تتميز مصر بصفة عامة بتنوعها الذي يوحدها ويمنحها قوة التماسك امام أي حالات للتفكيك فمنذ توحيد القطرين وهي مستمرة في صلابتها ووحدتها وما جمهورية زفتي وإمبابة إلا مصطلحات تميز بها الشعب المصري الذي غالباً لا يكون منه ذلك إلا علي سبيل الدعابة دون الإصرار والقصد ودون أن تكون واقعاً ملموساً له أمد يطول0 وإذا نظرنا إلي بعض البقاع من القطر المصري نجد أن هناك حالات تشابه في الظروف المحيطة التي تبعتها أحداث ليس للشعب المصري يد فيها وإنما سياسة حكومات متعاقبة من ناحية وقوة قاهرة من ناحية أخري فشبه جزيرة سيناء توالت عليها الحروب والاحتلال مما عطل فرص التنمية وتحقيق الاستقرار فكانت الهجرة من أرضها تمت قسراً إلي رحابة وادي النيل ثم تمت العودة لأبنائها بغية تيسير سبل المعيشة لهم والمساعدة علي تعميرها لتكون سداً منيعاً ضد أي عدوان محتمل0 كذلك أهل النوبة الذين تعرضوا للهجرة القسرية نتيجة إنشاء مشروع السد العالي وبعدهم عن الموطن الأصلي الذي فيه حياتهم حيث النيل يجري فيؤنس وحشتهم في بلاد مقفرة إلا من الهمم والعزم الذي لايلين في التشبث بالأرض وإن امتنعت عليهم من العطاء إلا أن نفوسهم تهفوا إليها دوماً في يقظتهم وأحلامهم فلاخوف منهم علي استقطاعها وضياعها ولاخوف عليهم من شحوبها واضمحلالها0 ونتيجة لهذا حاولت سلطات الدولة علاج كل حالة ببث الطمأنينة والرعاية الشاملة إلا أن بعضاً من المسئولين قد لايري غضاضة في استعداء تلك المناطق وعزلها كأنها مناطق كوارث وتمثل خطراً علي مقتضيات الأمن القومي.. نقول ذلك بمناسبة إعلان في الصحف الحكومية خاص بوزارة الزراعة ممثلة في الهيئة العامة للتعمير والمشروعات الزراعية يحدد مساحات من الأراضي في سيناء وبلاد النوبة يتم طرحها بالمزاد العلني في شهر يوليو وأغسطس من العام الجاري وكأن حرارة الصيف تستدعي أن تزداد حراره بمثل تلك الإعلانات دون النظر إلي ما تمثله من حالة يمكن أن تؤدي إلي اضطراب في تلك المناطق لأنها لاتراعي الطبيعة التي تقوم عليها تلك المجتمعات ليس بغرض تحصيل ميزة أو تجاوز لقانون وإنما حالة التضارب بين القوانين والتصريحات والقرارات التي يمكن أن تنظم عملية توزيع الأراضي في تلك المناطق بنظام خاص مغاير لما تعودنا عليه من أن كل شئ أصبح بالمزاد العلني0. نعلم تماماً أن هناك حاجة إلي استرداد ماتم إنفاقه من أعمال للبنيه التحتية لتلك الأراضي المستصلحه ولكن يمكن أن تكون مساهمة الدولة ظاهرة دون النظر إلي الجدوي الاقتصادية ويساهم المقيم بقدر مناسب لكي نساعده علي التوطين والاستقرار دون أن يكون هناك تهجير قسري مرة أخري ولكن بقوة حكومية وليست قهرية تساعد علي تصعيد وافتعال المشكلات الناجمة عن ذلك المزاد.. ولكي تستقر الأوضاع في تلك البلاد فإن الحاجة إلي التنسيق بين كافة أجهزة الدولة بات أمراً ملحاً حيث إن هناك مرسوماً بقانون صدر يحمل رقم 14 لسنه 2012م خاص بالتنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء لم يتم مراعاته أثناء صدور هذا الإعلان وتم الاكتفاء بقانون الأراضي الصحراوية وقانون المزايدات والمناقصات وكذلك الأمر بالنسبة لبلاد النوبة لم يتم الانتظار لحين تطوير منطقة السد العالي وماحولها من خلال جهة أوهيئة تعني بشئونها مما يسبب حالة من الارتباك والفوضي الناجمة عن غياب التخطيط المدروس الذي يراعي كافة الأبعاد التنموية وأولها البعد الاجتماعي الذي يراعي طبيعة السكان والمكان0 لقد تقدمنا فيما يخص سيناء ببعض الاقتراحات إلي وزارة الزراعة إلا أنه لم يتم النظر لها بعين الاعتبار ومنها: أولا: توجد مساحات من الأراضي التي تم زراعتها قديما بمعرفة واضعي اليد وتم حصرها بالتنسيق مع جهاز تنمية شمال سيناء والمحافظة بناء علي قرار محافظ شمال سيناء رقم 347 لسنة 1997م والتي بلغت مساحتها 7015 فدان خارج كردوانات القري والمدن كما تم طلب إعاده الحصر وصدور قرار بذلك من محافظه شمال سيناء بناء علي موافقة وزارة الزراعة في عام 2007م ولم يتم السير في الإجراءات. ثانياًً: يوجد وضع يد هادئ ومستقر ومساحات أراض للقبائل في شمال سيناء تقع فيها تجمعاتهم ولها حدود وأوصاف ومعالم يتم مراعاته عند التصرف في الأراضي تحقيقاً للبعد الأمني والاجتماعي وللمساعدة علي الاستقرار وإتاحة المزيد من فرص العمل . ثالثاًً: بالنسبة للمساحات الزراعية الصغيرة والمتوسطة القائمة بمعرفة واضعي اليد والتي لاتتجاوزر عشرة أفدنة يتم تزويدها بالبنية الداخلية ويخصص 5 أفدنة علي الأقل لكل فرد من ابناء المنطقة وتدخل ضمن مناطق صغار المنتفعين ومحاسبتهم علي سعر الفدان طبقاً لأسعار الأراضي الصحراوية مع تحميلهم تكلفة البنية الداخلية بنفس شروط صغار المزارعين.. أما بخصوص المساحات الكبيرة التي تتجاوز العشرة أفدنة فيسري عليها اقتراح اللجنة الوزارية العليا المشرفة علي المشروعات القومية الكبري بتاريخ 20/6/2002م وهو:1-يتم إمداد تلك الأراضي بالمياه من المشروع علي أن يتم المحاسبه طبقاً لفئات صغار المزارعين علي أساس سعر الفدان سبعة آلاف جنيه إلي عشرة آلاف حنيه مع سداد مقدم الثمن بواقع 10٪ من ثمن الأرض مع بقاء باقي الشروط الخاصة بصغار المزارعين وإعطاء فترة سماح لمدة سنتين أوثلاث سنوات وتقسيط الباقي علي عشرة أقساط سنوية متساوية. وأخيراً إنه لايصح أن نأخذ كل شئ بالمزاد العلني وخاصة في تلك المناطق التي لها أهمية إستراتيجية وتشكل عمقاً للسيادة المصرية وتحافظ علي أركان الدولة من الانهيار.. كما أننا نحتاج إلي إعادة النظر في هذا المزاد العلني وإرجائه ووقفه لمزيد من الدراسة ولحين استقرار الأوضاع وإعداد مشروع دستور جديد للبلاد يتوافق عليه الشعب يؤسس لدولة القانون أن تسود وتكون المصالح العليا للبلاد هي الأساس من خلال سلطة الشعب صاحب السيادة0