أحمد السجيني: تعديلات في قانون البناء لحل مشكلة الإحلال والتجديد    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة يطالب بنقل قوات "اليونيفيل" بجنوب لبنان لمسافة 5 كيلومترات    كولر يوافق على رحيل حمزة علاء للإعارة ولكن بشرط    الصحة اللبنانية: أكثر من 2100 قتيل و11 ألف جريح منذ بدء الحرب    قوات الاحتلال تطلق قنابل مضيئة في حي الرمال وتشن غارة في محيط مفترق الغفري بمدينة غزة    تشكيل مباراة البرازيل وتشيلي في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم    حرامي قلبه جامد، ضبط عامل حاول سرقة سيارة ربع نقل متوقفة أمام كافتيريا بصحراوي سوهاج    نهى عابدين: أنا تركيبة صعبة ومش سهل أي حد يتعامل معايا وثقتي في الآخرين صفر (فيديو)    الكشف على 1436 مواطنًا في قافلة طبية مجانية بدمياط    عاجل - هجوم إسرائيل على إيران.. خطة بايدن ونتنياهو لضرب طهران (تفاصيل)    عاجل - الاحتلال يقتحم مدينتي يطا وقلقيلية في الضفة الغربية    عدوان جديد في قلب بيروت و22 شهيدا وحزب الله يتصدى ل8 عمليات تسلل للاحتلال    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    بعد تغييرها.. تعرف على سبب تعديل مواعيد مترو الأنفاق 2024    مفاجأة في الدفاع.. نجم الأهلي السابق يتوقع تشكيل منتخب مصر أمام موريتانيا    «فين أكبر قلعة رياضية في مصر!».. تعليق ساخر من إبراهيم سعيد بعد خسارة الزمالك الودية    «راجع نفسك».. رسائل نارية من رضا عبد العال ل حسام حسن    صاعقة في ويمبلي.. اليونان تهزم إنجلترا في الوقت القاتل    هشام حنفي: مباراة موريتانيا في متناول منتخب مصر وتصريحات حسام حسن تثير الجدل    محمد صلاح: يجب التركيز على مواجهة موريتانيا.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    أوقاف شمال سيناء تنظم ندوات ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمدينة بدر    هؤلاء معرضون للحبس والعزل.. تحذير عاجل من نقيب المأذونين    مصرع شخص وإصابة آخر صدمتهما سيارة ملاكي بالشيخ زايد    وفاة سيدة حزنًا على ابنها بعد 24 ساعة من دفنه في الإسماعيلية    القبض على مُعلمة متهمة بابتزاز الطلاب بحلوان    الأوقاف تعقد «لقاء الجمعة للأطفال» في 27 مسجدًا    هاشتاج دار الأوبرا المصرية يتصدر منصة X قبل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    بعد تصدرها الترند.. حكاية تعارف وخطوبة مريم الخشت وأحمد أباظة| صور    خذ قسطا من الراحة.. برج الجدي حظك اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    إيمان العاصي تكشف رد فعل ماجد الكدواني بعد مشاهدة حلقات «برغم القانون» (فيديو)    دار الإفتاء تحذر من التحايل لاستعمال سيارات ذوي الإعاقة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 10 أدعية تجلب الخير والرزق وتزيل الهموم    الجرام يتخطى 4000 جنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    «يخرج الحى من الميت».. إنقاذ طفل من رحم والدته بعد وفاتها في أسيوط    لو بتعاني منه في بيتك.. 5 طرق للتخلص من بق الفراش    إصابة 5 أشخاص فى انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    هالاند الهداف التاريخي لمنتخب النرويج فى الفوز على سلوفينيا بدورى الأمم    اختلاط انساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    تركي آل الشيخ يكشف عن حدث كبير خاص بعمرو دياب في موسم الرياض    روفكون الفائز بنوبل فى الطب