أسامة عجاج لي صديق، كان يعمل قبل خروجه للمعاش في احد الأجهزة السيادية، علي ملف الشئون العربية والفلسطينية. اختلفت معه حول سؤال جوهري ومهم، حول طبيعة القرارات، التي سيتخذها الرئيس مرسي، في أي موضوع يتعلق بالقضية الفلسطينية. هل سينحاز إلي انتماؤه السياسي، ورؤيته الفكرية. أم إلي المصالح القومية العليا لمصر. واعتقد أن الأوضاع في سيناء، والانتقادات الأخيرة التي يتعرض لها الرئيس مرسي من الطرفين، السلطة الوطنية الفلسطينية وحماس،، وبعضها تصريحا، والآخر تلميحا. يكشف عن الإجابة. ويؤكد أن مستلزمات الحكم، قد تتجاوز الانتماءات الحزبية. فبعض القادة الفلسطينيين انتقدوا الرئيس علي التصريحات، أدلي بها مرسي لصحيفة نيويورك تيمز، حول الحكم الذاتي. والبعض الآخر شن هجوما علي الرجل، ومصر، بعد الزيارة الأخيرة لإسماعيل هنية للقاهرة. ولقائه مع رئيس الوزراء هشام قنديل. ناهيك عن التحفظ الرسمي من الرئاسة، علي مشروع أقامة منطقة حرة، علي الحدود مع قطاع غزة. ويهمني التوقف عند بعض النقاط الهامة، لفهم طبيعة القضية : من المؤكد أن المواقف المصرية من القضية الفلسطينية، لا تتغير بفعل الزمن. أو تغيير الأنظمة. باعتبارها جزء من الأمن القومي، دون أن ينفي ذلك أن النظام السابق، كان منحازا إلي الرؤية الأمريكية والإسرائيلية. وله مواقف مخزية ضد حماس. خاصة بعد نجاحها في الانتخابات البرلمانية عام 2006. وكان يري انه لن يستطيع أن يتحمل جماعة الأخوان المسلمين، فصيل المعارضة الرئيسي في مصر. وفرع التنظيم في قطاع غزة. وكانت جريمة النظام السابق مزدوجة، سواء في ذلك تهاونه مع العدوان الإسرائيلي ضد غزة. في عام 2009 سواء بالتواطؤ، أو غض الطرف، كما انه تمادي أيضا، باتجاه المشاركة في الحصار اللانساني علي القطاع. والذي استمر لسنوات تم خلالها منع المواد الغذائية ومواد البناء من دخول القطاع عبر منفذ رفح الوحيد المتاح لا ينكر احد أن هناك مصر جديدة بعد ثورة يناير المجيدة. وحجم المتغيرات الضخمة علي تركيبة الحكم في مصر، وتولي حزب الحرية والعدالة السلطة، ووصول الدكتور محمد مرسي إلي الرئاسة. ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك علي السياسية الخارجية لمصر، ولكن في حدود. ومن المهم هنا أن نفرق بين رؤي حزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان المسلمين، تجاه القضية الفلسطينية. خاصة وانه الأخيرة كانت الفصيل الأبرز، في مواجهة الجماعات الإرهابية الإسرائيلية، في أربعينات القرن الماضي، قبل إعلان الدولة. وبين مواقف مصر الدولة، والخلاف بينهما، والأمثلة أكثر من أن تعد أو تحصي. ومن ذلك أن الإخوان مع أقامة الدولة الفلسطينية، من النهر إلي البحر، مع تحرير كل أراضي فلسطين التاريخية. ولكن الدولة المصرية لا تستطيع أن تتبني مثل هذا الطرح. فهي ملتزمة باتفاقيات سلام مع إسرائيل. وكانت عامل مساعد، في التوصل إلي اتفاقيات أوسلو. وكل ما تهدف إليه الآن. هو تعديل اتفاقية كامب ديفيد وهكذا فان استقبال الدكتور محمد بديع لقيادات حماس، أمر