[email protected] كنت أود أن يمر عليّ رمضان هادئاً، اتفرغ فيه لتعميق العبادة قدر الإمكان، وأسجد وأقترب، لولا ما أثارته في نفسي مذكرات الدكتور عبد العزيز كامل، واقضت مضجعي في فترات الراحة القليلة التي كنت التمسها، وزاد الامر صعوبة مواكبة العمل الدرامي.. الجماعة« لهذا الشهر الكريم وأعتماده علي تلك المذكرات كأحد المراجع للتأليف، وبالرغم من تلاطم الامواج واضطراب الآراء والأحكام علي تاريخ حركة الاخوان المسلمين فإني أري أن الجماعة صارت جزءاً مهما من التاريخ المعاصر وأن اثرها في الحياة الدينية والفكرية والسياسية واضح ولا يمكن اسقاطه أو إغفاله لاختلافنا معها، وإنني لاعجب إذ اسمع اصواتاً ترتفع بين الحين والآخر مطالبة باقصاء الاخوان، وإني لمؤمن بأن الفكر لا يواجه إلا بالفكر ولو كلفنا ذلك مالا نطيق، وإنه لمن الأهمية أن يدُعي هذا الفكر إذا تطرف أو شذ أو انحرف إلي ساحة الحوار بشتي السبل وأن يكون هذا الحوار مكشوفاً علي الملأ دون إخفاء أو اجتزاء، وهذا ما أعتمد اليه المرحوم الدكتور عبد العزيز كامل حينماشعر بأن هناك خطأ ما في طريق الدعوة التي من أجلها انضم إلي الإخوان وعاهد عليها المرشد الاستاذ حسن البنا رحمه الله، ولولا ثقتي الشديدة في صدق الدكتور عبد العزيز كامل لقلت ان هذه المذكرات واحدة من خيال الأدب الانساني الرفيع الذي يجعل من المأساة نهراً يتدفق بالسكينة للبشرية المعذبة فيواسيها من نفس دمائها وجراحها العميقة، وأني لازعم ان الدكتور عبد العزيز كامل كان قريباً جداً من روح الأستاذ حسن البنا، وتجلي ذلك في إزالة الغموض والالتباس عن حادث اغتيال المستشار أحمد الخازندار الذي أتهم بتعسف أحكامه ضد شباب الإخوان الذين قاموا بالاعتداء علي بعض الضباط الانجليز في الاسكندرية. وقد تم استدعاء عبد العزيز كامل وكان يعمل مدرساً في معهد المعلمين بأسيوط، الي المقر العام للإخوان بالقاهرة، ويقول رحمه الله مشيراً إلي خطورة الموقف وأن هناك بالفعل شرخاً كبيراً قد حدث بهذه الحادثة: »كانت هذه الجلسة ذات طبيعة خاصة ولعلها من أعمق جلسات الإخوان أثراً في نفسي، ولازلت أذكر الاستاذ وجلسته - يعني الاستاذ حسن البنا - وعليه يبدو التوتر، أراه في حركة عينيه السريعة والتفاته العصبي ووجهة الكظيم، وإلي جواره قادة النظام الخاص، عبدالرحمن السندي رئيس النظام، وكان لا يقل توتراً وتحفزاً عن الاستاذ، ثم أحمد حسنين ومحمود الصباغ وسيد فايز، وأحمد زكي وابراهيم الطيب ويوسف طلعت وحلمي عبد الحميد، وحسني عبد الباقي وسيد سابق وصالح عشماوي وأحمد حجازي ومصطفي مشهور ومحمود عساف.. وكان محور الحديث مصرع المستشار أحمد الخازندار. إلي الاسبوع القادم ان شاء الله. كاتب المقال : استاذ الطب بجامعة الازهر، عضو اتحاد كتاب مصر