ولد علي مصطفي مشرفة في 11 يوليو 8981 بمدينة دمياط وكان من الجيل الذي عاصر ثورة 9191 وخطوات مصر الأولي نحو النهضة والاستقلال. وحينذاك كتب مصطفي مشرفة إلي محمود فهمي النقراشي احد قادة شباب الثورة حينذاك من جامعة توتنجهام بإنجلترا خلال بعثته العلمية ليخبره برغبته في العودة إلي مصر للمشاركة في الثورة كان جواب النقراشي له: نحن نحتاج إليك عالما أكثر ما نحتاج إليك ثائرا، أكمل دراستك ويمكنك أن تخدم مصر في جامعات انجلترا أكثر مما تخدمها في شوارع مصر. وبعد ذلك اغتيل محمود فهمي النقراشي في ديسمبر وكان قد اصبح رئيس وزراء مصر علي يد عبدالمجيد أحمد حسن من جماعة الإخوان المسلمين بعد ان اصدر النقراشي قرارا بحلها في نوفمبر من نفس العام. وقد صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ أيام، في وقت نحن أحوج فيه إلي التعريف برواد النهضة في مصر وعلمائها البارزين، كتاب »نحن والعلم« للدكتور علي مصطفي مشرفة (8981-0591م)، الذي صدرت طبعته الأولي من مكتبة الجيل الجديد بالقاهرة. وقد كان علي مصطفي مشرفة أول عميد مصري لكلية العلوم 3691 كان قد حصل عليها وهو لم يتعد 62 عاما في 2491 علي دكتوراه في العلم D.S.C ليصبح العالم الحادي عشر في العالم كله، ولتفوق مشرفة في نظريات الاشعاع والذرة طلب منه البرت أينشتين في 5491 أن يلتحق بفريق عمله في جامعة برنستون العريقة كأستاذ زائر لإلقاء سلسلة محاضرات عن أبحاثه في المادة والذرة والإشعاع. وفي هذا العام قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية بتجربة أول قنبلة ذرية في مشروع مانهاتن فأصدر مشرفة كتابا للعامة عن الذرة والقنابل الذرية ليكون بذلك أول من قام بنشر أسرار وخبايا هذا التطور الخطير في علوم الفيزياء والمادة، وعندما كان يؤلف كتابه »العلم والحياة« نشر في 6491 لم يكن خبر القنابل الذرية قد أذيع علي الناس بعد، ولذلك نوه مشرفة في آخر فصل بالكتاب علي أهمية العلم في حياة الشعوب والأمم . ومن الجدير بالذكر أن مصر كانت بصدد تفعيل البرنامج النووي المصري في منطقة الضبعة وتم تجميده في عام 6891 لتكون الضبعة موقعا لأول محطة كهرباء، تعمل بالطاقة النووية في مصر، وكانت مصر تأمل أن تبدأ تشغيل المفاعل الذي ستبلغ طاقته 0001 ميجا وات في 9102 ليواجه زيادة الطلب علي الكهرباء وقد يكون هناك من تحفظات علي الآثار البيئية ومخاطر المفاعلات النووية التي تعتمد عليها أمريكا وفرنسا واليابان للحصول علي ما يزيد علي 05٪ من انتاج الطاقة عالميا وأن هناك 934 مصدرا للطاقة النووية في العالم في 13 دولة، فإن إسرائيل قد أبدت تخوفها من إنشاء هذا المفاعل. والمعروف إن مشروع الضبعة قد تعرض في 6002 إلي محاولة لتجميد بنائه لصالح بناء مجمع سكني علي مساحة طولها 56كم وبعمق 6كم لشركة العمار التي يشير الخبر المنشور بمنتديات المجموعة المصرية للخدمات المالية في 9/9/6002 أنها علي علاقة برموز الإدارة الأمريكية وجمال مبارك. وفي بداية هذا العام تم اقتحام وتفجير جميع المنشآت الخاصة بالمفاعل النووي بالديناميت حسبما جاء بموقع بوابة الأهرام في 51/1/1102 »انظر مقالة محمد مجدي بدر الدين، الأخبار 8/7/2102 وبذلك وبعد صرف مئات الملايين من الجنيهات يتبدد مشروع أول محطة طاقة نووية في مصر«. وربما كان عزاؤنا- إذا كان هناك من عزاء- أن مشرفة كان أول من نادي باستخدام الطاقة الشمسية في مصر، وفي كتابه »نحن والعلم« 5491 يؤكد ان استنباط القدرة من حرارة الشمس لايزال من الناحية العملية في مرحلة تجريبية إلا أنني أري أن مصر في مقدمة الأمم التي يجب ان تعني بدراسة هذا الموضوع إذ تزيد كمية الطاقة علي قدرة المحركات