لتليفزيون اليوم السابع: اكتشافى سيفيد ملايين البشر    عمرو سلامة: "مشكلتنا في تمثيل الأكشن أن معظم الناس مش بتعرف تتضرب"    عضو بالتصديري للحاصلات الزراعية يطالب بخطوات جريئة لمساندة القطاع الصناعي    سياسيون: زيارة الرئيس السيسي لإريتريا خطوة محورية لتعزيز الأمن والاستقرار    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    التنمية المحلية: رصف وتطوير طرق شمال سيناء بتكلفة 1.2 مليار جنيه    أصعب نهار على «ميدو».. «النقض» ترفض دعواه وتلزمه بدفع 8.5 مليون جنيه لقناة النهار    اليوم.. قطع المياه لمدة 7 ساعات عن بعض قرى أطفيح بالجيزة    وكيل خطة النواب يكشف لمصراوي معنى "اقتصاد الحرب" وتأثيره على الدعم    محمود فوزى بندوة التنسيقية: الرئيس السيسى موقفه واضح إزاء القضية الفلسطينية    متحدث التعليم: تطوير نظام التقييم ليصبح أكثر شمولية وتركيزًا على المهارات والقدرات    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    محمد أمين: السادات كان يدرك منذ البداية ما يحتاجه من الحرب    وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتفقد المشروعات الإنشائية بجامعة الأقصر (صور)    محافظ شمال سيناء يشهد إحتفال مديرية التربية والتعليم بذكري انتصارات أكتوبر    البركة في يوم الجمعة: مكانة الدعاء وأثره في حياة المسلم    الجامعات المصرية تحقق إنجازًا جديدًا في النسخة العامة لتصنيف التايمز «HE» العالمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة حوار
هوامش علي دفتر السياسة الخارجية »7«
نشر في الأخبار يوم 16 - 05 - 2012

طالت سلسلة مقالاتي عن غياب الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية المصرية زمن الوزير المدهش/ الفلتة محمد كامل عمرو عما قدرت حين بدأتها، لأن مستجدات حدثية صادفتني أثناء وضعها وصياغتها، ووجدت من الحتمي تعرضي لها لصلتها العضوية الوثيقة بخصال غياب الرؤية والمشروع عند ذلك الوزير متبسم الثغر ضحوك الفاه!
وبيقين فإن استكمال فكرتي عن غياب الرؤية الاستراتيجية لوزير الخارجية المصرية حول المتغير الروسي تحضر بقوة في سياق هذا المقال وإطاره الآن وبالذات ما يتعلق بعقدة سياسات موسكو لأساسية في الشرق الأوسط وأعني بها: »محور موسكو طهران«، وتأثير ذلك علينا.. والحديث عن رؤية إزاء المتغير الروسي لا يعني استقبال الأستاذ محمد كامل عمرو لسيرجي ثرشينين مبعوث وزير خارجية موسكو »كما جري في أول يوم من الشهر الجاري«، لمناقشة الوضع في سوريا، وتنفيذ خطة كوفي أنان المبعوث الدولي، وتوحيد قوي المعارضة السورية، والوضع في جنوب السودان، فذلك كله هو لون من الرقص علي ايقاعات الآخرين، فمثل ذلك اللقاء يعني أن هناك تحركا روسيا في المنطقة بناء علي رؤية استراتيجية لموسكو، ولاهداف ومسارات محددة يبني ذلك البلد سياساته وتحركاته عليها،
هناك مصالح روسية في سوريا سواء بقواعد الأسطول في المياه الدافئة أو بتأمين المناطق القريبة من البطن الرخو لروسيا الاتحادية أو بعدم السماح للمتطرفين الإسلاميين »ذوي الصلة الوثيقة بكتائب الشيشان المتصادمة مع الحكومة الروسية«. بتحقيق انتصار في سوريا يوطد ويعضد أولئك الشيشانيين الذين دحرهم بوتين علي موجتين وفيما يخص السودان فالمصالح البترولية والتنافس مع الصين يفرضان أرجحية روسية حقيقية.. أما نحن فبلا مبادرات نتحرك كردود أفعال للآخرين، ونناقش معهم ما يضمنونه اجنداتهم أو ما تنتظمه رؤاهم، ووفقا لأولوياتهم!
