بعد 20 شهرا من محاولات الإدارة الأمريكية إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطنيين و الاسرائيليين بدأت يوم 2 سبتمبر هذه المفاوضات في واشنطون و من المتصورانها تنتقل. وعلي مدي الشهور الماضية تعددت الرؤي لإمكانيات نجاح أو فشل هذه المفاوضات ودارت بين من شككوا فيها و في إمكان نجاحها وبين الذين رأوا ان ثمة اسبابا للتفاؤل والتوصل إلي تسوية وإن كان قد أثاروا بعض الأسئلة الحاسمة التي سيتوقف عليها مستقبل هذه المفاوضات . ونبدأ باعتبارات المتشكيين التي تتلخص في: 1- ان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو و محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ينطلقوان من نقاط مختلفة بشكل جذري وبكيمياء قليلة بينهما. 2- و بينما يدخل محمود عباس المفاوضات علي اساس بيان الرباعية التي دعت الي التسوية تنهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 وينتج عنها ظهور دولة فلسطينية مستقلة و ديمقراطية و صالحة للبقاء »أما نتنياهو سوف يجيء الي واشنطون استجابة لدعوة هيلاري كلينتون لمفاوضات« بدون شروط مسبقة. 3 - و يغيب عن العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية أقل قدر من الثقة , فا لانتفاضة الثانية 2001 / 2003 قتلت آلاف الفلسطينيين و الاسرائيليين و الاحساس بعدم إمكانية السلام رغم الرغبة فيه , مثل هذه الشكوك تحد بشكل جاد قدرات المفاوضين لتقديم تنازلات. 4 - انه لا الرباعية الدولية ولا أدارة اوباما عالجت القضية الصيغة الثالثة و هي الوقف الاسرائيلي لبناء المستوطنات المقدر ان تنتهي في 26 سبتمبر فنتنياهو قال انه لا يستطيع ان يوافق علي تجديد وقف بناء المستوطنات في سبتمبر و من الصعب رؤية ان عباس يستطيع التفاوض بدون ذلك . 5 - ان العامل الذي لا يمكن تجاهله ان حل الدولتين يرقد علي سرير الموت و هو مايستخلصه اشد المتفائلين , فرغم الجهود الجادة التي يبذلها رئيس الوزراء سليمان فياض لبناء دولة علي الارض ، فان دولة فلسطينية قابلة للحياة هي امر مستحيل في ضوء الاعداد المتزايدة من المستوطنين الاسرائيليين . اما الفريق الاخر الذي رأي ان هناك اسبابا للتفاؤل فقد عبر عنه Martin Imolik سفير امريكا السابق في اسرائيل و مساعد وزير الخارجية السابق ليون الشرق الاوسط و المدير لبرنامج السياسية الخارجية في معهد بروكينجز وتتبلور هذه الاسباب في : ان العنف قد اخفض المنطقة »وكان ذلك قبل مقتل الاسرائيليين الاربعة مؤخرا في الضفة«.. اما اليوم فان السلطة الفلسطينية تتحكم في الضفة الغربية لمنع هجمات عنيفة ضد الاسرائيليين و لكي تثبت امكان الاعتماد عليها في المفاوضات من تدخل اسرائيلي . اما حماس و من جانب الخوف قد يزيل سلطتها تفعل نفس الشيء في غزة . اما السبب الثاني الداعي للتفاؤل فهو ان النشاط الاستيطاني قد انخفض بشكل كبير منذ الاعلان الاسرائيلي عن وقف الاستيطان لمدة 10 شهور . غير ان قرار وقف الاستيطان سوف ينقضي في 26 سبتمبر و ليس من المحتمل ان نتنياهو سوف يمدده في الوقت الذي اعلن فيه محمود عباس انه سوف ينسجب من المفاوضات اذا ما اسؤنف الاستيطان ، و رغم هذا فانه ممكن التوصل الي حل وسط و ذلك اذا اعلن نتنياهو انه سوف يواصل الاستيطان في الكتل الاستيطانية التي سوف تقع ضمنا في نطاق تبادل الارض مع الفلسطينيين. والاعتبار الثالث الداعي للتفاؤل فهو ان الجمهور علي الجانبين يؤيد اقامة دولة فلسطينية فضلا عن ان معظم الشعوب في الشرق الاوسط قد ارهقت من هذا الصراع. اما الاعتبار الرابع فهو انه ليس هناك شيء للتفاوض حوله فعبر 17 عاما منذ توقيع اتفاقية اوسلو فان مفاوضات تفصيلية قد تعاملت بشكل كثيف مع كل القضايا الحرجة فاذا كانت دولة فلسطينية سوف تؤسس فان منطقة الاتفاق تصبح واضحة والتبادلات الضرورية معروفة بالفعل وعلي عكس المدرسة التي يري ان الامور قد زادت تعقيدا يري مارتن انديك ان البيئة التفاوضية قد تحسنت اكثر من اي وقت مضي وان الامر بات يعتمد علي ارادة الزعماء في هذا الشأن يطرح انديك ثلاثة اسئلة حاسمة اولها هو ما اذاكان محمود عباس لديه الشجاعة علي ان يدافع امام شعبه عن التنازلات الضرورية وخاصة عن ما يجيء الامر الي التنازل عن »الحق في العودة« وهل لدي نتنياهو التصميم علي الانسحاب لما يقارب 95٪ من الضفة الغربية وقبول عاصمة فلسطينية في القدسالشرقية وهل لدي الرئيس اوباما صفات رجل الدولة لاقناع الطرفين لكي يصلوا الي صفقة و التأكيد لهم ان الولاياتالمتحدة سوف تكون هناك لكي تقدم شبكة امان اذا مافشلت؟ وايا كان الراي في اسباب التفاؤل فان الاسئلة الثلاث التي طرحها انديك و الاجابة عليها سوف تكون حاسمة في مستقبل المفاوضات.