رفعت رشاد زعموا أن الاشتراكية انتهت. قالوا إن سقوط الاتحاد السوفيتي بعد سقوط جدار برلين أنهي حقبة الاشتراكية التي ترعرعت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي . أقول إن ما انتهي ليس الاشتراكية وإنما حقبة بعض النظم التي رعت الاشتراكية ومنها دول أوروبا الشرقية بجانب الاتحاد السوفيتي. ولننظر إلي دول أميركا اللاتينية التي تزدهر فيها الاشتراكية وتحقق نجاحات اقتصادية. ليست قضيتي اليوم الاشتراكية بمعناها الموسع ولكني أتحدث عن خوسيه موخيكا رئيس دولة أورجواي وهو شخصية تستحق الدراسة , فهو يعتبر أفقر حاكم في العالم فمرتبه لا يتجاوز 12.5 ألف دولار ومع ذلك لا يحصل منه إلا علي 10 ٪ أي 1250 دولارا ينفق منها علي أسرته بينما يتبرع بالباقي رسميا لدور الإيواء ورعاية الأيتام والمشردين. نتحدث عن رئيس في زمن العولمة والخصخصة والرأسمالية المتوحشة ،رئيس يطبق الاشتراكية الحقيقية فهو لا يركب سيارة رئاسة ، وإنما يستقل سيارته الخاصة التي يقودها بنفسه وهي فولكس "خنفسة" موديل 1987 لا يتجاوز ثمنها 1900 دولار. تولي موخيكا رئاسة أورجواي مع مطلع عام 2010وعمره 77 عاما وكان مناضلا ضد الحكم الدكتاتوري في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وأمضي في السجن ما يقرب من 31 عاما وهو لا يقيم في قصر الرئاسة الفخم المبني علي الطراز الأوروبي ، إنما يسكن في منزله الخاص ،واقتطع جناحا واحدا في القصر لكي يستقبل فيه الزوار الأجانب من المسئولين بينما خصص باقي أجنحة القصر لإقامة المشردين الذين لا يجدون المأوي والذين يتبرع لهم بمعظم مرتبه . يعد موخيكا ظاهرة بالنسبة للحكام العرب والمسلمين الذين فاق بذخهم كل تصور والذين امتصوا دم شعوبهم , وإن كنا نتشوق للاشتراكية بمعناها وروحها فإننا نتذكر أنه كان لدينا منذ زمن بعيد الخليفة عمر بن عبد العزيز العادل الصالح الذي يضرب به المثل في عدله وفي اشتراكيته ولدينا الرئيس جمال عبد الناصر الذي لم يجدوا في بيته ساعة وفاته سوي بضعة جنيهات وحارت المخابرات الأمريكية في أمره حيث لم تجد ثغرة سلبية تقتنصه منها فهو بعيد عن كل المثالب فيما عدا السيجارة التي كان يدخنها. دعونا ندعو الله في هذه الأيام المفترجة أنه وإن كان مستحيلا أن يعيد لنا عمر أو ناصر أن يرزقنا موخيكا أو من هو علي شاكلته.. آمين يارب العالمين.