نعم الباز الصحافة ليست إناء للرأي العام فقط وليست دافعا لما يهبط من الأمور ليستعدل.. الصحافة جزء من نسيج الأمة وجزء من لحم الوطن الصحافة منذ بدايتها بالوقائع المصرية هي سجل لصورة المجتمع ودلالات التغيير. ومنذ بداية مسئولية مجلس الشوري القديم ثم استخراج المجلس الأعلي للصحافة من ضلعه وأنا أعيش حالة من القلق ليس من أجل الصحافة ولكن من أجل الذين استولوا علي العرش واصبحوا يملكون ويحكمون وفي عام 2005 تمت مؤامرة خروجي من أخبار اليوم في العيد الخمسين لدخولي الحقل الصحفي خرجت بمكالمة تليفونية من الزميل محمد بركات والذي كان جالسا لتوه علي مقعد رئيس التحرير ولم ينتابني اي احساس ناحيته سوي الاشفاق لانه لا يستطيع الوقوف في وجه رئيس الشوري الذي يملك ويحكم وأنا كائن أعيش لأكتب لا أكتب لأعيش من هذه التجربة تعلمت أنه ليس هناك حرية للأقلام وأنه في أي وقت يتوقف نبض الكتابة وحينما قامت ثورة يناير اعتقدت ان كل شيء سوف يتغير ولكن يبدو أنه كان هناك ثمة اعجاب بمقدرة الحزب الوطني علي التأثير علي الساحة والتسلط عليها فحذوا حذوها. وحينما نما إلي علمي بشأن اللجنة التي سوف تختار رؤساء التحرير تعجبت فقد منّ الله علي الاخبار بابن بار من أبنائها كان في طفولته أحد نجوم باب الأطفال الذي كنت أحرره. شاب موهوب دخلت نسيجه جينات والده الراحل الزميل فتحي رزق الذي استوطن القنال ورفض أن يترك الجهاد بالقلم رغم الحاح اساتذتنا مصطفي وعلي أمين ومن يعوهما موسي صبري لكي يجئ إلي الأخبار نائبا لرئيس التحرير ولكنه كان يرفض باستمرار. ياسر رزق استطاع في زمن قياسي أن يرفع توزيع الأخبار اربعة أضعاف!! والصحافة ياسادة صناعة وليست منبرا للرأي والرأي الآخر فقط.. صناعة يعيش علي خيرها الآلاف. لهذا حينما سمعت هذا الخبر اخترت أن اسلك البيوت من أبوابها واخذت أوراقي وأقلامي وذهبت إلي الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري وقلت له بالحرف الواحد: أنا صحفية في خريف العمر أنا في نهاية الطريق والشباب في أوله وأنا اسألك عن فائدة ما يحدث من هذا التغيير فقال لي انه للصالح. فقلت له ان الموجودين الآن سواء في الأخبار أو الأهرام هم اصلح الموجود. وأخبرته أن أخبار اليوم مثل الاجسام الطاردة لاي عنصر خارجي وأن ترمومتر الرفض هو التوزيع ولعلك لو عدت إلي زمن التأميم سوف تجد أن التوزيع تدهور تماما بعد أن تمت تنحية كبار الكتاب وتسلم الجرائد من لا يعرفون شيئا عن الحرف وأهميته في تكوينة المصريين وكان الدكتور أحمد فهمي متفهما جدا وحاورته ونشر الحوار. ثم تحدثت مع رئيس اللجنة المهندس فتحي شهاب الدين فقال لي ان لدينا لجنة مكونة من أهم وأعرق الكتاب هل لا تثقين في صلاح منتصر؟ هل تهتز ثقتك في هدايت عبدالنبي واكتفيت باسم صلاح منتصر فهو علامة الجودة والصادق الأمين ولكن وجدت اقتناعا بأهيمة أن يبقي ياسر رزق من أجل نجاح صحيفة لانه بامكانيته مرشح لرئاسة تحرير أي جريدة يراد لها النجاح. وفجأة سمعت كلاما هنا وقرارات تتناثر من تغييرات لا يراد بها سوي »اخونة« الصحافة واحساس الجماعة بالأمان والحماية بالسيطرة علي الصحافة وبزرع من يريدون. الغريب انني شعرت بالأمان مع حديث الدكتور أحمد فهمي وتعجبت لاختيار المهندس فتحي شهاب والذي علمت انه ليست لديه خبرات إعلامية ولكنه دمث الخلق. تأكدت وزاد من قلقي لان الصحافة صناعة ان خيرت الشاطر صاحب العقلية الاقتصادية الفذة هو صاحب هذه الاقتراحات. ان ما يحدث في الصحافة الآن هو ضربة تحت الحزام وفوقه ليس للديمقراطية فقط ولكن للعصر بأكمله اردت أن اترك قلقي من أجل الجريدة التي التزمت بها منذ 57 عاما.. ولكن القلق سوف يستمر.. وسوف ينتقل مني إلي الأجيال. رغم قلقي إلا أن مصر التي لم ترجع بل كانت تقف علي جنب ويسندها أولادها وتقف.. وسوف تقف بإذن الله.