من حق كل مواطن ان يغضب، وان يشكو اذا ما تعرض مسكنه او المنطقة التي يقيم بها لانقطاع الكهرباء، او المياه، او الهاتف، او غيرها من الخدمات الاساسية، التي اصبحت ضرورة لازمة لاستمرار الحياة علي نفس النمط السائد حاليا. ولا يحق لاي مسئول سواء كان وزيرا للكهرباء، او لاي قطاع اخر، ان يتوقع غير ذلك علي الاطلاق، لان من حق الناس الحصول علي افضل مستوي للخدمات الاساسية، وهو حق لايجادل فيه احد، كما انه في ذات الوقت، واجب لابد ان يحرص المسئول علي الوفاء به، وتحقيقه علي اكبر قدر من الدقة والكفاءة، والا يكون مقصرا فيما كلف به. هذا هو المفهوم الذي يجب ان يكون سائدا لدينا جميعا،...، وهذا هو ما يجب ان يكون راسخا في اذهان جميع المسئولين عن الخدمات والمرافق في بلدنا، وهذه مسئولية واجبة الاداء، يجب الوفاء بها تماما. كان ذلك هو جوهر وروح وجهة نظر ورأي الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء خلال الحوار الذي دار بيننا عبر الهاتف، حول ظاهرة انقطاع الكهرباء بعض الوقت في بعض الاماكن خلال الايام القليلة الماضية. واقول جوهر وروح وجهة نظره، لان الوزير كان مركزا في حديثه حول الكهرباء، ولم يتطرق الي غيرها، ولكن التعميم يأتي من جانبي، علي اعتبار اهمية وضرورة جميع الخدمات والمرافق للمواطنين، ونظرا لان احدا لا يستطيع القول او الادعاء بان احدها اهم من الآخر، او يصلح بديلا له. واكد الوزير في الحوار علي حرص الوزارة علي النظرة المستقبلية وتوفير جميع الاحتياجات المتوقعة من الطاقة الكهربائية، بالنسبة للاستهلاك المنزلي، او الصناعي، وفقا لدراسات وبيانات دقيقة تقوم بها الوزارة علي اساس قياس ورصد انماط الاستهلاك والتغيير المتوقع بها، وكذلك الزيادة المحتملة في كل قطاع، سواء بزيادة السكان، او الزيادة المتوقعة في مشروعات التنمية الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها من المرافق والخدمات المستهلكة للكهرباء. وقال انه في هذا الاطار، تم اضافة محطات توليد خلال هذا العام بقدرات 0662 ميجا وات للشبكة الكهربائية، وهي بالمناسبة تعادل ضعف الطاقة الكهربائية المنتجة من محطة السد العالي. وذكر ان الارقام توضح ان الارتفاع الملموس في درجات الحرارة في هذا الصيف، قد ألقي بأعباء اضافية علي الشبكة القومية للكهرباء حيث بلغت الزيادة في احمال الشبكة 3.11٪ عن مثيلاتها في شهر يوليو من العام الماضي، وهي نسبة زيادة كبيرة، وقد تطلب ذلك اللجوء الي تخفيف الاحمال الكهربائية بنسبة 5٪ خلال اوقات الذروة التي تتركز بعد غروب الشمس وتستمر لمدة ساعتين علي الاقل، حفاظا علي سلامة الشبكة، وهو اجراء معمول به في كل شركات الكهرباء علي مستوي العالم كله، واقرب مثال علي ذلك، ما حدث في ولاية كاليفورنيا الامريكية، حيث اضطرت لتخفيف الاحمال حتي لا تنفجر الشبكة. قلت للوزير، اذا كانت ولاية كاليفورنيا الامريكية قد اضطرت الي الاعلان عن الخطر الذي يمكن ان يلحق بشبكة الكهرباء، في حالة استمرار التشغيل الكامل في ظل الاحمال الزائدة، ووجدت انه من الضروري ان تلجأ الي تخفيض الاحمال حماية للشبكة،...، الا انها يا سيادة الوزير ابلغت المواطنين في نفس الوقت ان امامهم خيارا واضحا، وهو ان يخفضوا الاستهلاك في وقت الذروة، حتي تستطيع الشبكة العمل بكفاءة دون تخفيض قسري ودون ان تتعرض لخطر الانهيار،...، فلماذا لا تفعل ذلك؟! قال الوزير نحن فعلنا، واعلنا للناس ان السبب في انقطاع التيار هو زيادة الاستهلاك، وزيادة الاحمال، وقلنا اننا مضطرون لتخفيف الاحمال حماية للشبكة، ولصالح المواطنين، وناشدنا المواطنين ترشيد الاستهلاك في ساعة الذروة. قلت هذا لا يكفي، وربما لان ذلك الاعلان لم يكن واضحا ومباشرا، ولكن دعني انقل عنك القول المباشر بان ترشيد الاستهلاك في الكهرباء بعد غروب الشمس، اي في وقت الذروة، اصبح ضرورة لابد منها، وانها الخيار السليم الذي يجب ان نأخذ به خلال هذا الصيف، وخلال شهر رمضان بالذات، حيث يزيد الاستهلاك. قال الرجل: ارجو ان تفعل، ولدي ثقة كبيرة في اننا سنتفهم اهمية ذلك،..، ثم استطرد قائلا: والدليل علي صحة ذلك، ان الامس، يوم الجمعة، لم يتم علي الاطلاق اللجوء لتخفيف الاحمال، او قطع التيار عن منطقة من المناطق، وذلك يرجع الي انخفاض الاستهلاك بالفعل بنسبة 5٪، وهو ما افسح المجال لتشغيل كامل وبكفاءة تامة للشبكة القومية للكهرباء، ودون اي اخطار محتملة. قلت.. اذن الترشيد في الاستهلاك هو الحل.