إبراهيم سعده "الدماء التي سالت في ميدان العباسية.. من المسئول عنها؟" الإجابة ليست واحدة، وإنما متعددة. الكل يتهم الكل. السلفيون يدافعون عن أنفسهم ويتهمون العسكر. الإخوان يؤكدون عدم مشاركتهم في الهجوم علي وزارة الدفاع ويتهمون "الفلول" بتحويل التظاهرة السلمية إلي ساحة حرب. الليبراليون يتهمون الانغلاقيين باستنفار ميليشياتهم لاستفزاز الجيش وإجبارهم علي استخدام القوة لحماية وزارة الدفاع. والتيارات الإسلامية تهاجم "الكفار" من العلمانيين والليبراليين ورافضي الدولة الدينية بأنهم يحرقون البلد حتي لا تفرض الأغلبية الحكم الديني الواحد (..). الاتهامات المتبادلة بلا ضابط أو رابط نسمعها ونراها ونقرأها عبر وسائل الإعلام.. وعلي مدار الساعة، قبل أحداث العباسية وخلالها وبعدها. ورغم هذا الكم الهائل من الاتهامات والمدافعات فإن البحث عن إجابة السؤال مايزال غائباً ويترك للتمني. وفي بحثي المستمر عن إجابة السؤال توقفت طويلاً أمام تصريحات منشورة علي لسان "مصدر أمني" كشف فيها عن هوية أبرز المتهمين بالتورط في أحداث ميدان العباسية. أولهم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي يذكرنا المصدر الأمني بأنه: "بدأ بتحريك أنصاره ومؤيديه بعد أن قررت لجنة الانتخابات الرئاسية استبعاده من سباق الانتخابات الرئاسية، ورغم نداءات القوي والتيارات السياسية المختلفة مثل: مجلس شوري العلماء بتحذير أبو إسماعيل من اعتصام أنصاره أمام وزارة الدفاع، مؤكدين له أن الأمر سيعقبه كوارث ومخاطر كثيرة، إلا أنه لم يتحرك لمطالبة أنصاره بالتراجع، ولم يستمع إلي أحد، وكأنه قرر ألا يسمع سوي صوته وصوت مؤيديه". أما المحرض الثاني علي أحداث العباسية كما حدد المصدر الأمني فكان الشيخ السلفي: "حسن أبو الأشبال" الذي ظهر علي قناة "الحكمة" قبل ساعات من أحداث وزارة الدفاع داعياً الشعب المصري إلي ما سماه ب"الجهاد المسلح" ضد المجلس العسكري والقبض علي أعضائه وإعدامهم (..). ولم يكتف "أبو الأشبال" هل سمعتم هكذا لقباً من قبل؟! بذلك وإنما واصل تفسيراته لفتواه ب " شرعية، وإسلامية، وسلفية، التحريض علي القتل: شنقاً أو ذبحا أيهما الأكثر التزاماً بالشرعية السلفية فسمعناه يقول علي هواء قناة "الحكمة" المفتقدة للحكمة دائماً:" إنني أدعو جموع الشعب المصري (..) إلي الخروج إلي العباسية، والإحاطة بالمجلس العسكري ووزارة الدفاع من كل جانب، والقبض علي أفراد المجلس العسكري شخصاً بعد الآخر لتقديمهم للمحاكمة العاجلة توطئة لإعدامهم"(..). هكذا.. وببساطة متناهية لا يصدقها عقل، أعطي فضيلة الشيخ السلفي "حسن أبو الأشبال" لنفسه الحق بلا أدني خوف من قانون يفترض تطبيق أقصي عقوباته عليه في تحريض المواطنين علي اقتحام وزارة الدفاع، ومطاردة أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة وانتزاعهم بالقوة من مكاتبهم الواحد بعد الآخر، ومحاكمتهم وإصدار الحكم الاستباقي بإعدامهم شرعاً (..). تصريحات الأخ "أبو الأشبال" التحريضية المعاقب عليها في كل قوانين دول العالم.. الأصغر من مصر والأكبر منها لم تتوقف. فلولا ثقة أبو الأشبال الذي أتصوّر إنه سيغير لقبه إلي "أبو الأسود".. اعتماداً علي ثقته في أن لا أحد من المكلفين المعنيين بتنفيذ القانون حالياً يجرؤ علي المساس مجرد المساس بأقصر وأضعف شعرة من شعيرات ذقنه الكثيفة الطويلة حتي منتصف صدره (..). فعلي قناة " اللاحكمة" الشهيرة.. سمعنا الشيخ أبو الأشبال يبدأ فتواه بكذبة علي نفس هدي الشيخ حازم أبوإسماعيل يزعم فيها: "بعد أن استبان للشعب المصري بلطجة المجلس العسكري وعزمه علي هدم الأمة بأسرها، فهذا المجلس لا علاقة له بهذا الشعب. فهو ليس منه وليس الشعب منه .. أيضا(..) ولذلك لابد لجميع فصائل الشعب المصري أن يخرجوا اليوم قبل الغد نجدة لإخوانهم الثوار المجاهدين في ميدان العباسية، فهذا هو الحل الوحيد"(..). ثم يتقمص أبو الأشبال شخصية ملك الغابة أمام الملايين التي تتابع صوته وبهيته علي شاشة قناة اللاحكمة فيزأر علي الهواء قائلاً: "كنا نطالب، من قبل، برحيل المجلس العسكري.. وأنا الآن لا أطلب رحيل المجلس العسكري بل بالقبض علي أعضاء المجلس العسكري ومحاسبته: هو وسيده، وزعيمه، شيخ السحرة.. لأن هؤلاء سحرة فرعون. المجلس العسكري والحكومات المتعاقبة من بعد فرعون هم سحرته وأبناؤه البررة" (..). .. تصريحات التحريض الإجرامي لأبي الأشبال لم تنته، ونواصل التعليق عليها غداً.