أول يوم دراسة.. مدارس الإسكندرية تتزين وتستقبل طلابها بالهدايا    بالعمة والكاكولا.. معاهد المنيا الأزهرية تتزين بطلابها في أول أيام الدراسة -صور    وكيل تعليم الفيوم: غياب الطالب بدون عذر أمر مرفوض    محافظ بورسعيد يحيل 10 مدرسين ومدير للنيابة الإدارية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه في 5 بنوك خلال تعاملات اليوم الاحد    أسعار البيض اليوم الأحد تنخفض في الأسواق (موقع رسمي)    كامل الوزير يبحث مع محافظ سوهاج تحديات المناطق الصناعية وسبل حلها    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رفع كفاءة وتمهيد الطرق بقرى الحامول    طرح 70 ألف وحدة سكنية ضمن مبادرة "سكن لكل المصريين"    صعود جماعى لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الأحد    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا حيويا في إسرائيل    مقتل وإصابة 47 شخصًا جراء انفجار منجم فحم في إيران    قمة بين مانشستر سيتي وأرسنال.. وإنتر يصطدم بميلان في ديربي الغضب بيوم المواجهات الكبرى في أوروبا    موعد مباراة كأس السوبر الأفريقى بين الأهلي والزمالك فى السعودية .. تعرف عليه    "مش هيجيب كرة في العارضة".. نجم الأهلي السابق ينصح الزمالك بعدم السفر للسعودية    وزير الشباب والرياضة يشيد بحرص القيادة السياسية على تطوير المنظومة الرياضية    ضبط أكاديمية وهمية تمنح الدارسين شهادات "مضروبة" في القاهرة    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 54 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    الداخلية: ضبط 618 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    «الداخلية»: ضبط 161 قطعة سلاح و349 قضية مخدرات وتنفيذ 84176 حكمًا خلال 24 ساعة    محافظ الدقهلية يتفقد مجمع مدارس طلخا في أول يوم دراسة..صور    بداية فصل الخريف 2024: توقعات الطقس والتقلبات الجوية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    قصور الثقافة تسدل الستار على مهرجان مسرح الهواة في دورته 20 وطقوس إيزا يحصد المركز الأول    السوبرانو داليا فاروق وعازف الجيتار موريلياس يتألقان في "رودريجو.. روح إسبانيا" بدار الأوبرا    جامعة قناة السويس تشارك فى منتدى بكين الثقافي بالصين    متحور كورونا الجديد إكس دي سي.. ماذا تفعل إذا أصبت بالفيروس بعد وصوله ل27 دولة؟‬    مبادرة بداية جديدة تطوف محافظات مصر.. فحص 475 من كبار السن وذوى الهمم بمنازلهم فى الشرقية    لترشيد الكهرباء.. تحرير 148 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    مزاجك من أمعائك- إليك السر    موعد مباراة العين الإماراتي وأوكلاند سيتي في افتتاح بطولة كأس القارات للأندية 2024    تخليدًا لذكراه.. وزير التعليم يفتتح مدرسة محمود بكري الإعدادية بقنا    انتظام الدراسة في 2374 مدرسة بكفر الشيخ    مدارس دمياط تكرم أبناء شهداء الشرطة في أول يوم دراسي "صور"    ذكرى رحيل هشام سليم .. عامان على غياب عادل سليم البدري (تقرير)    أفلام معهد السينما في برنامج ندوات مهرجان الغردقة.. اليوم    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    "دعونا نواصل تحقيق الإنجازات".. كولر يوجه رسالة لجماهير الأهلي    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    موجود في كل مطبخ.. حل سحري لمشكلة الإمساك بمنتهى السهولة    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    وليد صلاح عبد اللطيف: مباراة السوبر ستحدد مصير جوميز مع الزمالك    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    اليوم.. محاكمة 9 طلاب في قضية «ولاية الدلتا الإرهابية»    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    سعر الذهب الآن في السودان وعيار 21 اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    لاعبو الأهلى يصطحبون أسرهم خلال الاحتفال بدرع الدورى 44.. صور    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخرهم.. موائد الرحمن!
