هلت علينا نسائم شهر أكتوبر العظيم..مغرض وجاحد وغير منصف من يشهد أكتوبر ولا يذكر بالاحترام والتقدير ابن مصر الراحل أنور السادات الذي كان بحق زعيما وبطلا عسكريا فذا شهد الأعداء قبل الأصدقاء بروعة الإنجاز الذي تحقق علي يديه بإذن الله. خاض السادات في مثل هذا الشهر من عام 1973 حربا شرسة ضد العدو الصهيوني، أعد وخطط لها تخطيطا غير مسبوق مقارنة بكل الحروب التي خاضتها مصر، استطاع خلالها جيش مصر العظيم بعد أن تسلح بالإيمان وبالإرادة أن يلقن جيش العدو- الذي زعموا أنه لا يقهر- درسا لا ولن يمحي من ذاكرتهم أبد الدهر مهما بعدت الأيام وطالت الأزمنة..في هذه الحرب التي أصبحت تكتيكاتها تدرس الآن بأشهر الأكاديميات العسكرية في العالم منح السادات الفرصة للمقاتل المصري ليثبت أن أداءه لا يقل عن الجندي في أعتي جيوش العالم إذا توفر له التدريب الجيد، حتي لو كان السلاح الذي بين يديه أقل في إمكانياته عن السلاح الذي بين يدي الأعداء وقد كان هذا واقع الحال فعلا في حرب أكتوبر. لم تكن من نتائج حرب أكتوبر فقط عودة سيناء الحبيبة إلي حضن الوطن بعد أن كادت تضيع مثلما ضاعت الجولان من سوريا التي تفرغ جيشها لقتل مواطني بلده، بدلا من أن يوجه سلاحه لصدر العدو ويحرر أرضه، وكان من نتائجها أيضا عودة العزة والكرامة التي ضاعت بعد الهزيمة المنكرة في شهر يونيو عام 1967، والتي ظلم فيها المقاتل المصري الذي لم يختبر في الحرب وأُخذ علي حين غرة بسبب سوء تقدير واستهتار القيادة بالأخطار التي كانت تحيط بمصر في ذلك الوقت. كانت الروح التي تولدت عند الشعب المصري نتيجة نصر أكتوبر أحد أهم النتائج التي أسفرت عنها الحرب، وهي تتشابه مع الروح التي فجرتها ثورة 25 يناير لدي الشباب فضلا عن شحنة الأمل التي استحوذت علي كافة المواطنين علي اختلاف أعمارهم، والتي لم نحسن بكل أسف توجيهها والاستفادة بها حتي الآن من أجل إعادة بناء مصر الجديدة، التي كانت هي الهدف الأساسي للشباب المحترم الذي أشعل وهج الثورة. تذكروا معي الشباب الذي نظف الميادين وجمّل الشوارع والأرصفة بعد نجاح الثورة..لقد كانت هذه هي الوسيلة التي عبروا بها عن الطاقة التي تولدت بداخلهم، ترقبا وانتظارا ليوم يأتي فيه من يحسن استثمار وتوجيه هذه الطاقة الجبارة.. أين هذا الشباب؟.. وأين ذهبت تلك الروح التي لو أردنا استعادتها الآن لاحتاج الأمر إلي جهد جهيد لتحفيز هذا الشباب العظيم واقناعه بأن ابتعاده عن الساحة خسارة كبيرة وانتكاسة للنتائج والروح التي ولدتها ثورة يناير، وهو نفس ما حدث بعد انتصار أكتوبر، حيث لم نحسن وقتها استثمار الروح والطاقة التي ولدتها الحرب التاريخية. رحمة الله علي السادات باعث روح أكتوبر، ورحمة الله علي الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل أن تبعث في مصر روح جديدة أتمني أن تجد من يسارع باستردادها ويستنهضها قبل فوات الأوان.