محيى عبدالرحمن اختلطت الأمور وبات المشهد ضبابيا وتوارت الحقيقة خلف عواصف التشكيك التي تعاقبت نوّاتها مع كل خطوة للأمام، وأصبح حال المصريين كحال الأمة في فتنة الصراع بين علي ومعاوية، وفيها بايع المسلمون عليا فرفع معاوية وأنصاره قميص عثمان، ووقع الناس في حيرة، فريق مع علي وآخر مع معاوية وثالث اعتزل الأمر وفضل أن يكون من حزب المصطبة، دارت رحي الحرب وسقط الكثيرون قتلي بينهم حفظة القرآن ورواة الحديث الثقات، وجاءت الهدنة في قبول التحكيم، اختار علي أبو موسي الأشعري واختار معاوية عمرو بن العاص، كان الأشعري مسنا صادقا غير خبير بألاعيب السياسة وكان ابن العاص داهية، اتفق الاثنان في اجتماعهما المغلق علي خلع علي ومعاوية وترك الأمر لمن يختاره المسلمون، ولكبر سنه صعد الأشعري المنبر أولا ليعلن علي الملأ ما اتفق عليه فقال انه يخلع عليا من الخلافة كما يخلع سيفه من غمده، وكان يجب أن يفعل ابن العاص مثله ولكنه صعد المنبر وقال وأنا أثبت معاوية كما أثبت سيفي في غمده ، كثر الهرج والمرج وزاد تصدع الأمة وتباينت الآراء وتشيطنت الحلول حتي اتفق جماعة علي قتل علي ومعاوية وإراحة الناس منهما ليعود الأمر للاختيار مادام الصلح لم ينفع، وجاءت كلمة القدر ليُستشهد علي وينجو معاوية، تولي معاوية الخلافة وشغله الحكم عن عثمان وقميص عثمان، وتولي ورثته في الملك القصاص من الجميع علي يد سفاحهم الحجاج بن يوسف الثقفي الذي قال له سعيد بن جبير: عجبت لجرأتك علي الله وحلمه عليك، فيا أيها المغرضون المرجفون في المدينة من طرفي الصراع كفوا عن خداع المجروحين وتحريضهم علي ارتكاب جرائم ربما يفعلونها وهم يظنون إنهم يحسنون صنعا، ويا أيها المخدوعون اعلموا أنهم سيقولون : ما أطغيناهم ولكن كانوا في ضلال بعيد.