جلال عارف كل التقدير للأخوة والأخوات من المفكرين والسياسيين الذين رفضوا الدعوة للقاء وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، حين اكتشفوا انهم مدعوون بوصفهم أقباطا، وأن اللقاء سيكون قاصرا عليهم ليبحثوا مع الوزيرة الأمريكية مشاكل أقباط مصر تحت العنوان الزائف »حقوق الأقليات«!! موقف يتوافق مع تاريخ طويل للحركة الوطنية المصرية، يرفض أن يكون الأقباط »أقلية« بل هم شركاء في الوطن علي قدم المساواة، ويرفض أن يكون ل»الأجنبي« أيا كان دوره في شئوننا الداخلية، ويصر علي أن قضايا الأقباط مثل قضايا المسلمين تحل في اطار الأسرة المصرية الواحدة، وفي ظل الدولة المدنية التي تكفل حقوق كل المواطنين، والتي أقمناها بتضحيات أجيال وراء أجيال، ولن نفرط فيها ولو اضطررنا للقتال ضد عصابات التطرف وأصوات الإرهاب! أهمية الموقف الرافض لدعوة الوزيرة الأمريكية، تأتي في ظل موقف أمريكي يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب. ففي الوقت الذي لا تخفي الإدارة الأمريكية توجهاتها نحو تدعيم العلاقات مع الأحزاب المنتمية للإسلام السياسي، وفي الوقت الذي تجلس فيه السفيرة الأمريكية مع بعض هذه الأحزاب لتستعرض مرشحيها للحكومة القادمة(!!) وتستفسر عن الوزارات التي يريدونها(!!).. في هذا الوقت يستقبل الكونجرس الأمريكي مؤتمرا لبحث قضايا الأقباط في مصر(!!) وتدعو الوزيرة الأمريكية السياسيين والمفكرين الأقباط لبحث قضيتهم.. وكأنها تريد أن تمضي باللعبة حتي نهايتها: حكم إسلامي، ومشكلة قبطية، وطلاق دائم أو مؤقت مع الليبراليين، وإمساك بالخيوط كلها بأصابع أمريكية تقود مصر إلي الأسوأ، ولكنها تحفظ المصالح الأمريكية.. والإسرائيلية بالطبع! اللعبة قديمة، ومكشوفة، ومرفوضة من شعب مصر بأكمله. وإذا كان البعض مازال يتصور ان الأمان سيتحقق له بالجلوس علي حجر أمريكا، فعليه أن يسأل نفسه: أين ذهب الذين جلسوا قبله في نفس المكان؟! اللعبة قديمة، ومكشوفة، ومرفوضة.. خاصة حين يترافق معها هذا التدخل غير المسبوق في شئوننا الداخلية، وهذه الوقاحة التي بلغت مداها في تعليقات السيدة كلينتون نفسها حول أحكام القضاء في مصر!!.. والسؤال المهم الآن هو: ماذا قالت مصر الرسمية للوزيرة الأمريكية بهذا الشأن؟ هل أبلغها حكام مصر الذين قابلوها ان التدخل في شئوننا الداخلية ممنوع، وان الثورة التي قامت لاسترداد الإرادة المصرية الحرة لن تسمح باستمرار التبعية لأمريكا أو لغيرها، وان الزمن الذي كانت تؤلف فيه الحكومات المصرية في السفارات الأجنبية قد ولي منذ زمن بعيد؟! هل سمعت الوزيرة الأمريكية ما ينبغي سماعه من المسئولين المصريين؟ أم ان صراعات الحكم تركت هذه المهمة للشارع السياسي وحده.. ولو إلي حين؟!