يحلم بدولة مدنية عصرية يتمتع كل أبنائها بذات الحقوق والواجبات دولة يكون القانون فيها هو السيد والحكم بين الجميع.. العدالة الاجتماعية فيها تتخطي مرحلة الشعارات وتتحول لواقع ملموس بعد أن يتم إحتواء الفساد من كل جنباتها. ينشد دستورا عصريا يصون الحريات ويضمن التداول السلمي للسلطة وينتقل بالبلاد لمشارف القرن الحادي والعشرين. لايهنأ له بال وهو يري تلك المحاولات المتتابعة من جانب قوي الإسلام السياسي للإستحواذ مقابل التشرذم من جانب التيارات المدنية وإنشغالها المفرط بالتنظير وحديث الصالونات تاركة الشارع لمن يختطفه في وضح النهار. عالم مصر الكبير الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلي بالشرق الأوسط والداعم الرئيسي لتحالف الثورة مستمرة وصاحب الدعوة لإنشاء الجبهة الوطنية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة. وفي حواره »للأخبار« يؤكد علي أن سقف وعود الدكتور محمد مرسي قبل مرحلة الإعادة قد تهاوي بشكل حاد من تعيين قبطي وإمرأة كنواب للرئيس إلي سيدتين بينهما قبطية فقط في حكومة تضم 35 وزيرا.. وأنه من الخطأ تصور أن الدكتور مرسي يمكن أن يعمل مستقلا عن إرادات وسياسات جماعة الإخوان. وأشار إلي أهمية قيام جبهة وطنية مصرية تدعو للدولة المدنية والعدالة الاجتماعية علي أن تضم أحزاب الوسط ويسار الوسط واليسار علي أن يتنازل الجميع عن ذاتيته ويعمل علي تحقيق الأهداف التي يتم الإتفاق عليها من خلال آليات محدده. طالب ممثلي القوي المدنية بالجمعية التأسيسية للدستور بالإنسحاب من أعمالها إذا وجدت أن هناك صياغات بالدستور تمس مدنية الدولة والحريات أو تعديلات علي المادة الثانية. مؤكدا علي أن إجراء إنتخابات رئاسية بعد الإنتهاء من الدستور أمر منطقي وصحيح . وأعرب عن ثقته في أن العاملين بالصحف القومية سوف يقاومون أي محاولة للهيمنة عليها .. كما أن الإعلام المستقل سيواجه أي محاولة للهيمنة من جانب مجلس الشوري أو وزير الإعلام القادم من قلب جماعة الإخوان المسلمين. بعد الحادث الإجرامي الذي راح ضحيته 16 شهيدا من الجنود المصريين في سيناء ..كيف تقرأ هذا الحادث وتداعياته ؟ الحادث جاء نتيجة تراكم التهاون في التعامل مع التراجع الأمني في هذه البقعة الهامة جدا من مصر. وتساءل عن مصير الأسلحة التي تم الإعلان عن ضبطها بعد تهريبها من ليبيا خاصة وأنها أسلحة غير نمطية.. فلم نعلم من قام بتهريبها؟ وأين كانت وجهتها ؟ وماهو المخطط لإستخدامها ؟ فلا بد من التعامل مع الحادث بمنتهي الشفافية. وإستطرد قائلا: الحادث يحتم مراجعة بعض بنود كامب ديفد خاصة تلك المتعلقة بتواجد القوات المسلحة لضمان الأمن علي الجانبين حيث أن تكرار مثل هذا الحادث قد يؤدي لتوغل أسرائيل في سيناء أو غزه بدعوي الدفاع عن أمنها أو أن سيناء تحتاج لحماية دولية. كما يجب إعادة النظر في العلاقات مع قطاع غزه دون أي حسابات سياسية وأن يكون لنا موقف واضح وصريح في موضوع الأنفاق. جدل كبير تواكب مع الإعلان عن الحكومة الجديدة.. فهل تري أن تشكيلها جاء متوائما مع ما وعد به الدكتور مرسي قبل الانتخابات ؟ أجاب قائلا: من الواضح أن ما أعلنه الدكتور محمد مرسي من وعود وإلتزامات قبل المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة وفي حضور مايعرف بالجماعة الوطنية كانت بمثابة وعود انتخابية تبخرت بفعل حرارة الصيف. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد جاء التشكيل الوزاري ليؤكد هذا التراجع فلم يتضمن التشكيل إلا وزيرة قبطية وسيدتان فقط في حين كان سقف الوعود أن يكون هناك نائب قبطي ونائبة إمرأة ..