قيل ان العاقل من يقمع شهوة النفس بالجوع، لانه قهر لعدو الله، فإن وسيلة الشيطان في النيل من الإنسان، هي الشهوات، والأكل والشرب، كما قال »صلي الله عليه وسلم« ان الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم فضيقوا مجاريه بالجوع، ان أقرب الناس إلي الله تعالي يوم القيامة من طال جوعه وعطشه، وأعظم المهلكات لابن آدم شهوة البطن فيها اخرج آدم وحواء من دار القرار إلي دار الذل والافتقار، إذ نهاهما بها عن أكل الشجرة فغلبتهما شهوتهما حتي أكلا فبدت لهما سوآتهما، والبطن ينبوع الشهوات. وقد قال بعض الحكماء -كما يقول الامام الغزالي- من استولت عليه النفس صار أسيرا في حب شهواتها محصورا في سجن هفواتها، وقد قيل ان الله تعالي خلق الخلق علي ثلاثة ضروب، خلق الملائكة وركب فيهم العقل ولم يركب فيهم الشهوة، وخلق البهائم وركب فيها الشهوة ولم يركب فيها العقل وخلق ابن آدم وركب فيه العقل والشهوة، فمن غلبت شهوته فالبهائم خير منه، ومن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة. وقد حكي ان الجهاد ثلاثة أصناف جهاد مع الكفار، وهو جهاد الظاهر كالذي في قوله تعالي. يجاهدون في سبيل الله، وجهاد مع أصحاب الباطل بالعلم والحجة كقوله تعالي: »وجادلهم بالتي هي أحسن« وجهاد مع النفس الامارة بالسوء كالذي في قوله تعالي: »والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا« وقوله »صلي الله عليه وسلم«: »أفضل الجهاد جهاد النفس« وان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، كانوا إذا رجعوا من جههاد الكفار يقولون: رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر. ألفت الخشاب