العصر الاموي عصر فتن متوالية.. اختفت فيه روح الدين، وتحولت السياسة فيه لمفاهيم متناقضة في الغالب مع المفاهيم القرآنية. فبعدما قتل علي ابن ابي طالب "رضي الله عنه"، بايع أهل المدينة ابنه الأكبر الحسن خليفة علي المسلمين.. فيما ظل معاوية بن ابي سفيان واليا علي الشام. ولما خرج الحسن لحرب معاوية كان الاثنان يتنازعان "الدنيا" و"الحكم" و"شهوة الملك" لكن الحسن الذي اضطر للتسليم قيل انه حصل من معاوية علي ألف ألف درهم، وقيل انه اشترط ان يأخذ من بيت المال ما يحتاجه!! ثم كف عن مطالبه في الخلافة. وارسل معاوية بدوره من يدس للحسن السم في عسل اعتاد شربه كل صباح فتألم شهرين ثم مات. يومها اخرج فقهاء البلاط حديثا متنه "ان لله جنودا في العسل"!! وعام 575 صعد الخليفة عبد الملك ابن مروان منبر رسول الله "صلي الله عليه وسلم" في المدينة وخطب في المسلمين "والله لا يأمرني أحد بعد مقامي هذا بتقوي الله إلا ضربت عنقه"! بعد مصرع الحسن.. دعا عبد الله بن الزبير بن العوام لنفسه، فبايعه أهل تهامة والحجاز واليمن خليفة علي المسلمين مدة 9 سنوات "فترة حكم يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان في دمشق" ولما اخرج يزيد بن معاوية جيشا لقتاله.. وصل مكة، وحاصرها ثم نصبوا المنجنيق حولها ورموها بكرات النار الحديدية حتي هدموا الكعبة المشرفة واماتوا معظم جيش ابن الزبير. ولما ولي عبد الملك بن مروان بعث الحجاج بن يوسف من جديد فحاصر مكة، وضرب الكعبة المشرفة للمرة الثانية فهدمها بعد اعاد بناءها عبد الله بن الزبير الذي امسكوا به.. وفصلوا رأسه عن جسده وصلبوه علي باب مكة، ثم دفنوا جثته في مقابر اليهود!! بعد مقتل الحسين بن علي "حفيد الرسول" في كربلاء أمر خليفة المسلمين يزيد ان يطوفوا برأسه المقطوعة شوارع الكوفة.. ففعلوا. ودخلت بنات الحسين "اسيرات" في حضرة الخليفة يزيد.. فسألت السيدة فاطمة:"بنات رسول الله سبايا يا يزيد"؟..لكن الخليفة لم يرد فقالت السيدة زينب: "كلا والله ما جعل الله ذلك إلا ان تخرج من ملتنا. وتدين بدين غيرنا"، فرد يزيد: "انما خرج من الدين ابوك وجدك" "يقصد الحسين وعلي بن ابي طالب رضي الله عنهما"!! صراع البيتين الاموي والهاشمي كان صراعا علي السلطة لا صراعا علي الدين رغم ان كل منهما اراد أن يظهره كذلك، ولما خرج زيد بن علي زين العابدين بن الحسين طالبا الخلافة "عام 5122" اصابوه بسهم مسموم في رأسه، وعثر الامويون علي قبره صدفة فامر "خليفة المسلمين" "هشام بن عبد الملك" فنبشوا القبر، واخرجوا الجثة.. وصلبوها علي باب دمشق.. وظللت كذلك حتي مات هشام، وتولي بعده الوليد بن يزيد فانزلها وامر بحرقها. بعد عمر بن الخطاب ظل الصراع سياسيا أكثر منه دينا، وظلت الشعارات الدينية كلاما براقا تتخفي وراءه "شهوة الملك" و"الرغبة في الحكومة". شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. بمرور الزمن تغيرت التفاصيل مع ان "شهوة الحكومة" ظلت كما هي مقنعة بغلاف المصاحف.. وأنواع القراءات بدءا من خلافة عثمان بن عفان، مرورا بالامويين والعباسيين، وانتهاء بمؤتمرات "الاخوان المسلمين" التي نظمها حسن البنا في الإسماعيلية.