رحبت السلطة التنفيذية الحكومة الفرنسية بالصفقة وملياراتها الخمسة أو الستة. كما هلل الملياردير »سيرجي داسو« وريث »مارسيل داسو« في ملكية شركات ومصانع إنتاج طائراته وصواريخه العسكرية علي أمل أن بيع المقاتلة »رافال« لدولة الإمارات العربية سوف يشجع غيرها علي التقدم بطلباتها لشراء مئات النسخ من تلك الطائرة بعد أن »إنفك نحسها«! وسرعان ما تبين أن »النحس« لم يبتعد.. كما تصورت عائلة »داسو«، بلسان وريثها والمتحدث باسمها:»سيرجي«. مظاهر »عودة النحس« لاحت حين طلب خبراء السلاح الجوي الإماراتي من شركة »داسو« إحداث تغييرات فنية/استراتيجية علي المقاتلة »Rafale«. أهم هذه التعديلات الجوهرية نقلاً عن وكالة »رويترز« للأنباء رغبة الإمارات في »تعزيز قوة الدفع في محركات الطائرات التي تنوي الإمارات التعاقد عليها من طرازM88 : لتبلغ قوة الدفع 9 أطنان بدلاً من 7.5طن. وافقت إدارة »داسو« علي إحداث تلك التغييرات بناء علي رغبة خبراء السلاح الجوي الإماراتي لكن البدء في تنفيذها ما يزال يترك للتمني! فقد اختلف الطرفان اللدودان البائع والمشتري حول: »أيهما يتحمل تكلفة تلك التعديلات الباهظة؟! الشركة تري أن الصفقة تم الاتفاق علي كل تفاصيلها ومواصفاتها منذ فترة، وقبل أن يتقدم الجانب الإماراتي بطلب تعديلاته، وبالتالي فعليه أن يتحمل التكاليف. الطرف الثاني رفض أن يتحمل أعباء مالية إضافية، فقد سبق الاتفاق علي سعر المقاتلة كاملة التجهيز، بما يتناسب مع احتياجات سلاحه الجوي.. بما فيه تعزيز قوة دفع المحركات. وطالت المباحثات بين الجانبين ثم تباعدت قبل توقفها دون التوصل إلي حل وسط. ويبدو أن البائع والمشتري قررا الإبطاء في اتصالاتهما، دون قطعها، لأن »التقل« في مثل هذه الحالة يأتي عادة في صالح »الأكثر تُقلاً«! ولسوء حظ »داسو« فقد تحوّل »التقل« إلي »إنهاء« المفاوضات مع الحكومة الإماراتية، خاصة بعدما نشرت مجلة »ديفنس نيوز« المتخصصة في السلاح تقريراً أكدت فيه أن الإمارات عبرت عن رغبتها في شراء مقاتلات أمريكية من إنتاج شركة »بوينج« خاصة من طراز »F/A-18« المعدل التي تعتبر الأكثر منافسة للمقاتلة الفرنسية: »Rafale«. الخبر الجلل نزل نزول الصاعقة علي باريس: حكومة، واقتصاداً، وسمعة، كما هبط في الوقت نفسه سلاماً، و انتصاراً، و رواجاً، علي العاصمة الأمريكية. وتنافست وكالات الأنباء علي تغطية هذا النبأ من مصادرها في واشنطون وداخل »بوينج« التي اكتفت بالتأكيد علي أن السلاح الجوي الإماراتي طلب »معلومات فنية« عن الطائرة F/A-18 المعدلة، والمعروفة ب»Super Hornet« مما يعني أن دولة الإمارات لم تحسم خيارها من المقاتلات حتي الآن بعد أن كان مقصوراً علي ال »رافال« الفرنسية! تحدثوا عن حالة الغضب الشديد التي يعاني منها »سيرجي داسو« توقعاً من جانبه لإلغاء الصفقة. ولأن أصحاب المليارات لا يؤمنون بالفصل بين السلطات في حال تصادمه مع مصالحهم الخاصة فلم يجد »سيرجي« حرجاً في الخلط بينها! فهو من جهة: صاحب شركة »داسو« صانعة ال »رافال«، ومن جهة ثانية: هو صاحب صحيفة: »لو فيجارو« ، الأقوي تأثيراً في الرأي العام، والأكثر تعبيراً عن السلطة الرابعة الفرنسية. وقيل إن الرجل الحانق، الغاضب، أوحي لمن يمثلونه في الصحيفة لل »غمز« و»اللمز« في دولة الإمارات لعلهما تعيدانها إلي اختيار »رافال« الفرنسية، والابتعاد عن » إف/ 18« الأمريكية. فجأة.. وبلا مناسبة، نشرت صحيفة »لو فيجارو« وهي بالصدفة البحتة تمثل إحدي شركات »سيرجي داسو« مقالاً قالت فيه إن دولة الإمارات العربية المتحدة »تعاقدت مع إسرائيل لنقل تكنولوجيتها إليها في مجال تأمين حدودها الإماراتية (..). وعلي الفور أبدت الحكومة الفرنسية انزعاجها، وانزعاج رئيس الدولة شخصياً، مما نشرته صحيفة »داسو« عن دولة الإمارات، وعلي خلاف الحقيقة. وقال مصدر رفيع في الحكومة الفرنسية لوكالة رويترز إن نزاعاً بسبب مقال نشر في صحيفة ال »فيجارو« هو السبب في توقف المحادثات لإتمام الاتفاق علي بيع مقاتلات فرنسية لدولة الإمارات تتراوح قيمتها ما بين خمسة إلي ستة مليارات يورو. وحاصرت وكالات الأنباء كبار المسئولين في شركة »داسو« للطيران، للرد علي هذه الأخبار كلها، لكنهم جميعاً تهرّبوا منها، أو علي الأقل رفضوا التعليق عليها!