الآلية في العالم كله! ويدرك د. علي مصطفي مشرفة أن ازدياد الثروة القومية مرهون باهتمامنا بالطاقة أكثر ما هو مرهون بالري، ويقدم د. مشرفة رؤية ثاقبة لمستقبل مصر الذي لم يتحقق للأسف- رؤية تعتمد علي الطاقة »وكان أيضا ممن سبقوا في المنادة بتوليد الطاقة من سد أسوان« والثروة المعدنية تحت إشراف وزارة للاقتصاد العلمي تقوم بدراسة المشروعات لوضع برنامج تنفيذي. ومع أن نشأة د. مصطفي مشرفة دينية وكان والده يعرف جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وأنه حفظ القرآن الكريم في طفولته، كما كان يحفظ الصحيح من الأحاديث، وأن المصحف لم يكن يفارقه في السفر والحضر لم يتجه د. مشرفة إلي خلط الدين بالسياسة، ولم ير كما كان بعض علماء الأزهر يري أن هناك ما يمنع من الإلمام بالعلوم »لأن الدين يشجع علي طلب العلم ويأمر باستخدام العقل وسائر الحواس ويترك الفكر حرا في تفسير الظواهر الطبيعية ومنطق العلم منطق سليم في نظر الدين والعقل يجب ان ينظر وأن يفكر مؤكدا ان طالب العلم طالب حقيقة وطلب العلم مبني علي قيمة روحية هي حب الحق »العلم والحياة«. ولم يكن أساس منهج د. مشرفة لنهضة مصر استعادة الخلافة العثمانية التي سقطت بينما كان هو يتلقي في نفس العام 4291 أعظم شهادة علمية في العالم أجمع من جامعة انجليزية عريقة. وقد تقدم د. مشرفة بهذه الآراء لنهضة مصر قبل أن يولد د. محمد مرسي بست سنوات بقرية العدوة، محافظة الشرقية وفي عام 2891 حصل د. مرسي علي الدكتوراه من جامعة أمريكية 2891 ليتميز في دراسة معالجة أسطح المعادن. فهل يستطيع د. محمد مرسي وقد أصبح رئيسا لمصر أن يحقق أحلام د. مشرفة لتأخذ مصر مكانتها بين الأمم، ومن المفارقات أن د. علي مصطفي مشرفة استعاد في كتابة »العلم والحياة« مقولة سقراط في حواره مع جلوكون: هل يستطيع مرسي أن يخلق مؤسسة علمية لا تعتمد علي سنوات الخدمة والمحسوبية والعلاقات الأسرية والانتماءات السياسية والحزبية بل علي الكفاءة والخبرة كما شهد في جامعة جنوب كاليفورنيا؟، وهل يستطيع أن تكون الأولوية لرفع الانفاق علي التعليم العالي والبحث العلمي إلي المدي الذي يمكن من خلاله القيام بالأبحاث اللازمة لنهضة الزراعة والصناعة والانتاج؟، وهل يدعو الخبراء إلي تقديم مشروعات علمية اقتصادية متكاملة »خاصة المشروعات الصغيرة المتوسطة« تعود بالنفع علي المصريين في جميع المحافظات؟، وهل نري مثالا جديدا لحاكم يستلهم ديمقراطية العلم كأسس لديمقراطية المجتمع وكعالم يري في السياسة وسيلة لخير البشر وإسعادهم كما يري د. علي مصطفي مشرفة؟، فالدولة إنما يقصد بها خير الجماعة يعني الجماعة الوطنية في أعلم درجاته ولذلك فإن الذين يتولون أمور الدولة ويحكمون المجتمع يجب أن يكونوا أعرف الناس بمعني الخير وأقدرهم علي إدراك القيم الروحية للحياة البشرية، فالعلماء يمتازون بأنهم يطلبون الحقيقة ويحبون الحق، ومن أحب الحق كان صادقا متعلقا بالفضيلة، متحليا بالمروءة والأخلاق الكريمة.. وكما أن الإنسان لا يكون إنسانا إلا إذا سما فكره، واتسع إدراكه، وتفتق ذهنه، فكذلك حياته الاجتماعية ونظمه السياسية يجب أن تبني علي مثل عليا من العدالة الاجتماعية. ونأمل في ذكري ميلاد هذا العالم النابغة - 11 يوليو- أن تصدر وزارة الثقافة ثبتا بجميع أعماله وأن تحتفي الدولة بذكراه العاطرة كمثل ونموذج لعالم مصري موسوعي مرموق علي الصعيد العالمي ساهم في نشر الثقافة العلمية وفي إبراز أهمية العلم في المجتمع ولنتذكر ان ما مرت به مصر منذ 4291 من تدهور في الاقتصاد والثقافة العامة وشيوع الجهل وازدياد معدلات الفقر لم يكن إلا لاننا اتخذنا طريق السياسة والدين بدون العلم.