إن الزمن حركة دائمة ومستمرة لا رجعة فيه، يتنشط من خلال حركة الانسان ومجهوداته وتطلعاته وعطاءاته المستمرة، وذلك كله من منظار رؤيته وتحليله للاحداث وتفسيراته للامور والموضوعات المحيطة به، واذا اختلفت الرؤية من انسان لاخر تختلف طبقا للمكان والبيئة والظروف المحيطة به. ومن هذا المنظور يتضح لنا اذا ما تمعنا في ذلك نري ان الانسان يصنع غير ما يصنعه اقرانه في مكان آخر، وكثير ما يختلف انسان في مكان ما مع انسان في مكان اخر رغم انهم ينتميان لنفس الزمان فباختلاف المكان يختلف الانسان مع انسان اخر، لان لكل منهما كان غير مكانا الاخر، والظروف المحيطة غير تلك الظروف التي تحيط بذلك الانسان وآلياته ومناخه وارضه وطبيعتها. لذا يختلف انسان في منطقة ما عن انسان في منطقة اخري في نفس اللحظة في الرؤية والتفكير والانجاز وذلك لاسباب متعددة. كثيرا من الاحيان يسافر الانسان من مكان الي مكان اخر اقصد من دولة الي دولة، يري المكانين مختلفين عن عمر زمانهما في نفس اللحظة والتوقيت، حيث تلاحظ انه قد تفوق مكان علي الاخر، لماذا تفوق هذا وتخلف هذا رغم ان الاثنين ينتميان لزمان واحد، اذا الزمان وحده غير كاف لتغيير الانسان. لاعتبار كل مكان رهينا بمحيطه وظروفه وبيئته. لذا لا يقاس الزمن بالسنين مادامت الرؤية تختلف والفكر يختلف من منطقة لمنطقة، ومن بلد لاخر، وحين نري انسانا بلغ سن الرشد ومازال يتصرف التصرف الصبياني نقول عنه ان عمره الزمني قد سبق عمره العقلي أو بتعبير اخر نقول: ان عمره العقلي لم يبلغ عمره الزمني. وهذا ما يسري إذا ما قارنا مكانا بمكان اخر، نري هناك ايضا بلدا بلغ المرحلة التالية وبلدا اخر لم يبلغ تلك المرحلة من الزمن، رغم ان الزمان والمكان شييء واحد، فهما ملتصقان، اذا هنا يتضح ان العقل والفكر لهما دور فعال لتعميل وتفعيل الزمان بما يناسب ويتناسب ويموضع ويتموضع في حقول شتي الي ما وصل اليه الانسان من ازدهار وتقدم عبر الوصل والتواصل والاتصال في مجري العلوم والتكنولوجيا والفكر حتي لايتباطأ انسان في مكان عن انسان في مكان اخر كي يسير الجميع في خط واحد، لان الزمان حركة دائمة متنقلة من وضع لوضع، فلابد من ان تكون الخطوات إلي الامام دائما كما ان العد دائما يكون تصاعديا 1، 2، 3، 4 لايمكن ان يكون تنازليا 4، 3 ،2، 1 لذلك لا رجعة في الزمن حيث يصور البعض ان الزمن قياس للعمر، وهذا اكثر اتفاقا مع الواقع، لان العمر لايمكن ان يصغر او يرجع الي الوراء فهو مرتبط بالزمان. كاتب المقال: عضو اتحاد كتاب العرب