جلال عارف السكوت علي التدخل الخارجي »الأمريكي أساسا« في شئوننا الداخلية هو كارثة حقيقية بكل المقاييس. إن بعض ما قيل أخيراً وخاصة علي لسان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بلغ حدا من الوقاحة في التعامل مع مصر لا يمكن قبوله.. أعرف أننا في زمن تكتسب فيه قضايا الحريات وحقوق الإنسان بعدا دوليا لا يمكن تجاهله، ولكن ذلك لا يعني أن تتحدث المسئولة الأمريكية وكأنها تملك حق الوصاية علي مصر، أو كأنها هي التي ستتحكم حتي في أحكام القضاء وفي نتائج الانتخابات وفي اختيار من يحكم مصر!! ربما تراهن أمريكا علي نفوذ ورثته من نظام سابق كان يرضي بأن تكون كل أوراق اللعبة عند واشنطن!! وربما تراهن أمريكا علي علاقات مميزة بكل الأطراف المتصارعة علي السلطة الآن!.. وربما تراهن أمريكا علي أوضاع اقتصادية سيئة وعلي متاعب استراتيجية يمكن أن تثيرها أمام مصر نري جزءا منها الآن في سيناء!!.. لكن الرضوخ لذلك من جانبنا هو أمر لا يمكن أن يسمح شعب ثار من أجل كرامته، ومن أجل استقلال إرادته، ومن أجل أن يكون القرار في كل ما يجري علي أرض مصر هو لشعبها وللمؤسسات الدستورية التي تمثله. ولاشك أن ما اقترفناه من أخطاء في حق أنفسنا منذ الثورة وحتي الآن، هو الذي وضعنا في هذه الظروف البائسة التي تنقسم فيها مصر علي نفسها وتدخل في صراع مرير علي السلطة بينما الاقتصاد يسوء والأمن الوطني في خطر. ولاشك أن هذه الأوضاع هي التي تفتح أبواب التدخل الأجنبي الذي يزداد شراسة ووقاحة يوما بعد يوم!! مؤسف بلاشك ألا نري الرد الرسمي العاجل والحاسم من السلطات المصرية علي هذه الوقاحة الأمريكية. ومؤسف أكثر ألا يقف المرشحان الرئيسيان الموقف المطلوب والواجب، فيعلن كل منهما بدون تردد الادانة الكاملة للتدخل الأجنبي في شئوننها، ويؤكد أنه لا يوجد ما يخفيه علينا عن علاقته بأمريكا أو غيرها. ومع ذلك يبقي القرار في يد الشعب، وفي يد القوي الوطنية التي تعرف حقيقة الصراع الذي يدور حول مصر ودورها ومستقبلها. ويبقي أننا نعرف بركات الجهود الأمريكية في ابداء الديمقراطية والتي راح ضحيتها مليون عراقي وانتهت بخراب العراق وتسليمه لإيران!! والتي راح ضحيتها في ليبيا حتي الآن ستون ألفا مع تخريب ليبيا وتسليمها للحرب الأهلية! ويبقي أن تقول القوي الوطنية كلمتها في الرفض الحاسم للتدخل الأمريكي الوقح. وأن تقول لامريكا إن سفيرتهم التي جاءت لتعيد انتاج التجربة الباكستانية في مصر هي شخص غير مرغوب في وجوده، وأن من يحكم مصر سيأتي بإرادة شعبها وحده، وليس بقرار أمريكي يتصور أن مصر بعد الثورة يمكن أن تظل في بيت الطاعة!