الإخوان المسلمون ليس حزبا يمكن تبادل السلطة معه، والنموذج أمامنا في غزة، حيث أجهضت حركة حماس القضية الفلسطينية لمجرد وصولهم إلي السلطة في مساحة أرض لا تتجاوز الثلاثمائة كيلومتر مربع، بدأوا تأسيس الإمارة وأضاعوا فلسطين، وصول الاخوان إلي ما تبقي من سلطة في مصر يعني دخول مصر النفق المظلم. انهم يعملون من أجل تغيير هوية الدولة، تحويل المشروع الذي بدأ في بداية القرن التاسع عشر علي يدي محمد علي إلي دولة دينية، هذا خطير وخطر، ولذلك شرح سوف أخوض فيه قبل ظهور العنف وتصفية المثقفين والمبدعين. أتوقف اليوم أمام حدث قد يبدو ضئيلا إلي ما ينشغل به الرأي العام بعد نتائج الرئاسة.. يجتمع مجلس الشوري اليوم، اللجنة العامة لبحث إعادة تشكيل المجلس الأعلي للصحافة، طبعا بهدف اخراج بعض غير المرغوب فيهم، ولزيادة نسبة المنتمين إلي الجماعة، وأيضا للنظر في وضع المؤسسات القومية، الاخوان يزحفون لتغيير هوية الدولة، سيطروا علي مجلس الشعب، وعلي الشوري الذي يرأسه صهر الدكتور محمد مرسي، وهو استاذ صيدلي أصبح مسئولا ومالكا من الناحية الفعلية طبقا لقانون المجلس الموروث من الحقبة الماضية، وكان وضعا تلفيقيا لتبرير السيطرة علي الصحافة حتي يضمن النظام السيطرة علي الرأي العام، الحجة أن الصحافة ملك الشعب، ومن يمثل الشعب مجلس الشوري، وهذه أصبحت نكتة سياسية، فوجود هذا المجلس مشكوك فيه، لأن وضعه ملفق، مع زحف جماعة الاخوان التدريجي واستيلائهم علي مؤسسات الدولة، واهتمامهم بالسيطرة علي مؤسسات متبقية منها الصحافة، والداخلية التي يعدون لها مشروعا لإعادة هيكلتها وبالطبع الهدف تصفية حسابات عمرها ثمانون عاما، أيضا الجيش في فترة لاحقة بعد الوصول إلي الرئاسة التي قطعوا إليها نصف الطريق بالفعل. الهدف من اجتماع اليوم احكام القبضة علي المؤسسات الصحفية القومية لإخراس الأقلام والأصوات المعارضة للاخوان، ويتم هذا في غيبة أي مقاومة من جانب الصحفيين والعاملين بتلك المؤسسات، أما النقابة فوضعها صعب، إذ أثبت أداء النقيب خلال الفترة الماضية انحيازه إلي موقفه الفكري وعدم التزامه بالصالح العامة للصحفيين في المواقف الحاسمة، وأحدث المواقف ما يجري الآن في مجلس الشوري، وتزايد تدخل الدكتور الصيدلي رئيس المجلس في شئون المؤسسات الداخلية تمهيدا للتغييرات المنتظرة التي ستتم من منظور ينسق مع الذراع السياسي للجماعة، حزب الحرية والعدالة، وتتم هذه الخطوات الخطيرة في خطي سريعة، يقابلها صمت الجماعة الصحفية من صحفيين وعمال وإداريين. ان الوضع الصحيح الذي يتسق الآن مع ظروف مصر، إعادة طرح العلاقة بين مجلس الشوري والمؤسسات القومية، وليس تكريس الملكية المزعومة لإحكام قبضة الإخوان علي الصحافة.