مازلنا في اطار مجموعة المتغيرات الاولي المرتبطة بثقل التاريخ علي حياة الافراد وجماعات كما هي معبر عنها في الحالة التونسية، فاستكمالا لميراث التنوير في الحركة الوطنية نلحظ تأثير المدرسة الخلدونية هي أول مدرسة ذات طابع تجديدي تم إنشاؤها في تونس وذلك في 1896 وكان تقع في تونس (مدينة) تونس العاصمة. تم إنشاؤها من قبل »حركة الشباب التونسي« حركة الشباب التونسي بقيادة »البشير صفر«. كان الهدف منها إعطاء ثقافة علمية في وسط المجتمع الثقافي العلمي وخصوصا خريجي جامع الزيتونة ذلك لأن تعليمهم ديني فقط. كان يدرس فيها علوم الجغرافيا والرياضيات والحقوق ، كما تدرس فيها اللغة الفرنسية والعربية. ويتم تمويلها من خلال هبات وتبرعات من قبل أعضاء حركة الشباب التونسي. في 20 سبتمبر 1903 قام المجدد والمفكر »محمد عبده« بزيارة المدرسة وقام بإعطاء محاضرة فيها. يمكن القول ان الوعي التنويري في تونس نهض من تفاعل ثلاثة عوامل كبري، اولها، الميراث القرطاجي، ثانيها، المبراث الزيتوني، واخيرا، الميراث الفرنسي. بعبارة اخري، ميراث التنوير التونسي للحركة الوطنية هو ناتج هذه العوامل الثلاثة الكبري ابدأ. علما انه عندما نقول بمنطق »الميراث« فاننا لا نقصد انه لم يكن هناك تفاعلات وصراعات فكرية واجتماعية، فاننا لا نفصد عملية جماعية مصمتة غير جدلية، ولكن نشير الي »الميراث« باعتباره النماذج المعرفية التاريخية التي تخبر جدليا مناهج واساليب بناء الحياة والتفاعل المجتمعي. وتتسم هذه النماذج بالانتقائية والتلخيض المخل للخبرات والاجبار المعرفي ، وتقوم بوظائف اساسية علي رأسها تأمين التواصل الجيلي ، وتنظيم انتقال المعارف بشكل يسمح بالاستيعاب المجتمعي، وتحديد معايير التجديد المقبول، او في قول آخر، تحديد مساحة قبول الثورة السلوكية والمعرفية القادمة من الاخر زمانيا او مكانيا. فالميراث كوحدة تحليل تهدف الي بيان نقاط الاتصال والتراكم والانقطاع والتواصل والتغيير التدريجي في العلاقة التفاعلية بين النصوص ايا كانت طبيعتها والواقع العملي. فالميراث حياة فذا لم تتجدد قهرا او رضاءا ضمر الميراث وشعر الناس بالخواء. بالنسبة للميراث الاول وهو الميراث القرطاجي. يمكن القول بان الميراث القرطاجي اتي اثرة في الواقع التونسي الحالي في اربع مظاهر كبري، وهي، 1- التأثر بشكل اكبر بمرحلة قرطاجه الرومانية عن عن قرطاجه المسيحية، رغم الميراث الضخم الذي خلفته قرطاجه المسيحية من افكار وحوارات الا انتقال قرطاجه الي موضع التابع في اطار الامبراطورية الرومانية بعد انهيار الامبراطورية الفينيقية اثر هزيمة هانيبال ساهم في نسب الفضل الثقافي للمسيحية الرومانية وليس الي المسيحة القرطاجيه، 2- الفصل النسبي بين صياغة منطق الاتصال الثقافي والتجاري عن منطق رسائل الحرب والسيطرة، كان القرطاجيون الفينيقيون دعاة بناء وحضارة، فأنشأوا علي السواحل الإسبانية مدينة قرطاجة الجديدة في الجنوب، وأنشأوا مدينة بارسينو في الشمال قرب الحدود الإسبانية الفرنسية في عام 230 ق.م، وتم ذلك من قبل القائد القرطاجي باركا والد هانيبال، وصارت المدينة تعرف باسم برشلونة. ورغم أن الدولة الفينيقية علي سواحل المتوسط قد انهارت علي يد الآشوريين الذين دخلوا العاصمة صور في عام 732 ق.م ومن ثم تخريبها من قبل البابليين عام 573 ق.م، إلا أن دولة قرطاجة بقيت تابعة للفينيقيين علي الساحل الافريقي . الحالة التونسية توضح لنا المنطق النادر الذي يقول انه عند الهزيمة العسكرية تستمر القدرة الثقافية، الامر الذي يكشف لنا عن انه ربما تونس ودول المغرب العربي لديها مجتمعيا فصل نسبي بين القدرة العسكرية والقدرة الثقافية، وربما يرجع ذالك الي اسلوب تنظيم القوة العسكرية القائم علي تحجيم تدخلها في الحكم المدني، بدءاً من القرن الخامس قبل الميلاد، شرعت قرطاجة تنطوي علي نفسها واستبدلت بتوسعها التجاري البحري توسعاً زراعياً داخلياً، »أرسطو« ارسطو حكومة قرطاجة في 340 ق م وقال إنها كانت أساسا حكومة أغنياء المدينة، وأن أساس نجاحها كان نموها الاقتصادي المستمرونشر العمران. كان هيكل الحكم يتشكل من: اولا، ال»شوفط«، قاضي القضاة، ثانيا،قائد الجيوش الذي لم يدخل في حكومة المدينة، ثالثا، وملوك. في الهيكل الادني للقوة كان يتكون من مجلس الشيوخ، ثم مجلس المدنيين. واختيار الشوفطين والملوك كان حسب حسن عملهم ومالهم، ولا يرتبط بعائلتهم. ويذكر »أرسطو« أن من أراد أن يجادل رأي الملوك والشوفطين يستطيع أن يفعل ذالك. ومعظم تاريخهم كان جنودهم أجراء وليس حلفاء، كل هذا في اطار فرضت العبادة الصارمة للامبراطور، 4 - نتيجة الصراع بين اخت والاخ علي الحكم في مملكة صور هربت أليسار - أميرة من الساحل السورية ابنة »متّان« الأول ملك صور 850-821ق.م بحياتها وابحرت مع اتباعها وكنوزها إلي قبرص، ووافق كاهن عشتروت علي مرافقتهم لقاء الحصول علي رئاسة الكهنوت بصورة وراثية في عائلته، واصطحب الموكب ثمانين فتاة من مختلف المناطق الساحية ليقمن بدور العذاري المقدسات، ويؤمن استمرارية الطقوس الدينية لتقاليد الساحل السوري.. وانشأ المهاجرون مدينة جديدة سموها »قرت - جدة« اي »لقرية - الجديدة«، ويستمر التحليل.