نشر في الأخبار يوم 18 - 08 - 2010

لا اعرف هل هي الطيبة أو السذاجة أو النوايا الحسنة والآمال التي لا تتحقق ؟!... أتحدث عن تلك الدعوات التي انطلقت تطلب وتتمني أن تري في بر مصر مثل المبادرة التي أطلقها في أمريكا أثنان من اغني أغنياء العالم (الملياردير بيل جيتس صاحب شركة ميكروسوفت، وزميله الأغني بافيت) لزملائهم من المليارديرات الأمريكان لكي يتنازل كل منهم عن نصف ثروته (الآن أو بعد وفاته) من أجل الأعمال الخيرية، وهي المبادرة التي انضم إليها العشرات من اغني أغنياء أمريكا، لكي يصل حجم المتوقع من تبرعاتهم حتي الآن حوالي 600 مليار دولار.. والبقية تأتي.
البعض تصور أننا الأولي بمثل هذه المبادرات في مصر وفي العالمين العربي والإسلامي، حيث يفترض أن تسود قيم التراحم والتكافل و.."ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع".. ولكن ما أبعد الواقع عن هذا التصور، وما أبعد المسافات بين الآمال والأمنيات من ناحية، وما نراه ونلمسه في زمن اختلت فيه الكثير من المعايير، ولم يعد الكثيرون يدركون أننا لن نكون خير أمة أخرجت للناس، إلا حين نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر. بالطبع لدينا من الأثرياء من يفعل الخير، بل ولدينا من متوسطي الحال من يجود بالقليل الذي يستطيع الاستغناء عنه، ولكن الطيبة او السذاجة فقط هي التي تجعل البعض يتصور أن تجربة مليارديرات أمريكا يمكن تطبيقها في مصر.. فكيف يتنازل عن نصف ثروته من لا نعرف من الأساس مقدار ثرواته، لأنه يرفض الإفصاح عنها، ويرفض الكشف عن مصادرها في غياب قوانين تلزمه بذلك، خاصة حين يدخل ميدان العمل العام؟ وكيف يتنازل عن نصف ثروته من يلجأ لكل الوسائل لكي لا يؤدي ما عليه من ضرائب.. والأمر هناك لا يتعلق بالمليارديرات فقط، ولكن بثقافة المجتمع التي تجعل التهرب من الضرائب شطارة، وبقوانين الدولة التي لا تجعل من هذا التهرب جريمة كبري في حق المجتمع تستحق أقسي العقاب، وهكذا ستجد فنانين كبار - يقبضون الملايين ويكتبون العقود ببضعة آلاف، وستجد مهنيين يربحون الكثير ويرفضون إعطاءك الفواتير عما يقبضونه، وستجد لاعبي كرة يتسلمون الجزء الأكبر مما يكسبونه تحت الترابيزة.. ولا أحد من هؤلاء يشعر بأنه يرتكب جريمة في حق المجتمع!
ثم.. كيف يمكن أن نتصور ان يتبرع بنصف ثروته لأعمال الخير، من جاء بمعظم ثروته من الاستيلاء علي أراضي الدولة وتسقيعها، أو من استغل موقعه البرلماني أو الوزاري في إبرام صفقات يعلم أنها ضد الدستور الذي يمنع اتجار الوزراء ونواب البرلمان مع الدولة ؟ وكيف يمكن أن يتبرع بنصف ثروته لأعمال الخير من يستحل أن تجئ ثروته من استيراد لحوم فاسدة أو قمح لا يصلح للاستهلاك الآدمي إلا بشهادات مضروبة من فاسدين بأجهزة الرقابة؟! آخر ما عند هؤلاء أن يقيموا مائدة للرحمن في شهر رمضان، أو أن يقدموا شيئاً من المساعدة لبعض الحالات الإنسانية، أو أن يساهموا في رعاية برنامج تليفزيوني يرعاهم بدوره عند الحاجة (!!) وكلها أنشطة تساعد في تحسين الصورة، والأهم انها علي حساب "صاحب المحل" لان نفقاتها تخصم من الضرائب!! ومرة آخري.. لا يعني هذا أنه لا يوجد لدينا أثرياء يراعون الله ومصالح الوطن والمجتمع حين يعملون، وحين يربحون، وحين ينفقون مما كسبوا، ولا يعني هذا أيضاً أن الكثير من موائد الرحمن تقام لوجه الله.. ولكنه يعني أن الرهان علي حل يأتي علي الطريقة الأمريكية بتبرع المليارديرات بنصف ثرواتهم هو مجرد وهم، وأن تصور أن سياسة موائد الرحمن يمكن أن تكون حلاً لأوضاع ازدادت فيها الهوة بين الأغنياء والفقراء، واختلت موازين توزيع الدخل القومي، وازداد فيها عدد الفقراء.. هو وهم آخر اكبر وأخطر.
