع به قبل ذلك. وعلي ذلك أري ضرورة أن تبقي المؤسسة الدينية مؤسسة دينية والسياسية سياسية، وبالتالي لا نتعامل مع الأقباط علي أن لهم ممثلاً دينياً كاملاً ممثلهم الحقيقي بعد الثورة عضو مجلس الشعب ورئيسهم هو رئيس الجمهورية سواء اختلفت معه أو اتفقت، ومادام قد أقسم اليمين فقد أصبح رئيسا لكل المصريين. وعليه في المقابل أن يتخلص من فكرة أنه يمثل تياراً بعينه. علينا أن نبدأ بتأكيد كل ذلك في الدستور، والتركيز علي القول ان كل المواطنين متساوون أمام القانون يتم تفعيلها وكذلك ضرورة تفعيل أن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات وأن الحريات مكفولة لكل الناس بصرف النظر عن الدين أو العرق وهكذا. أخشي المفاجآت وهل تشك في امكانية تحقيق المساواة والمواطنة في الدستور الجديد؟ إن الخوف مما يتم حاليا داخل الجمعية التأسيسية دون إعلام. وبالتالي أخشي أن يفاجئونا بدستور تم صياغته بعيدا عن مطالب الشعب كله، وبالتالي نفاجأ بأنه يظلم فكرة المواطنة. التي لم يتحدث أحد عنها بشكل صريح. ولماذا؟ لأن الأمور مازالت لم تتشكل، ونخشي أن يتم اجهاض ما بدأنا عندئذ سوف نرتد إلي ما قبل أوضاع الجمهورية الأولي وهذا يمثل خطورة كبيرة. كيف تري المشهد السياسي الآن؟ رئيس الجمهورية مايزال يتعامل باعتباره ممثلا للتيار الإسلامي وليس رئيسا لكل المصريين. ولكن الخطورة أن الرئيس قد استقال من رئاسة الحزب ومن الجماعة وهذا ليس معناه أن نطلب منه أن يخرج عن عقيدته السياسية ولا أحد يجرؤ علي ذلك ولكن بقي أن تستقيل الجماعة من الرئيس، بمعني أن كل أعضاء الجماعة وحتي الحزب يتحدثون وكأنهم رئيس الجمهورية وأنا أناشد هؤلاء أن يتحدثوا باسم حزبهم وليس باسم رئيسهم الذي ربما يدفع ثمن هذه التصريحات وهو غير مسئول عنها.