لا أفهم من هذا الصمت من جانب الأحزاب والقوي السياسية تجاه المعركة التي تدور حول مستقبل الصحف القومية؟!.. هذه ليست معركة من المعارك التي يمكن لأي فصيل سياسي أن يتجاهلها.. إنها ليست معركة حول مناصب أو مصالح شخصية، ولكنها معركة بين من يريدون »تحرير«، الصحافة، ومن يريدون »توريث«، المؤسسات الصحفية الكبري، والهيمنة علي الاعلام الوطني كمقدمة للسيطرة علي باقي مؤسسات الدولة!! »تحرير« أو »توريث«.. هذا هو جوهر المعركة التي تدور حول مستقبل الصحافة القومية، رغم كل قنابل الدخان التي تحاول حجب الرؤية، ورغم حملات الأكاذيب التي تحاول تضليل الرأي العام.. إن الأمر ببساطة هو اننا نؤمن أن ما كان قبل الثورة لا يمكن أن يستمر. لقد تحملت الجماعة الصحفية العبء الأكبر علي مدي السنين في كشف الفساد ومقاومة الاستبداد والتبشير بالثورة، فهل تكون النتيجة أن نستبدل استبدادا باستبداد، وأن تنتقل »الهيمنة«، المرفوضة علي الصحافة القومية والإعلام الوطني.. من حزب حاكم سقط إلي حزب حاكم جديد؟! نرفض هذا ونقاومه، وسنقاومه حتي النهاية. ونصر علي تحرير الصحافة القومية والإعلام الوطني، والاستقلال الكامل لهما، بعيدا عن سيطرة أي حزب أو جماعة. نريد صحافة »قومية«، تؤدي واجبها بموضوعية والتزام مهني ووطني، ولا يكون لها من ولاء إلا للقاريء، وللحقيقة، وللوطن.. فهل هذه معركة يمكن للأحزاب والقوي السياسية أن تلتزم فيها الصمت؟! لقد قال المجلس الأعلي للصحافة كلمته، وأدان بالإجماع المهزلة التي تحدث من جانب مجلس الشوري ولجانه البائسة تجاه الصحافة المصرية. فقال مجلس نقابة الصحفيين أيضا كلمته. واستقال الزميل صلاح منتصر والنائب المحترم مجدي المعصراوي من عضوية لجنة شهاب الدين وفضحا الجريمة التي يتم ارتكابها في حق الصحافة وفي حق الوطن، ومع ذلك مازال صوت الأحزاب والقوي السياسية غائبا عن هذه المعركة، وكذلك المنظمات المدنية! ومازال الأمر ملتبسا عند الكثيرين الذين لا يدركون أن الاستحواذ علي الصحافة القومية ليس إلا الخطوة الأولي نحو »الاستحواذ« علي كل مؤسسات الدولة! ولست أشك لحظة واحدة في أن الصحافة ستنتصر في هذه المعركة كما انتصرت في كل المعارك التي خاضتها من أجل الحريات والديمقراطية. ولست أشك في أن العار سيلحق بكل من يشارك في محاولة »توريث«، الصحافة القومية. ولست أشك أيضا في أننا سنقيم النظام الصحفي الجديد الذي يضمن حرية الصحافة واستقلال المؤسسات القومية ويوفر لها الامكانيات للقيام بدورها وأداء رسالتها. فقط ينبغي التذكير بأن من يصمت أثناء معارك الحرية، عليه أن يدرك أن أحدا لن يستمع له بعد ذلك!