وعودة إلي موضوع العلاقات الروسية الايرانية التي أعدها النقطة المركزية لرؤية موسكو واستراتيجيتها الشرق أوسطية، والتي سيبين من خلال استعراضها حجم القصور المصري وانعدام الخيال، والمبادرة الذي افضي إلي قحط سياسي حقيقي لا نتحرك فيه برؤية مصرية تجاه الآخرين وانما ننتظر التعامل مع ما يفرضونه علينا.
اتصفح هنا دراسة لمارك كيج من مركز نيكسون للدراسات السياسية وفيها يورد أن روسيا دائما افتقرت إلي استراتيجية قوية في الخليج العربي حتي في أيام الاتحاد السوفيتي، كما افتقرت القدرة علي تصور استخدامها، القوة فيما وراء الاستقطاب القاري »الأوروبي«، فقد كيفت موسكو وضع البحرية السوفيتية ليلائم احتياجات حرب قارية في أوروبا، وحماية أساطيل الغواصات حاملة صواريخ الدفع الذاتي »الباليستية« في قواعدها بالوطن الأم في بحر بارينتس وبحر أوخو تسك.
يعني إذا وضعنا كلام مارك كيج، مع بنود استراتيجية أمريكا للأمن الأمريكي القومي في القرن 21 والتي صدرت عن البيت الأبيض في 1999 سنجد أن الجغرافيا كانت العامل الأساسي في تشكيل وجهات النظر الاستراتيجية لكل من أمريكا وروسيا في الخليج بعد الحرب الباردة، ولما كانت نظرة واشنطن لأمن الخليج »بحرية« بالدرجة الأولي، فإن حدود إيران القوقازية وبحر قزوين في آسيا الوسطي كانت في نظر واشنطن عنصرا هامشيا جدا، وآنيا جدا حين النظر اليها من شباك السياسة الأمريكية في الخليج.. أما بالنسبة لروسيا فإن المصالح الروسية الأولية في إيران تلخصت في موضوع آسيا الوسطي والحدود الإيرانية مع القوقاز كان أهم من موطيء القدم الذي تستطيع موسكو بلوغه في الخليج العربي، بعبارة ثانية فان اقتراب موسكو كان قاريا دائما، وقد ظهر عنصر إيران في الحسابات الروسية »ليس في سياق سياستها ازاء طهران في ذاتها، ولكن في سياق ملامح زمن توقف الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، وكان الهاجس الأساسي لهذا الاقتراب هو الدور الذي يمكن أن تلعبه إيران مع دول وسط آسيا الإسلامية التي تقع في بطن روسيا، وكان ذلك هو ما دفع موسكو إلي السعي لخلق محور استراتيجي بين موسكو وطهران ونيودلهي لمواجهة طالبان، ونظام تقسيم السيادة في بحر قزوين، وفوق هذا تأكيد إيران بالمقابل بمصادقة طهران علي معالجة حكومة بوتين لمشكلة الشيشان في إطار وحدة روسيا الاتحادية.. هذا كله بينما نحن محصورون في رؤية دول مجلس التعاون الخليجي لعلاقاتهم بإيران،
ولا نعبر بخيالنا حدود الارتباط الكامل بتلك الرؤية، وتصو دور أهم لمصر، سواء ببناء جسور علاقة أقوي مع طهران، أو بتطوير العلاقة مع موسكو، ولعب دور الوسيط بين الأطراف علي ضفتي الخليج، ولكن الخضوع إلي واشنطن والانصياع إلي نواهيها في هذا السياق وهي مسئولية رئاسية في المقام الأول جعلنا باستمرار أسري نموذج غير مبادر، فلما قامت ثورة يناير، وأتحفنا زماننا بوزير خارجية يمعن في الابتسام ويجيده، ويقدم نفسه بوصفه واجهة لسياسة تلك الثورة الخارجية لم نجد أمامنا شيئا يذكر.. ولقد عرفت وحاورت من قادة الخارجية المصريين علي امتداد عمري المهني السادة محمد إبراهيم كامل وإسماعيل فهمي وعصمت عبدالمجيد وكمال حسن علي ومحمد حافظ إسماعيل، وعمرو موسي وأحمد أبوالغيط وأحمد ماهر السيد وأسامة الباز ومحمد العرابي وعشرات الوكلاء والمساعدين والسفراء، والشباب من الوزراء المفاوضين والمستشارين والسكرتاريين الأول والثواني، ولم أجد مثل السيد محمد كامل عمرو الذي خلا أداؤه من أي لمحة ابتكار وهو ما أسميه الرؤية والمشروع، وفهمنا لحقيقة سياسات موسكو الإيرانية، وإجادة استخدام الكروت التي يمكننا حيازتها كان سيمكننا من بناء رؤية حقيقية تخدم المصالح المصرية، وتعمد دور جديد للقاهرة.
