لاشك أن الزمان محور مهم من محاور الحياة يتمخوض بين المد والجزر يختلف بما يحمله من موضوعية من مكان لآخر لأن كل مكان له تأثيره علي صياغة زمانه بما يحمله ويهدف إليه من أفكار وثقافات ومعارف أحيانا كثيرة يقف الإنسان حائرا أمام زمانه لا يستطيع أن يخطو خطوة إلي الأمام كما خطا الآخرون في أماكن أخري انطلاقا من جغرافيتهم وعلومهم وأفكارهم المتطلعة نحو الغد وميكنة امكانياتهم وبلورت مفاهيمهم نحو المستجدات لذا دائما يتبادر إلي الأذهان سؤال يفرض نفسه ما معني الزمان؟وماذا تعني كلمة الزمان؟ وبماذا يقاس الزمان؟ هل لديه بدائل كونية؟ وإذا كان ذلك هل هناك من يستطيع أن يحدد البدائل وما هي وكيف تحددها ومتي كانت بداية هذه الكونية؟ منذ كم من ملايين السنين كانت بدايته وما هي أبعادها وفوارقها وكيفيتها وإذا اعتبرنا أن الزمان هو هذا الكون الذي نعيشه ولا نستطيع أن نحدد بدايته ولا نهايته لماذا إذن هذه الفوارق بين الشعوب نحو التقدم العلمي والفكري ناس في واد وناس في واد آخر أكثر تطلعا وتقدما. لاشك أنه الأمس واليوم والغد يسير عبر العصور المتتالية فتنقلنا من جيل إلي جيل دون توقف ودون أن نعي تحديده. يقول البعض إن الكون منذ ستمائة مليون سنة والبعض منذ ستمائة ألف سنة والبعض الآخر يقول منذ ستين ألف سنة ولكن الكل لا يعرف حقيقة البداية كم عمر الزمان تولد أجيال وراء أجيال والزمان مستمر بما له وما عليه ينقلنا من عصر إلي عصر بمعطياته وافرازاته المتلاحقة عبر الأيام والسنين تزودنا بالعلوم والمعرفة عن كل فترة ماضية بصياغة جديدة ومعضلات غير التي كانت عليها ولكن السؤال الذي يكمن في صلب الموضوع ويفرض نفسه هنا ما معني كلمة زمن؟ وما المقصود بكلمة زمن وإذا جاز لنا التعبير ممكن لنا القول إن نعتبر الزمان فترة من السنين فهنا لابد لنا أن نتوقف قليلا لنضع مقارنة بين ذلك الزمان الذي مضي وبين الزمان الذي نعيشه ومجري المتغيرات والتحديث التي طرأت عبر العصور. هل نكتفي أن نقول من مئات السنين كان الوضع علي غير ما هو عليه اليوم وأين تلك السنين كما يردد البعض بالعامية (أيام زمان) وهذه المقولة يرددها غالبا كبار السن وأنها كلمة ترمي إلي خمسين سنة مضت علي وجه التقريب وما المقصود هنا (بأيام زمان)؟ أري من الأرجح أن يحدد الزمن دون الحسرة عليه استعدادا لاستقبال الآتي إذ ما نظرنا للحياة بشفافية وأمل نستطيع أن نحدد الزمان في فترة معينة ماضية إذ نقول: زمن الفراعنة والبطالمة والرومان وإذا تقدمنا ألف عام يمكن لنا القول (زمن أفلاطون سقراط وأرسطو) وإذا تقدمنا أكثر تقريبا لزماننا أي مئات السنين يمكن لنا القول (زمن بسمارك، نابليون أو فولتير أو اينشتاين) هذا إذا ما أخذنا أن الزمن ينتمي إلي ذلك الإنسان الذي صنع فترة زمنية فيه بكل ملابساتها وموضوعاتها وافتراضاتها وإفرازاتها ومنظوماتها التي تكمن في تلك الفترة من ذلك الزمان يمكن لنا أيضا القول (زمن كنفوشيوس غاندي). فانطلاقا من هذا نستطيع أن نحدد أن الزمان هو ما صنعه ذلك الإنسان في تلك الفترة TIME من الزمن وما آتي به من أفكار فالزمان لا يقاس بالسنين وإنما يقاس بالانجازات والأفكار التي جاء بها رجال ذلك العصر التي كانت تنتمي لتلك الفترة الزمنية إذاً الزمن حركة دائمة ومستمرة لا رجعة فيه تنشط من خلال حركة الإنسان ومجهوداته وتطلعاته وعطاءاته المستمرة دون انقطاع وذلك كله من منظار رؤيته وتحليله للأحداث وتفسيراته للأمور والموضوعات المحاطة حوله واجتهاداته نحو تحقيق مالم يكن موجودا وإذا اختلفت الرؤيا من إنسان لآخر تختلف طبقا للمكان والبيئة والظروف المحيطة به وكثيرا الإنسان يري ما لا يري بعينه ولكن يراه بعقله وفكره ويتصور ويتخيل ما لا يري إلي واقع ثم يحوله إلي حقيقة تري وتستعمل ومثالا علي ذلك التليفون المحمول (الموبايل) الذي كان فكرة لاتري وبالتالي تحولت هذه الفكرة إلي اختراع ملموس ومن هذا المنظور يتضح لنا إذا ما تمعنا في ذلك نري الإنسان يصنع غير ما يصنعه أقرانه في مكان آخر وكثيراً مايختلف إنسان في مكان ما مع إنسان في مكان آخر رغم أنهم ينتميان لنفس الزمان TIME فباختلاف الإنسان مع إنسان آخر تختلف الرؤية والهدف رغم ذلك الكل يبحث عن المستجدات طبقا لمكانه لأن لكل منهما مكان غير مكان الآخر والظروف المحيطة غير تلك الظروف التي تحيط بذلك الإنسان عن هذا لذا يختلف إنسان في منطقة ما عن إنسان في منطقة أخري في نفس اللحظة IN TIME في الرؤية والتفكير والانجاز وذلك لأسباب متعددة، كثيرا من الأحيان يسافر الإنسان من مكان إلي مكان آخر أقصد من دولة إلي دولة فيري المكانان مختلفاين عن عمر زمانهما في نفس اللحظة والتوقيت حيث نلاحظ أنه قد تفوق مكان عن الآخر لماذا تفوق هذا وتخلف الآخر رغم أن الاثنين ينتميان لزمان واحد إذاً الزمان وحده غير كاف لتغيير الإنسان لاعتبار كل مكان رهنا لمحيطه وظروفه وبيئته طبقا للأوضاع المحيطة حوله فلابد لكل بلد تأخرت عن الزمان المحيط حولها من أن تخرج مما هي عليه إلي ما توصل له العالم بانجازاته العلمية والمعلوماتية والمعلوماتية أن تحذو حذو ذلك العالم الذي تقدم عن غيره حتي نكون فعلا في قرية واحدة كما يقال وحتي لا يرمينا الزمان خارجه. عضو اتحاد الكتاب العرب