لا يمكن إعفاء حركة حماس من المسئولية - أو جزء منها - عن حادث رفح الحدودي الإرهابي.. ولا يمكن التماس الاعذار الواهية التي تصدر عن قادة حماس لتبرير ذلك الهجوم الغادر من عناصر جهادية لها إرتباط بقطاع غزة بشكل أو بآخر. قد يقال أن قيادة حماس نفسها ليست متورطة في تدبير هذه الهجمات الإرهابية علي حواجز قوات حرس الحدود التي تمنع التسلل وعمليات التهريب عبر الحدود مع القطاع ولكنها مسئولة بالقطع عن ايواء العناصر المتطرفة والخارجة علي القانون داخل القطاع ومسئولة عن حرية التنقل التي تقوم بها بين غزةوسيناء.. ومسئولة ايضا عن عمليات التهريب الواسعة للسلاح عبر الانفاق التي تنتشر علي الحدود المصرية. وهناك معلومات عن وجود معسكرين لحماس داخل اراضي سيناء للتدريب علي الاسلحة من عناصر من غزة ومن ابناء سيناء ومن دول عربية مجاورة والقيام بتلك العمليات الإرهابية ضد قوات حرس الحدود وبهدف اقامة امارة اسلامية في شمال سيناء وحدودها.. وإذا كان محمود الزهار - احد قادة حماس - يتعلل بأن اغلاق منفذ رفح هو السبب في انتشار الأنفاق علي الحدود بين مصر وغزة وذلك لتهريب المواد اللازمة لاهالي القطاع الذي يقع تحت الحصار الإسرائيلي منذ سنوات، فإن ذلك ليس عذرا كافيا لتسلل العناصر الهاربة بأسلحتها من وإلي غزة بين الحين والآخر للقيام بمثل تلك العمليات ضد حرس الحدود وقوات الشرطة المصرية الموجودة في رفح والعريش والشيخ زويد وهذه العناصر معروفة ومحددة لدي أجهزة الامن المصرية ولكنها دائمة الهروب وقد تزايدت اعداد هذه الجماعات الجهادية المتطرفة في السنوات الأخيرة إلي المئات وصاروا يشكلون خطرا علي أمن سيناء.. وبما يسمح لهم بالتنقل عبر الحدود المفتوحة والاختفاء في كهوف الجبال - وبالذات جبل الحلال والذي يعتبر وكرا لاخفاء الاسلحة المهربة من إسرائيل ومن ليبيا مؤخرا - وبكميات كبيرة وبأنواع حديثة ومتطورة مثل الصواريخ المضادة للطائرات »644 صاروخا تم ضبطها« ومنصات لإطلاق الصواريخ وقذائف جرينوف وصواريخ عابرة للمدن والتي حصلت عليها عصابات المهربين من مخازن قوات القذافي في ليبيا بعد سقوط نظامه والاستيلاء علي ترسانة مخازن الاسلحة في برقة وسرت وطرابلس.. وقد بلغ عدد الاسلحة المهربة الي مصر بعد 52 يناير والانفلات الامني مليونا ونصف مليون قطعة سلاح من كل الأنواع! ولكن ما الهدف من وجود هذه الاسلحة الثقيلة التي تزيد عن حاجة الميليشيات المسلحة ولا تلزم لها؟ الواضح هو مواجهة القوات المسلحة والدخول في معارك معها لفصل سيناء واقامة إمارة إسلامية لهؤلاء المتطرفين الذين يرفعون الرايات السوداء.. وهناك معلومات عبر عنها مصدر إسرائيلي وحذر من أنه إذا لم تستطع القوات المصرية استعادة الأمن والنظام في سيناء فإنها ستصبح مثل مخابئ الجبال في أفغانستان التي تؤوي متمردي طالبان وبقايا تنظيم القاعدة، ويوجد آلاف العناصر من هذه الجماعات وتمثل أعشاش الإرهابيين في سيناء - في المناطق الخارجة عن السيطرة والتي ينشط فيها التهريب الذي تقوم به جماعات من البدو للحصول علي الأموال ولذلك يدعمون الإرهابيين المتطرفين، ووصل الامر إلي أن جماعة جهادية متشددة تحذر الجيش من استهداف عناصرها علي الحدود بدعوي أن اسلحتها موجهة ضد القوات الإسرائيلية! وعلي مدي سنوات ما بعد اتفاقية كامب ديفيد وفرض قيود علي التواجد العسكري المصري في أرجاء سيناء، تمكنت هذه الجماعات من فرض سيطرتها علي مناطق عديدة بقوة السلاح حتي تتمكن من تحقيق هدفها.. وساعد علي ذلك تواجد قوات حرس الحدود بأعداد ليست كافية »قرابة 008 جندي في المنطقة ج« وعدم قدرتها علي فرض الأمن في هذه المساحات الشاسعة من الحدود التي من حدود غزة إلي العوجة وجنوبا إلي إيلات وبالاضافة إلي نوعية التسلح الخفيف المسموح به ومنع تحليق الطائرات الهليكوبتر لمراقبة الجبال والدروب علي الحدود المصرية الإسرائيلية وبما جعل هذه الجماعات قادرة علي التسلل عبر الأنفاق أيضا! وحتي أكون منصفا أقول ان المسئولية كلها لا تقع علي عاتق حماس وقطاع غزة وإنما هناك أوضاع حدثت نتيجة البنود العسكرية في اتفاقية كامب ديفيد وبما أدي إلي خروج هذه المناطق الحدودية »ف ب - ج« عن السيطرة الامنية.. وأذكر ان المشير الجمسي أخبرني انه بكي عندم اضطر - بأمر السادات - للموافقة علي تحديد وجود القوات المصرية في مناطق سيناء حسب طلب إسرائيل وقال أنه شعر وقتها انه يتم إجهاض انتصار أكتوبر وما حققته القوات المصرية! ولذلك فإن المشكلة الأساسية في أمن سيناء تعود إلي اتفاقية كامب ديفيد وملحق بنودها العسكرية التي تكبل يد مصر وتمنعها من بسط سيادتها وسيطرتها الأمنية علي كل شبر في سيناء، وكان الهدف منها هو ضمان أمن إسرائيل بمساندة من أمريكا وكيسنجر.. وذلك يتطلب تغييرا في الاتفاقية وتتم مراعاة »أمن مصر أولا« وحتي لا تكون سيناء منطقة عازلة بين مصر وإسرائيل وخالية من الوجود العسكري المصري اللازم وبما يستدعي إعادة النظر في بنود الاتفاقية من الناحية العسكرية حفاظا علي أمن مصر وسيادتها علي أرضها وحدودها، ويكفي ان الاحداث الأخيرة في سيناء أكدت الحاجة إلي تعديل اتفاقية كامب ديفيد وبما يضمن الامن بدلا من تزايد اعشاش الجماعات الإرهابية في ظل الفراغ الأمني! وقد استشعرت أمريكا ذلك وأعرب ليون بانيتا وزير الدفاع عن أن الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام وزير الدفاع أكد له انه لن يسمح لمنطقة سيناء بأن تكون ارضا خصبة لتواجد الميلشيات المسلحة.