هذا السقف تهاوي بشكل حاد. لكن هل كان التهاوي مقصورا علي تجاهل الأقباط والمرأة ؟ لوحظ أيضا في التشكيل الوزاري اهتمام ملفت للنظر في تعيين بعض الوزراء كوزارات الشباب والإعلام والقوي العاملة.. وأهمية هذه الوزارات في مجال العمل السياسي لاتخفي علي فطن. لكن علي العموم بقاء هذه الوزارة أو استمرارها محدود المدة لأنه من الحتمي أن تقوم بتقديم استقالتها بعد انتخابات مجلس الشعب. وأشار إلي أن نتيجة هذه الانتخابات سوف تحدد تشكيل الحكومة القادمة فإذا حقق الإخوان نتيجة هامة فإن التشكيل القادم سيكون إخواني بالكامل. هل معني ذلك أنه لم تكن هناك رؤية لتشكيل الحكومة أو إدارة مرحلة مابعد الأنتخابات الرئاسية ؟ من المستغرب أنه أثناء الخلاف مع مع الدكتور الجنزوري قيل وقتها أنه لدينا حكومة جاهزة لكن الأمر إستغرق أكثر من 3 أسابيع. وأتصور أنه خلال هذه الفترة كانت تتجاذب الدكتور مرسي قوتان ووعد انتخابي.. أما القوتان فهما: جماعة الإخوان المسلمين ومكتب إرشادها ثم المجلس العسكري أما الوعد فكان للجماعة الوطنية بإختيار شخصية وطنية مستقلة لرئاسة الحكومة بخلاف شخصيات وطنية مشهود لها بالكفاءة وأتصور أن الوعد كان أقلها أهمية لدي الرئيس. وهل يمثل ذلك نكوص من جانب جماعة الإخوان علي عقبيها كما يؤكد البعض وأن ذلك لايبدو غريبا عليها ؟ تاريخ العمل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين يؤكد علي قدرة فائقة ومرونة فيما يختص بالمواقف السياسية والتي يمكن أن تتغير بين عشية وضحاها. فمبدأ التقية ومصلحة وأهداف الجماعة هي التي تحدد موقفها السياسي لذا فإن هذه المواقف تتبدل بين عشية وضحاها كما سبق القول. لكن الرئيس الدكتور محمد مرسي أعلن فور إنتخابه أنه سيكون رئيسا لكل المصريين وأنه سيعمل بعيدا عن أي تأثير ..فهل لازال غير قادر علي عدم الإنفصال عن جماعة الإخوان ؟ لايمكن علي الإطلاق أن نتصور أن الدكتور مرسي سيعمل مستقلا عن إرادات وسياسات الجماعة.. ومن الخطأ تصور غير ذلك.. وهنا يطرح سؤال حول مستقبل الدكتور مرسي بعد الدستور الجديد: وهل ستكون هناك انتخابات رئاسية أم لا؟ حيث أنه من الصحيح والمنطقي أن تكون هناك انتخابات أم أن أعضاء الجمعية التأسيسية وبموافقة من المجلس العسكري سيضعون مادة أحكام انتقالية تسمح له بالاستمرار؟ لكن أين هو دور القوي المدنية في تلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر؟ الواقع يحتم قيام جبهة وطنية مصرية في هذه المرحلة تدعو للدولة المدنية والعدالة الاجتماعية. وماهو تصورك لتكوين هذه الجبهة؟ الجبهة ستضم أحزاب الوسط ويسار الوسط واليسار وكافة التيارات التي التي تدافع عن الدولة المدنية كالتيار الشعبي والتحالف الأشتراكي وأحزاب الدستور والمصري الديمقراطي وغيرهم . وعلي هذه التيارات السياسية التنازل عن ذاتيتها والعمل من أجل المجموع . وما قواعد العمل في تلك الجبهة المزمع تكوينها قريبا ؟ علي جميع الأحزاب والهيئات والأطراف التي ترغب في الإنضمام والمشاركة في العمل في هذا الإئتلاف الإلتزام بالقواعد التالية: علانية الموافقة علي المشاركة والإلتزام بعدم المشاركة في أي إئتلافات أخري. تشكيل أمانة عامة للإئتلاف من ممثلي الأطراف المشاركة وإختيار منسق له. إختيار متحدث رسمي للإئتلاف. الإلتزام بجميع القرارات التي تتخذها الأمانة العامة والخاصة بالمواقف والمتغيرات علي الساحة السياسية. إنشاء صندوق مركزي يساهم فيه الجميع للإنفاق علي كافة الأنشطة السياسية التي تقررها الأمانة العامة وإختيار أمين لهذا الصندوق مع التوضيح الدقيق لمصادر