مدىحة عزب ليس في الدنيا أبشع من أن تجبرك الظروف علي ابتلاع شيئ لا تريده ولا تستسيغه ولا كان يخطر علي بالك في يوم من الأيام أنك يمكن أن تتقبله مجرد القبول، فما بالك برئيس جمهورية علي سن ورمح، عليك أن تختار من بين اثنين لا ثالث لهما، أحدهما أخوان والآخر فلول، وغصب عنك لابد أن تنتخب أحدهما في الجولة الثانية من انتخابات الاعادة .. ان ما حدث في انتخابات الرئاسة والنتيجة " المذبهلة " التي أسفرت عنها في انحسار المنافسة النهائية بين مرسي وشفيق، هي تماما من قبيل الكوميديا السوداء التي تجعلك تضحك ضحكا كالبكاء، فالظروف فيها لا تترك لك أي مجال للرفض وتجبرك علي المفاضلة بين " شربتين " كلاهما علقم، فالأول متهم هو وحزبه بأنهم يسعون لقيام الدولة الدينية في مصر ومحاولة احياء الخلافة من جديد حتي وان كان علي حساب البلد، فمصلحتها تأتي عندهم في المرتبة الثانية بعد مصلحة الجماعة (هذا الكلام قتل نشرا في جميع وسائل الاعلام)، ناهيك عن سعي الجماعة للتكويش علي كل السلطات في البلد استنادا لمبدأ المغالبة لا المشاركة، أما المرشح الثاني فهو متهم بأنه فلول " بالتلاتة " فقد كان رئيس وزراء مبارك قبيل خلعه من الحكم وشهد علي موقعة الجمل وشهد أيضا علي نزح البنوك المصرية من ودائع رموز النظام السابق وترحيلها الي الخارج في عدد كبير من الحقائب الضخمة (هذه الوقائع تم نشرها في جميع وسائل الاعلام أيضا ولم يتم تكذيبها)، وهذا المرشح أيضا هوصاحب الجملة الشهيرة : خليهم قاعدين ونبعت لهم شاي وبونبون (وذلك عندما كان يتحدث عن الثوار خلال ثورة يناير)، ومن المؤكد أننا سألنا أنفسنا كيف رسيت العملية في الآخر علي مرسي وشفيق ؟ ولماذا أطاحت صناديق الانتخابات ببقية المرشحين خاصة هؤلاء الذين يمثلون الثورة ؟ هل العيب فيهم أم في الناس ؟ والاجابة عندي ببساطة ان العيب فيهم وليس في الناس فهم لم ينجحوا بالقدر اللازم في التواصل مع الناس ولم ينزلوا اليهم الا فيما ندر واكتفوا بالفضائيات كوسيلة للظهور مع كمية رهيبة من الغرور والتعالي والأنزحة وفرض الرأي بالقوة، ولنا في مواقفهم العديدة من قبل خير مثال عندما كانوا يتشبثون بآرائهم المتعنتة في تحد سافر لآراء الغالبية العظمي من الشعب ويفرضون عليهم مليونياتهم التي أوقفت حال البلد وجعلت الفوضي عنوانا لها، فكانت النتيجة الطبيعية لهذا التعنت وهذه الديكتاتورية التي ما كنا ندري أننا استبدلنا ديكتاتورية مبارك بها هي انفصال الناس عنهم وانصرافهم من حولهم، ولجوؤهم الي اللي أمر منهم وهم الاسلاميون والفلول، فلا تلوموا الناس بل لوموا أنفسكم، عموما نعزي أنفسنا قائلين إنه كوب حنظل وحنشربه، وأهي 4 سنوات ويغوروا، حنستحملهم بالطول أوبالعرض وربنا يصبرنا علي ما بلانا، بس نفسي ما نبقاش أضحوكة العالم الذي بهرناه عندما قمنا بالثورة للاطاحة بالنظام السابق، ثم عندما أردنا أن نبهره مرة ثانية أعدنا النظام السابق بكل ارادتنا.. أما مبارك ده راجل أهبل بصحيح كان ليه بس بيزور الانتخابات، ماهي الناس فل أهو.