لدينا أكثر من أربعين حزباً علي الساحة السياسية. أعرف بعضها وأسمع أسماء بعضها الآخر لأول مرة. الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" صنفت أحزابنا كالآتي: 7 أحزاب ليبرالية. و 8 أحزاب إسلامية. و 6 أحزاب اشتراكية. وحزبان ناصريان. وحزبان يمينيان. و 9 أحزاب غير واضحة الهوية. وهذه الأحزاب كلها قسمتها الموسوعة إلي ثلاثة أقسام. القسم الأول: أحزاب قانونية مجمد نشاطها بسبب التنازع علي رئاستها. والقسم الثاني: أحزاب قانونية. والقسم الثالث:أحزاب وقوي غير معترف بها من الحكومة المصرية. بعد إطلاق حرية قيام الأحزاب إحدي ثمار ثورة 25يناير لم يعد هذا التقسيم صحيحاً. فلا فرق بين حزب قانوني أو حزب مختلف علي من يرأسه، ولا بينهما وبين حزب لا تعترف الحكومة بشرعيته. فكلها تمارس نشاطها بقدر ما لدي كل حزب من قدرات، وكوادر، وبرامج، يتأثر بها إيجاباً أو سلباً أمام صناديق الانتخابات التشريعية. توقفت أمام البيان الذي أصدره الحزب الشيوعي المصري تعليقاً علي النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الدكتور محمد مرسي. ربما لا يعرف كثيرون أن لدينا في مصر حزبا شيوعيا، رغم أن هذا الحزب تأسس منذ عام 1922، واضطر قادته إلي ممارسة نشاطه كحزب سري نتيجة رفض الحكومات الواحدة بعد الأخري خلال القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي الاعتراف به، ومطاردة قياداته، ومنع اجتماعاته، بكل ما لديها من قوانين وأوامر وتوجيهات وحملات: القمع، والردع، والتعذيب. جماعة الإخوان المسلمين تعرضت هي أيضاً لما لحق بالشيوعيين. الفارق بينهما أن الحكومات المصرية لم تتوقف يوماً عن مطاردة وقمع وردع وتعذيب رموز وأنصار المنهج الماركسي اللينيني الاشتراكيين والشيوعيين منذ بدء نشاطهم في بداية القرن الماضي وحتي السنوات القليلة الماضية، أما بالنسبة لجماعات التيارات الإسلامية فإن مطاردتهم وقمعهم وتعذيبهم كان مرحلياً تتخلله "هدنة" بين حملة وأخري. في أيام الملكية حظيت الجماعة برضاء حكومات، تحوّل إلي عداء من حكومات تالية اتهمت الجماعة بما فيها، حيناً، و بما ليس فيها أحياناً. وبعد ثورة 23يوليو 1952 كانت الجماعة من أوائل المؤيدين، والمهللين، لها.. بزعم أنه لولا نشاط عناصرها الدائم والمستمر وسط الجماهير المطحونة، وضد النظام الملكي الفاسد، لما قامت للضباط الأحرار قائمة! ليس هذا فقط.. بل قيل أيضاً أن أبرز الضباط الأحرار كانوا أعضاء في "الجماعة".. أو من المتحمسين لبرامجها الإصلاحية علي الأقل (..). شهر عسل استمر لفترة تحسب بالسنوات بين الضباط الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين. بعدها.. حدث الخلاف بين الحليفين لأسباب عديدة سرعان ما تحوّل إلي عداء انتهي إلي قيام الجماعة بإطلاق الرصاص علي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أثناء إلقاء خطابه التاريخي في ميدان المنشية بالإسكندرية. وهكذا فقد النظام الحاكم البقية الباقية من ثقته في الجماعة، وبدأت بالتالي حملات القمع والردع والتعذيب والترويع لجماعة الاخوان المسلمين. وتكررت الحكاية بنفس وقائعها بعد رحيل عبدالناصر وتولّي السادات رئاسة مصر. تصعيد المعارضة ضد السادات من جانب اليساريين والشيوعيين والناصريين، شجع المقربين من الرئيس الراحل أنور السادات علي نصحه بالتقرب من التيارات الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين ومنحهم الصلاحيات لمواجهة معارضيه، وهو ما رحبت به تلك التيارات مقابل حصولها علي حقوقها التي حرمت منها خلال النظام السابق. .. وعاد رموز الجماعة من مهجرهم في الخارج خاصة في السعودية وغيرها من دول الخليج للدفاع عن نظام السادات، علناً، ولإعادة بناء ما تهدم لهم ومنهم.. سراً. وكانت نتيجة هذه النصيحة من مستشاري السادات بعيداً عن التفاصيل المعروفة لنا جميعاً أن نجح أحد عناصر الإسلاميين "الاسلامبولي" في تفريغ رصاصات رشاشه الميري في جسد شهيد مصر الأعظم: الرئيس محمد أنور السادات (..). آسف علي الإطالة ابتعاداً عن حديثي الأساسي عن الحزب الشيوعي المصري أحد أقدم أحزابنا السياسية وعذري عنها أنها مقدمة رأيت ضرورتها لمواصلة ما بدأت به. .. وللحديث بقية.