تعليقاً علي اقتراب استئناف المباحثات المباشرة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، قال »نتانياهو« أمس مستخفاً بأعدائه: » إن الوصول إلي اتفاق للسلام مع الفلسطينيين سيكون صعباً، لكنه ممكن إذا وجدنا شريكاً حقيقياً من الجانب الفلسطيني«. تصريحات »نتانياهو« جاءت عمداً أو صدفة رداً علي قرارات اللقاء »التاريخي« الذي عقد منذ أيام في دمشق بدعوة من زعيم »حركة حماس« وشارك فيه مندوبو 11 منظمة، وميليشيا، وحركة، وخلية، وجماعة، فلسطينية :متطرفة كانت أم سلمية. ماركسية ظهرت وسلفية انتهت! لقاء »الشامي علي المغربي« ليس مهماً. فتغيير الهويات وتبادل الأدوار ليس بالجديد علي أهل الصمود والتصدي منذ سمعنا عنهم لأول مرة وإلي اليوم. الجديد فقط.. أن »مشعل ومن معه« انتهوا إلي إدانة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس لقبولها العودة إلي مائدة المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين وهي المفاوضات التي وصفوها بأنها لن تحقق شيئاً للشعب الفلسطيني، وتمثل »طوق نجاة« لإسرائيل قد ينقذها من الغرق في بحار العزلة الدولية التي تعاني حالياً منها! ومن رأي »مشعل ومن معه« إن الشعب الفلسطيني ممثلاً في 11من أهم قطاعاته، واتجاهاته، وقياداته يرفض التفاوض مع الصهاينة، ويندد بأي شيء يمكن أن يصدر عنه أو بعده. كما أن السلطة الفلسطينية كما يزعم خصومها من الفلسطينيين لا تملك في أو من القضية شيئاً! فالرئيس الحالي »محمود عباس« ليس من سبقه »ياسر عرفات« الذي عرض علي نظيره الإسرائيلي: »إيهود باراك« في مباحثات 2001/2000 تحت عناية ورعاية »كلينتون« التنازل طواعية عن مباديء وحقوق وطنية، ولحسن الحظ كما يقول آل مشعل منيت تلك المباحثات بالفشل. الفارق كبير بين مباحثات 2001/2000 ومباحثات سبتمبر2010. في المباحثات الأولي عرض »عرفات« مشروعاً يضمن للإسرائيليين سلاماً حقيقياً ودائماً علي كل الجبهات، وكل الحدود. و في المباحثات القادمة لن يستطيع »عباس« أن يعرض »أمناً وسلاماً« إلاّ علي حدود إسرائيل الشرقية مع الضفة الغربية. فالرئيس الفلسطيني لا يحكم قطاع غزة، ولا تعير »حماس« أدني اهتمام لقراراته داخل أو خارج منطقتها. فهي أي »حماس« تعتبر نفسها السلطة الوحيدة الحاكمة، الآمرة داخل قطاع غزة.. وآخر شيء يقبله قادتها: التفاوض، أو السلام، مع الصهاينة. وما يقال عن الحدود مع قطاع غزة يقال نفسه عن حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان. فلا سلطة للسلطة الفلسطينية في رام الله علي تلك الحدود التي يسيطر عليها »حزب الله« اللبناني الجنسية والإيراني الهوي والقلب والذراع.. مما يمثل خطراً مزدوجاً يصعب فصل أحدهما عن الآخر. فإذا كانت إسرائيل قادرة علي تدمير مخابيء مقاتلي »حزب حسن نصر الله«، فإن قدراتها علي تدمير الجيش الإيراني ما تزال متروكة للتمني.. كما يقولون. وأعود هنا إلي الكاتب الأمريكي »آلان ديرشويتز« أحد أشهر المدافعين عن إسرائيل والمروجين لأطماعها الذي عاد منذ أيام من زيارة »تقصي حقائق« قام بها في »أرض الميعاد«، والتقي خلالها بالساعات الطويلة مع أكبر عدد من السياسيين، والعسكريين، الإسرائيليين.. لسؤالهم والاستماع إليهم في »المسألة الفلسطينية«. بعد انتهاء زيارة »تقصي آخر الحقائق«.. عاد »آلان ديرشويتز« إلي الولاياتالمتحدة ليبدأ نشر سلسلة مقالاته التي تحدث فيها عن الصعوبات البالغة التي ستواجة أية مباحثات مباشرة أو غير مباشرة بين الإسرائيليين و بين جانب من الفلسطينيين. كلام كثير قاله، وكتبه، ولا قيمة من وراء قراءته. فهو إما يكرر ما سبق وسمعناه وعرفناه.. أو يضخّم و يهوّل في »الضغوط« التي يمارسها »المجتمع الدولي« علي إسرائيل، وضدها، مما يضع العقبات في طريق أي تفاوض من أجل الوصول إلي أدني اتفاق (..). اللافت للنظر فقط فيما كتبه »آلان ديرشويتز« انه عاد من القدس بإنطباع عام، وقوي في آن بأن »المسألة الفلسطينية« لم تعد المشكلة الأولي والرئيسية التي تقلق الإسرائيليين علي اختلاف قطاعاتهم، و مواقفهم، واتجاهاتهم. ف »القضية« تراجعت وفقدت أولويتها المعتادة والمزمنة لتحظي بها الآن ما يعرف ب »المسألة الإيرانية« وما تمثله من أخطار لا تهدد فقط أفراداً، في هذه المستوطنة أو تلك، يتعرضون لقصف الصواريخ اليدوية عابرة حدود قطاع غزة، و حدود جنوب لبنان وإنما تهدد بحرب حياة أو موت بالنسبة لإسرائيل. إبراهيم سعده [email protected]