إن ما نراه الآن من اعتماد ملايين الفقراء علي موائد الرحمن لتوفر لهم ما لا يجدونه في رمضان او غير رمضان، ومن تدافع علي شنط رمضان التي توزع لوجه الله أو بسبب قرب الانتخابات، ومن صراخ الناس من غلاء يطحن الجميع ويهدد بتحويل المزيد من "المستورين" إلي فقراء حتي بمقياس بعض المسئولين الذي يقول إن 165 قرشاً في اليوم تكفي لكي يصبح الإنسان خارج دائرة الفقر !!
كل ذلك ليس إلا صيحة إنذار بضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلي هذه الأوضاع الخطيرة، والتي أضاعت ما كان قد تحقق في ظل ثورة يوليو من خطوات هامة علي طريق العدل الاجتماعي وتقريب الفوارق بين الطبقات، ورفع الظلم الذي عاني منه ملايين العمال والفلاحين في عهود سابقة، وإتاحة الفرصة للفقراء في العيش الكريم والتعليم الحقيقي الذي فتح لهم أبواب الترقي في كل المجالات ليكونوا هم أساس تقدم المجتمع ونهضته.
ما نراه الآن يقول بكل وضوح إنه لم يعد ممكنا ً الاستمرار في سياسات اقتصادية واجتماعية تؤدي إلي زيادة غني الأغنياء ومضاعفة معاناة الأغلبية العظمي من المواطنين. ولم يعد ممكناً الاستمرار في سياسات ترفض العودة للضرائب التصاعدية وتترك موارد الدولة عاجزة عن الوفاء بالالتزامات المطلوبة. ولم يعد ممكناً عدم استرداد ما تم نهبه من ارض الدولة أو ما تمت استباحته من المال العام. ولم يعد ممكناً إغفال أن الخطر الحقيقي علي استقرار المجتمع ومستقبل الوطن يأتي من هنا، وأن الحل هو في سياسات اقتصادية واجتماعية جديدة تدرك حجم الخطر، وتعمل علي إقامة العدل الاجتماعي بدلاً من الاكتفاء بإقامة موائد الرحمن.
آخر كلام
والغلاء يطحن الناس، يبرز دور الجمعيات الاستهلاكية في مواجهة مافيا الأسواق. وهنا نذكر بالخير الدكتور أحمد جويلي وزير التموين الأسبق الذي خاض معركة صعبة ضد حيتان الخصخصة، واستطاع الاحتفاظ بهذه الجمعيات وبدأ تطويرها الذي يتواصل الآن، ولكن بمعدات لابد من مضاعفتها لمواجهة الجشع والاحتكار.. وتحية أخري لوزير الزراعة السابق أحمد الليثي الذي انهي أثناء توليه المسئولية سنوات من إهمال زراعة القمح، واستطاع الوصول بالإنتاج المحلي إلي نسبة 70 ٪ من احتياجاتنا، وبعد ذلك عادت ريمه لسياستها القديمة، لصالح مستوردي أردأ أنواع القمح .
ليس أسوأ من طوفان المسلسلات التلفزيونية الذي يحاصر المتفرج، إلا هذه البرامج البلهاء التي تتصور انها ضاحكة! وليس أسوأ من الاثنين إلا برامج " كشف العورات" التي لا يخجل ضيوفها (ومعظمهم من الفنانين والفنانات)، حين يقبلون الدخول في حوار منحط مكانه الطبيعي في الكباريهات أو بيوت الدعارة، وليس علي شاشات تليفزيون تدخل البيوت ويشاهدها الكبار والصغار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.