تحتفل 17دولة أفريقية في هذه الأيام بمرور 50عاماً علي تحريرها، ونيل استقلالها، بعد طول استعمار وعبودية. في نهاية شهر يونيو الماضي، كان الرئيس الأمريكي »باراك أوباما« في زيارة لمدينة »تورنتو« بكندا للمشاركة في مؤتمر قادة ال»8 الكبار«، و ممثلي ال »20 الأقل كبراً«، وانتهز الرئيس الأمريكي »الأسمراني البشرة« فرصة حضور العديد من الزعماء الأفارقة هذا المؤتمر ليوجه الدعوة في 25 يونيو إلي 17 رئيس دولة أفريقية إلي واشنطون للاحتفال معهم في البيت الأبيض بالعيد الخمسين لاستقلال هذه الدول. ورحب الرؤساء الأفارقة بدعوة الرئيس الأمريكي الذي أراد مشاركتهم الفرحة والاحتفال بالذكري الخمسين لاستقلال بلادهم وتحرير شعوبهم. وكان البعض حسن النية في ترحيبه بدعوة »باراك«، فألمح إلي الدماء الكينية، الأفريقية، التي تجري في شرايين الرئيس الأمريكي »أباً عن جد« وكأن »أوباما« أراد أن يحتفل بعيد استقلال »أصله« و »فصله« و»جنسه«، قبل أن يكون مجرد مشاركة الآخرين في الاحتفال بعيدهم! وازدادت سعادة رؤساء أفريقيا المدعوين للعاصمة الأمريكية من 3 إلي 5 أغسطس فأصدر بعضهم تصريحات لصحف بلاده تبشيراً للشعوب بأن اللقاء مع الرئيس الأمريكي الذي طال انتظاره سيركز علي »حاضر، ومستقبل، أفريقيا.. وسبل تنميتها: اقتصادياً، وصحياً، وتعليمياً.. إلي جانب طرح الأفكار لمواجهة وإنهاء الصراعات الإقليمية سياسية، عسكرية التي تعاني منها القارة السمراء منذ سنوات ماضية«. واستعد الرؤساء الأفارقة لتلبية دعوة »ابن العم« باراك لزيارته في واشنطون، واستضافتهم في البيت الابيض.. لكن المفاجأة جاءت في 21يوليو الماضي، عندما أصدر البيت الأبيض بياناً جاء فيه ان الرئيس الأمريكي أمر بتنظيم منتدي في واشنطون من 3 إلي 5 أغسطس يحضره 120 شاباً ناشطاً في المجتمع المدني، والقطاع الخاص، في العديد من الدول الأفريقية، مشاركة من جانب الولاياتالمتحدة ورئيسها في الاحتفالات بالذكري الخمسين لتحرير واستقلال تلك الدول. الصدمة في هذا البيان.. أن الرئيس الأمريكي نسي أو لعله تناسي ما سبق أن فعله، وأعلنه، خلال زيارته في شهر يونيو الماضي للعاصمة الكندية »تورونتو« وتوجيه الدعوة الرسمية لرؤساء وزعماء 17دولة أفريقية لزيارة واشنطون في أوائل شهر أغسطس.. وهي الزيارة التي علٍق متلقوها أهمية كبيرة علي إتمامها، وإذ ببيان البيت الأبيض 21يوليو يتجاهل هذه الزيارة المرتقبة، وكأن الرئيس الأمريكي كان »يمازح«، أو »يهزّر« مع ال 17 رئيساً أفريقياً عندما دعاهم للقاء »حبي« و»عملي« في بداية أغسطس الحالي؟! أو علي الأصح.. أعاد »أوباما« النظر في دعوة كل هؤلاء الرؤساء الأفارقة، عندما قيل له: »كيف تدعو هؤلاء الزعماء وهم أنفسهم الذين سبق لك عام 2009 أن هاجمتهم، وعايرتهم، في عقر دارهم ؟!«. السؤال وجيه، وسليم.. جاء في وقته. ففي يوليو2009 كان الرئيس الأمريكي يزور »أكرا« .. عاصمة دولة غانا الأفريقية. خلال الزيارة ألقي »أوباما« خطاباً أمام البرلمان الغيني حذّر في إحدي فقراته شعوب وحكومات أفريقيا بأنه لا أمل، ولا ضمان، لأي بلد في تحقيق الرخاء للشعب ما دام قادة هذا البلد يوجهون الاستثمارات العامة لخدمة الاستثمارات الخاصة، لإثراء أنفسهم، وتضخيم ثرواتهم الشخصية (..). وحتي لا يتناقض »أوباما« مع نفسه، ويفعل عكس ما كان يقوله.. فقد تقرر »تجاهل« الدعوة الرسمية التي وجهها »أوباما« بلسانه ل17رئيساً أفريقياً، واستبدل هؤلاء بدعوة 120شاباَ، ناشطاَ في المجتمع المدني، وعاملاً في القطاع الخاص الأفريقي، لحضور »منتدي واشنطون« ويلتقون مع نظرائهم من الشباب الأمريكي لمناقشة همومهم، وقضاياهم، والتنقل من أحلامهم إلي آمالهم في أي شيء وكل شيء. والأهم أن الرئيس الأمريكي قرر لقاء هؤلاء الشباب النشطاء في البيت الأبيض ليجيب علي أسئلتهم مهما كانت أو تطرقت.. بعيداً علي قيود »البروتوكول« وتحفظات »الروتين«. البعض لم يجد في تصرف »أوباما« إهتماماً بالشباب الأفريقي، وإنما أرجعوه إلي »تعصبه« أو علي الأقل ل »رغبته في عدم إغضاب الناخبين المتعصبين«! فالهاجس المزعج، الدائم، للرئيس الأمريكي أن »يتهم« بميوله لنصف أصله الأفريقي، أو » ضبطه« بالاهتمام بقضايا أفريقيا أكثر من غيرها! ولعل هذا هو السبب في تجنب فتح أبواب البيت الأبيض أمام الزوار الملونين وخاصة الأفريقيين! ويستند أصحاب هذا الرأي إلي أن »أوباما« لم يستقبل في البيت الأبيض سوي أربعة (4) رؤساء أفارقة، و واحد (1) رئيس وزراء أفريقي.. منذ توليه الرئاسة الأمريكية وإلي اليوم!