أمس وأمام المتحف الوطني في وسط بيروت، وقف الآلاف بملابسهم الصفراء »اللون المفضل لفيروز«.. مكبرات الصوت تخترق الفضاء بصوت فيروز في كل مكان »من كتر ما ناديتك.. وسع المدي«.. الجميع يعلن احتجاجه علي الفضيحة.. الجميع يعلن احتجاجه علي انفراط العقد، والارث الذي تحول إلي نزاعات وبلاغات وإنذارات، ودعاوي وملاحقات قضائية واتهامات وتهم..! الجميع يعلن احتجاجه علي فضيحة ان تغني فيروز بإذن كتابي..! أصدرت محكمة الامور المستعجلة بلبنان قرارا برفض اعادة تقديم فيروز لمسرحية »يعيش.. يعيش« للاخوين رحباني علي »كازينو لبنان« وأيضا منعها من تقديم 52 عملا فنيا لمنصور رحباني إلا بعد الرجوع للورثة والحصول علي موافقتهم.. وللفضيحة تاريخ وقلب قاس.. بدأت سلسلة الانذارات والملاحقات القضائية منذ عام 2008... انذرت فيروز لمنعها من الغناء في الشارقة، إلا بعد سداد مستحقات »ورثة منصور رحباني«!!.. لكنها غنت بحماية مباشرة من حاكم الشارقة!! حدث نفس الأمر، وتكررت الملاحقات القانونية في حفلتين غنائيتين بالبحرين.. وحدث أيضا في حفل »دمشق« وفي كل مكان تفكر أن تغني فيه فيروز دون الحصول علي موافقة جميع ورثة الاخوين رحباني! هكذا فيروز بين يوم وليلة صارت متهمة بالتمادي في الغناء!! حكاية أخري عن انفراط العقد ومحاولة الفصل بين الاخوين رحباني، وخلافات أشد قسوة تسعي لتفكيك المجد وتقسيمه.. وربما تشويهه أيضا. كتب أحدهم عن أغنيات الرحبانية، كيف أسهمت في تأسيس أسطورة الوهم عن الوطن.. كيف صنعت اسطورة لبنانية بحجم الخيال لا بحجم الواقع. اخرون انشغلوا بتفكيك الحكاية.. من الذي كتب؟ ومن الذي لحن؟ من الاكثر موهبة بين الاخوين؟ من يملك سر العبقرية منصور رحباني أم عاصي رحباني؟ انشغل البعض بالسؤال واشعال الحروب وجرح الحكاية وذبح الاخوين معا.. صار »الاخوين« شيعا وقبائل وعائلة محمومة وتفرق دمهم بين الجميع! في فبراير 9002 أصدرت وزارة التربية بلبنان قرارا بتشكيل لجنة لتخليد فن وأدب منصور رحباني والعائلة الرحبانية وتدريسها في المناهج التربوية! وهو أيضا القرار الفضيحة من حيث تجاهل اسم عاصي الرحباني أو حتي اسم »الاخوين رحباني«.. وكان لابد من تعديل القرار »بعد شهرين« ذكر فيه »تخليد فن وأدب الاخوين رحباني وأعمال منصور رحباني بعد غياب عاصي الكبير«. حرب أهلية بامتياز.. تحطم كل شيء حولها وتقضي علي اسطورة العبقرية المزدوجة وتفسد تاريخا من الجمال والمجد. الحقوق »الملكية«.. »المالية«.. »القانونية«.. »الارث العائلي«.. »الضوابط«.. »اقتسام الغنيمة«. اسئلة مشروعة ربما، لكن ما الذي يفعله (القانون) (والارث العائلي) حين تكون الغنيمة »القلب«!