التمويل. إتاحة استخدام كافة إمكانات الأطراف المؤتلفة لجميع المشاركين (صحف مقار قنوات تلفزة ) وإستطرد الدكتور غنيم قائلا: كما تتضمن هذه القواعد أيضا: تنظيم عقد مؤتمرات في أنحاء مصر بمشاركة الأطراف المؤتلفة مع ضرورة تماثل الخطاب السياسي. ينافس الإئتلاف في الإنتخابات القادمة بقائمة واحدة مع الإصرار علي أن تكون الانتخابات بالقائمة النسبية بنسبة 100 ٪ أو قوائم بنسبة 100٪. توقيع كافة الممثلين للتيارات والأحزاب الراغبة في الإنضمام علي هذه القواعد. وأشار إلي ضرورة عمل شعار لهذه الجبهة المصرية الوطنية وإصدار بيانات بإسمها عن المتغيرات والأحداث اليومية والسعي للإنتشار الإعلامي. وأكد علي ضرورة أن تكون الدعاية بإسم الجبهة وليس بإسم أحد من أعضائها. وما التحديات التي تنتظر هذه الجبهة ؟ هناك تحديان أساسيان ينتظران الجبهة في هذه المرحلة هما: التشريع الدستوري وهو المتعلق بعمل الجمعية التأسيسية. والقوانين الوضعية وهي المتعلقة بمجلس الشعب القادم. فلا بد أن تحشد الجبهة كل قواها المعنوية والإعلام للإنتباه لخطورة مايدور في الجمعية التأسيسية من جانب والإصرار علي علي صياغة دستور مصري يؤكد مدنية الدولة ويؤهل مصر لدخول القرن الحادي والعشرين . كما يجب أن تستعد الجبهة جيدا لمعركة مجلس الشعب القادمة. أما الإكتفاء بالتنظير والظهور في الإعلام والجدل واللغو فيما بينهم فإن هذا سيؤدي لنتائج ستتحمل تلك القوي نتائجها تاريخيا. ومالذي يدعو للريبة في عمل الجمعية التأسيسية ؟ المناقشات تجري بليل داخل الجمعية فلا نعلم عنها شيئاً سوي النذر اليسير والمبتسر وذلك مما يتم تسريبه للصحافة والذي يقوم البعض بتأكيده ثم ينفيه البعض الآخر. كما أن تأجيل الحكم في موضوع غاية في البساطة وهو رد المحكمة إلي آخر سبتمبر يشير إلي الإصرار علي الرغبة في إستمرار هذه الجمعية في عملها. لكن هناك بعض الممثلين للقوي المدنية داخل الجمعية ؟ علي هؤلاء جميعا الخروج من الجمعية إذا ماوجدوا أن هناك صياغات تمس مدنية الدولة أو الحريات كما جاءت بوثيقة الأزهر أو إقتربت من تحصين إمكانية تداول السلطة سلميا أو أي محاولة لتعديل صياغة المادة الثانية ولابد من الإعلان عن هذه المشاكل داخل الجمعية فصياغة الدستور لايجب أن تقوم به جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين بل إن الدستور لابد أن يكون معبرا عن جميع فئات الشعب ومصالحه المختلفة. وماذا لوخرج الدستور علي عكس ذلك؟ ولماذا لم تقم القوي المدنية بإعداد صياغة للدستور وتقدمه للجمعية؟ يجب علي القوي المدنية تحضير ذهن الناس للتصويت »بلا« علي الدستور إذا لم يتضمن المباديء السالفة الذكر والتي يجب أن تضمن كافة الحريات وتداول السلطة ومدنية الدولة. وأشار الدكتور غنيم إلي أنه كانت هناك عدة مشاريع للدستور جاهزة أعدهاكبار الفقهاء وعلوم الدستور لكن من المستغرب أن أي من هؤلاء لم يشارك في عضوية هذه الجمعية وعلي سبيل المثال لا الحصر الدكتور إبراهيم درويش والدكتور نور الدين فرحات والدكتور أحمد كمال أبو المجد والدكتور حسام عيسي.. فالمؤسف حقا ألا يشارك أمثال هؤلاء الفقهاء في أعمال الجمعية. وما أهم ملامح البرنامج الإنتخابي الذي يجب أن تتقدم به الجبهة للناخبين في إنتخابات مجلس الشعب القادمة؟ الجبهة لابد أن يكون لها برنامج تستطيع أن تخاطب به الجماهير ولا يجب أن يتوقف الأمر علي الحرص علي مدنية الدولة بل يجب أن تقدم آليات محددة للعدالة الاجتماعية وتقدم رؤية متكاملة للتعليم والبحث العلمي.. ومشروع للنهضة الزراعية يتضمن حلولاً لمشاكل الفلاحين وضرورة التوسع الأفقي والرأسي في الزراعة. كما يجب تقديم مقترحات لمشروعات صناعية وتنموية. وأيضا الدعوة للإهتمام بالسياحة لأنها صناعة كثيفة الاستخدام للعمالة فمصر تطل علي بحرين وتملك ثلث آثار العالم بخلاف إمكانات سياحية هائلة، كما يجب الدعوة لسطوة القانون وإحتواء الفساد. فهذه أهم العناصر التي يجب أن تشكل برنامج الجبهة الوطنية لتكون مقنعة للناخب العادي الذي سئم الخطاب النخبوي المتعالي. وهل البرنامج وحده سيكون كفيلا بأن يحوز مرشحوا الجبهة علي ثقة الناخبين؟ حركة الجبهة الوطنية يجب أن تكون في الشارع لشرح أهدافها للجماهير بشكل مباشر.. فالجبهة لن يكون لديها خزائن الأرض لتوزيع السكر والزيت وكرتونة رمضان. بل لايجب حتي لو أتيحت لهم هذه القدرات المادية أن تستخدم حاجة الناس في التأثير عليهم سياسيا لأن ذلك عمل غير أخلاقي. فليس لدينا سوي النزول للشارع ومخاطبة الجماهير وعلي النخبة أن تترك الصالونات والبرامج الحوارية وتنزل للشارع. البعض يري أن جماعة الإخوان المسلمين قد فقدت رصيدا كبيرا ولن يكون بمقدورها مستقبلا تصدرها للمشهد في أي إنتخابات قادمة ..فهل تتفق مع هذا الطرح ؟ لاشك أن الجماعة فقدت جانبا من رصيدها وأداء الحكومة لحين إجراء الانتخابات سيكون له دور في هذا الصدد.. لكن يجب أن ننتبه إلي أن جماعة الإخوان لديها ماكينة إنتخابية عظيمة تستطيع في النهاية أن تعالج سلبيات أداء مؤسسة الرئاسة أو عدم قدرة الحكومة المشكلة علي مجابهة المشاكل المتعددة في الشارع وبالنسبة للشارع فسلاح الجماعة ليس سياسيا فحسب بل لهم أسلحة اجتماعية مع استخدام المشاعر الدينية في ذات الوقت استخداما سياسيا. وهل إستفادت القوي المدنية من هذا التراجع لشعبية الإخوان ؟ أتصور أن القوي المدنية بشرذمتها وبعثرتها وتجزئتها لم تستثمر هذه السلبيات.. وكان بالإمكان إستثمارها بشكل أفضل وأقوي في حالة توحد هذه القوي. وهل سيكون بالإمكان تداول السلطة سلميا في ظل مايطلق عليه بمحاولات إخونة الدولة ؟ يجب ألا تتبع الأجهزة التنفيذية »خاصة الداخلية والحكم المحلي« فصيل سياسي معين حتي لايكون لها تأثير هام في نتائج الانتخابات من هنا يأتي الخوف من تمكن تيار سياسي من آليات قدتؤثر في نتائج العملية الانتخابية. فلا يجب أن يكون للجهاز التنفيذي أي علاقة بالانتخابات. وهنا يشير الدكتور غنيم إلي أن المقصود هو التداول الحقيقي فتغيير حكومة عاطف عبيد بحكومة أحمد نظيف مثلا أو الانتقال من خاتمي لنجاد لايعد تداولا للسلطة! كما يجب ألا نغفل عن أن الديمقراطية ليست صندوق إنتخابات فقط فهناك الحريات كحرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف ومنظمات المجتمع المدني والسماح بمراقبة الإنتخابات ومتابعتها وكلها آليات ضرورية.. كما أن الدستور والقانون يجب أن يمثل ردعا للحاكم في حالة خطئه. وتداول السلطة السلمي في أي مكان في العالم عملية ناعمة وسلسة كمانري في الانتقال من العمال للمحافظين في إنجلترا أومن الجمهوريين للديمقراطيين في أمريكا. وكيف ترصد أزمة الصحف القومية مع مجلس الشوري ؟ كان هناك قانونا فاسدا يحكم الصحف القومية قبل الثورة كان يضمن السيطرة الكاملة للحكومة علي هذه الصحف. وللأسف الشديد النظام الحالي يستخدم نفس الآليات لتحقيق الأغراض الخاصة كما كان ينتهجها الحزب الوطني نفسه. فالموقف الحالي يشير إلي أن مجلس الشوري ووزير الإعلام القادم من قلب الجماعة سيسعيان للهيمنة علي الإعلام لكن في المقابل هناك صحافة مستقلة وإعلام مستقل. كما أنني علة ثقة من أن العاملين بالصحف القومية أيضا سوف يقاومون أي محاولات للهيمنة علي مؤسساتهم.