جلال عارف لمثلي ان يحزن كثيرا حين يري هذا المشهد.. ظهر الخميس، وعلي سلم نقابة الصحفيين الذي كان عنوانا لكل حركات مقاومة النظام السابق، يقف فريقان من الصحفيين بموقفين مختلفين من التدابير الأخيرة لمجلس الشوري بشأن المؤسسات الصحفية القومية!! إنها بوادر الفتنة التي ينبغي ان تتصدي لها الجماعة الصحفية كلها. والتي يبدو انها الهدف الأساسي وراء كل ما يحدث!! انها بوادر الفتنة التي يراد بها ضرب وحدة الصحفيين التي كانت علي الدوام سلاحهم الأساسي في كل معارك الحرية التي خاضوها لمصلحة الوطن، وانتصروا فيها ففتحوا أبواب التغيير وكانوا البشير الحقيقي بالثورة. أثق في ان التآمر لزرع الفتنة في الجسد الصحفي ستنشل. فليس هناك خلاف أساسي بين الصحفيين في هذه الأزمة.. وستتوحد صفوفهم كما كانوا دائما حين يواجهون التحديات والعدوان علي الصحافة وحريتها واستقلالها. يحاول صانعو الفتنة أن يستغلوا سوء الأحوال في بعض المؤسسات، ورغبة الصحفيين العاملين فيها في التغيير وإعطاء الفرصة للكفاءات الحقيقية، وهي أمور لا خلاف عليها، ولكن التجربة علمتنا انه بدون اصلاح شامل لهذه المؤسسات، وتحرير كامل لها من التبعية لأي من مؤسسات الدولة الكبري، فلن يكون هناك نجاح حقيقي. لقد كافح الصحفيون طويلا من أجل إنهاء سيطرة الحكم وحزبه وأجهزته الأمنية علي مقدرات الصحافة وتحكمها في تعيين القيادات. وكان الصحفيون هم الذين كشفوا الفساد وهم الذين فرضوا التغيير لابعاد قيادات ظلت في مواقعها طويلا دون سند من القانون. لكن ذلك كله لم يكن كافيا لان النظم التي حكمت المؤسسات الصحفية القومية ظلت كما هي، وهيمنة الحاكم علي هذه المؤسسات عطلت كل اصلاح. القضية الجوهرية الآن.. ان ما كان قائما قبل الثورة لا يمكن ان يستمر بعدها. وانه قد آن الأوان لتحرير الصحافة القومية تحريرا كاملا من سيطرة أي سلطة تنفيذية أو تشريعية. وانه لابد من نظام جديد يحقق الاستقلال الكامل للصحافة القومية لكي تستطيع ان تؤدي دورها في خدمة الوطن. فليرفع مجلس الشوري يده عن الصحافة القومية، فلن يقبل احد ان تستمر المسرحية الرديئة حتي لو تغير الممثلون. ولا أحد سيقبل ان تمارس الهيمنة علي الصحافة القومية تحت عباءة الحزب الوطني بالأمس، ثم تحت عباءة حزب الحرية والعدالة اليوم، ثم تحت أي عباءة لأي حزب يحصل علي الأغلبية في مجلس الشوري. ان الطريق المستقيم للإصلاح هو الأقصر.. فاستقيموا يرحمكم الله.