في الحادي والعشرين من فبراير الجاري انتهت آخر جولة للمحادثات بين روسياوإيران في العاصمة الروسية موسكو، ضمن مسعي استهدف إيجاد مخرج للأزمة النووية الناشئة عن تمسك إيران بحقها في تخصيب اليورانيوم في إطار سعيها لمعالجة الوقود النووي. يشار إلي أن هذه الجولة لم تتوصل إلي حل حاسم للأزمة. وفيما لو عجزت إيران عن حلها بما يقنع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المتوقع انعقاد اجتماعه في السادس من شهر مارس المقبل، في العاصمة النمساوية فيينا، فليس مستبعداً أن يضطر مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات بحق طهران في نهاية الأمر. ويبدي المحللون أنفسهم قلقاً ومخاوف من صواريخ أرض-أرض البعيدة المدي، التي تعكف طهران علي تطويرها حالياً. والمعلوم أنه سيكون في وسع هذه الصواريخ الوصول إلي عمق المدن الروسية الجنوبية، مما يعني كونها تهديداً أمنياً مباشراًُ للحدود الجنوبية لروسيا. ومن هنا يشاطر هؤلاء المحللون والخبراء الروس، الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وإسرائيل وبعض الدول العربية المجاورة، مخاوفها من أن برنامج التسلح النووي الإيراني يمثل تهديداً أمنياً خطيراً سواء كان علي الصعيد الإقليمي أم الدولي. وكما نعلم فإن لروسيا حساباتها وهواجسها الخاصة والمتصارعة بشأن الدور الذي يجب عليها أن تلعبه في كل من منطقة القوقاز وآسيا الوسطي وبحر قزوين. كما أن العلاقات السياسية الوطيدة التي تربط ما بين روسياوإيران، وما تدره عليها تلك العلاقات مالياً واقتصادياً، تجعل من إيران إحدي الدول القليلة التي يمكنها الاعتماد عليها في تلك المنطقة المضطربة والمزعزعة من القارة الآسيوية. وهذا هو أحد الأسباب التي تفسر تردد موسكو وتلكؤها عن الالتحاق بركب كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي في مواصلة الضغط علي طهران، بما في ذلك الدفع باتجاه فرض عقوبات دولية عليها. وللسبب عينه تبذل موسكو جهوداً مستميتة وجبارة في سبيل إبرام صفقة مع طهران، تفضي لنزع فتيل الأزمة الراهنة قبل تفاقمها. لكن ومهما يكن في الاجتماعين المرتقبين في كل من فيينا ونيويورك خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فإن علي روسيا توخي الحذر فيما يتعلق بدورها وموقفها النهائي من هذه الأزمة. ومما يستوجب ذلك أن الرئيس بوتين يتولي حالياً رئاسة مجموعة الدول الثماني الكبري، ويواصل الإعداد لقمة هذه المجموعة بمدينة بطرسبورج خلال الفترة 15-17 من يوليو المقبل في بلاده. وهو يدرك جيداً مدي ضرورة نجاح هذه القمة، إن كان له أن يدفع عن نظامه حملة النقد المتنامية ضده في كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا، خاصة أنها حملة دعا فيها البعض إلي إسقاط عضوية روسيا نفسها في مجموعة الدول الثماني الكبري. والخوف كل الخوف أن تبدو روسيا في نظر الأمريكيين والأوروبيين في تلك القمة، بمثابة عقبة أمام ممارسة المزيد من الضغوط علي طهران. مدير البرامج الاستراتيجية بمركز نيكسون - واشنطن