يعني الجماعة. فالأول هو المرشد العام للجماعة، والثانية فرع من التنظيم الدولي للإخوان. وعندما يصرح عصام العريان، عن أي شأن فلسطيني، ويحدد أي موقف. فهو يعود إلي حزب الحرية والعدالة. والمواقف الرسمية التي يتم التعامل معها، تعتمد علي وزارة الخارجية، أو مؤسسة الرئاسة. وقد كانت ردود أفعال بعض القادة الفلسطينيين، علي مواقف وتصريحات مصرية، تتسم بالترصد، والتربص، ولن أقول "سوء النية"، فليس هناك أي معني لانتقاد حديث الدكتور مرسي، عن عدم التزام إسرائيل التي يتجنب حتي ذكر اسمها ومن قبلها واشنطن، لاتفاقية السلام واستشهد بالحكم الذاتي للفلسطينيين والزعم انه يطالب بها، رغم انه يضرب نموذجا، لعدم وفاء الطرفان بالوعود، والاتفاقيات. والكل يدرك أن الزمن تجاوزها كلية، من خلال اتفاقية أوسلو، والعديد من الوثائق بين الجانبين. ومصر مع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، الموحدة وعاصمتها القدس، ومن ناحية آخري، ليس هناك أي معني للانتقادات الخاصة، باستقبال إسماعيل هنية أو خالد مشعل، فهي ليست المرة الأولي، لا قبل الثورة ولا بعدها، ولن تكون الأخيرة. وبهذا يصبح الحديث، عن أن مثل تلك اللقاءات، تكرس الانقسام الفلسطيني "بدون معني". فاستمرار الأوضاع علي حالها، مسئولية الجانب الفلسطيني. سواء السلطة وفتح من جهة، أو حماس من جهة آخري. وقد سعت الرئاسة المصرية إلي توضيح الموقف، عندما صدر بيان رسمي، أشار إلي أن أجندة الرئيس مرسي، خالية من أي لقاءات فلسطينية. واقتصرت المباحثات الأخيرة، علي لقاءات بين رئيس المخابرات المصرية رأفت شحاتة وخالد مشعل. وبين رئيس الوزراء هشام قنديل وإسماعيل هنية. والهدف معروف، ويقتصر في البحث علي إمكانية إقامة مشروع المنطقة الحرة. وظني، أن التطورات الأخيرة مناسبة، وفرصة مواتية تماما للكشف عن ملامح السياسية المصرية الجديدة تجاه الطرفين. وفي المقدمة انه لم يعد مقبولا استمرار الانقسام الفلسطيني، والخلافات بين حماس وفتح. والوضع الحالي يؤكد ضرورة استعادة اللحمة الفلسطينية. كما أن مصر لن تشارك في جريمة ضد الإنسانية. باستمرار حصار غزة. وضرورة الإبقاء علي المنافذ الحدودية بين مصر والقطاع مفتوحة ,مع ضرورة توفير كل الوسائل، للحفاظ علي الأمن القومي المصري. وعدم السماح باستمرار ظاهرة الأنفاق. وحسنا ما تم الكشف عنه مؤخرا، علي لسان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، من تدمير 135 نفقا. ومع ضرورة أن تقوم حماس، بالمساعدة في هذا المجال. بضبط الوضع الأمني في غزة. والمشاركة بفاعلية في وقف زحف التيارات السلفية وجماعات التكفير. التي تتخذ من غزة مقرا لها. ويمتد نشاطها إلي سيناء. وتسليم أي متورط فلسطيني. ثبت مشاركته في جريمة مقتل الجنود المصريين في سيناء، في رمضان الماضي. كما أن من الضروري، البحث في فوائد ومزايا إقامة مشروع منطقة تجارة حرة، علي الحدود بين البلدين. وبالطبع البحث في أي سلبيات لمثل هذا المشروع. ليس علي الصعيد الاقتصادي فقط، ولكن علي صعيد الأمن القومي المصري.