أجندة السياسة الخارجية الروسية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي عكست نسقين من العلاقات أحدهما مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية »أي النسق اليورور أطلنطي«، والآخر مع الدول المستقلة حديثا حول محيط روسيا الاتحادية وهي الدول التي ترتبط وبشكل وثيق بالجمهورية الإسلامية في إيران، بما يكفل استقرار ميراث موسكو الأمني والاستراتيجي في إطار الحدود السوفيتية القديمة.
كانت بعض الصراعات التي واجهتها روسيا في السنوات الأخيرة في أباخازيا ومولدوفا وطاجيكستان وناجورنوكاراباخ، ميدانا بلور أهمية وخطورة العلاقات مع إيران صاحبة التأثير المعنوي والأمني المؤكد علي الجمهوريات الإسلامية جنوب روسيا الاتحادية، علي أن العلاقات بين روسيا وايران لم تصغ نفسها في شكل وجود استراتيجي وسياسي يستند إلي منطق نظري محكم، وإنما كانت تعبيرا عن مصالح ظهرت ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما كانت تعبيرا مشتركا عن الرغبة في التضاد والمشاغبة مع الولايات المتحدة الأمريكية ورغبة موسكو في استكمال المنظور القاري للرؤية الدولية الروسية الاستراتيجية الذي تدير به موسكو سياساتها الخارجية إزاء الولايات المتحدة الأمريكية، إذ ضمن ذلك المنظور القاري كانت روسيا منهمكة دائما في العلاقات مع أوروبا بخاصة إزاء دول كتلتها القديمة في أوروبا الشرقية التي هندست فلسفة امنية جديدة مع حلف الناتو حين انضمت إليه وعلاقاتها الخاصة بواشنطن التي جعلت من اراضيها متكأ لاقامة الدرع الصاروخية الواقية من الصواريخ، بخاصة بعدما اختفت اية اشارات ذات وزن خاصة بافريقيا، وامريكا اللاتينية والشرق الأوسط، اللهم إلا بعض التلميحات السطحية التي احتلت مكانها في وثائق مجلس الدفاع والسياسة الخارجية المنظمة الروسية غير الحكومية الأكثر بروزا فيما يخص تشكيل قرار السياسة الخارجية بالرأي.. إيران إذن هي الموضوع، وان كانت تمثل ثقلا خاصا لروسيا من حيث اهميتها في حماية بطن الاخيرة في مواجهة الحركات القومية ذات الجذور الإسلامية في جمهوريات آسيا الوسطي، فإنها تمثل أهمية خاصة كذلك في موازنة التحالف »الأمريكي الاطلنطي التركي« في تلك المنطقة، وبالتالي فهي تحتل مكانة بارزة في رؤية روسيا الامنية ذات الطبيعة القارية، وهو ما يؤثر علي وضع الشرق الأوسط الذي يفرض أن تكون لنا رؤية تدفعنا إلي بناء دور نتصوره لانفسنا في المنطقة ويضع في اعتباره بالذات المتغير الروسي، محاولا أن يجعل منا بلدا عنده خيال وليس مجرد رد فعل يتحرك حيث يريد له الآخرون وكيف يريد له أولئك الآخرون وهو ما يجب ان يفهمه السيد محمد كامل عمرو الذي يتربع علي مقعد قيادة مؤسسة كبيرة جدا ولكنه فيما يبدو لا يعلم.
وأكمل في الأسبوع القادم إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.