طالب المجتمع الدولي متمثلا في مجلس الأمن والقوي الكبري والمجتمع الأوربي والدول العربية والمجلس الدولي لحقوق الإنسان بضرورة إجراء تحقيق كامل وحيادي وعاجل وله مصداقية وشفافية يتماشي مع المعايير الدولية في المجزرة الإسرائيلية ضد نشطاء متضامنين مع غزة في المياه الدولية حيث قتلت تسعة وأصابت العشرات بجروح خطيرة في عملية وصفت بالقرصنة الدولية ارتكبتها قوات الكوماندز الإسرائيلية أخيرا إذ فتحت نيرانها علي سفن المساعدات قبل الصعود إليها، ورغم الإدانة الرسمية والشعبية الواسعة للجريمة الإسرائيلية وكذلك مجلس الأمن في بيانه الرسمي الرئاسي »2/6/0102« واعلان عدد من الدول مقاطعة إسرائيل واستدعاء سفرائها واصلت الولاياتالمتحدة دعمها للدولة المارقة وتأييدها لما أسمته حق إسرائيل في تفتيش السفن التي تتجه الي غزة لمنع تهريب الأسلحة وتساءلت عن سبب الإصرار علي أن تذهب المساعدات مباشرة الي غزة، واكتفت اسرائيل بالاعلان عن استعدادها لإجراء تحقيق داخلي في الحصار المفروض علي القطاع وتشكيل لجنة تحقيق مدنية داخلية علي ان يشارك فيها خبيران اجنبيان تختارهما اسرائيل علي أن تنحصر مهمة اللجنة في دراسة سؤالين هما هل الحصار البحري علي قطاع غزة يتوافق مع القانون الدولي؟ وهل العملية التي نفذتها ضد الأسطول مطابقة ايضا للقواعد الدولية؟ وبذلك رفضت اسرائيل ايضا قرار المجلس الدولي لحقوق الانسان الذي دعا الي تشكيل لجنة تحقيق دولية في الهجوم الدامي وكذلك منظمة العفو الدولية، ولم تكتف بذلك بل استمرت في تحديها للمجتمع الدولي وارتكبت جريمة أخري إذ اقتحمت قوات الكوماندوز سفينة المساعدات الايرلندية »راشيل كوري« يوم 5/6/0102 وكانت في طريقها لكسر الحصار الاسرائيلي المفروض علي غزة واقتيادها الي ميناء »أسدود« علما بأن السيطرة علي السفينة تمت في المياه الدولية مما يعد قرصنة وارهابا لا مثيل له مع أن الهدف من أسطول الحرية وسفن المساعدات إنهاء الحصار الذي أصبح الآن أطول من الحصار الذي تعرضت له مدينة سراييفو خلال حرب البلقان في بدايات التسعينات من القرن الماضي فالحصار الإسرائيلي المتواصل منذ ثلاث سنوات سبب المعاناة التي يتعرض لها سكان غزة يوميا وكشف الحصار عن أن 06٪ من السكان يعانون من البطالة فيما يعتمد 08٪ منهم علي المساعدات التي تقدمها الأممالمتحدة، وهو يتعارض مع وثائق لاهاي الرابعة وجنيف الرابعة والباب الرابع من البرتوكول الأول »جنيف 7791« التي أكدت علي حقوق الانسان للسكان المدنيين في مجموعهم من ناحية وتناولت حقوق الانسان للمدنيين في الأراضي المحتلة بأحكام خاصة من ناحية أخري ولكن اسرائيل خالفت هذه القواعد تماما بالمعاملة الوحشية للفلسطينيين وفرض الحصار الاقتصادي بهدف التجويع. وفي مجزرة قافلة الحرية لم يكتف الإسرائيليون بإمطار الركاب المدنيين بوابل من النيران ولكنهم امتنعوا مع سبق الاصرار عن تقديم المساعدة للمصابين وتركوهم ينزفون الدماء حتي النهاية كما ان بعض الشهداء لقوا حتفهم بسبب عدم وجود المساعدة الطبية بعد ان ظلت السفينة »مرمرة« محتجزة لما يزيد عن 21 ساعة ذلك أن القوات الاسرائيلية كانت تهدف الي احداث أكبر قدر من الوفيات ليكون ذلك رادعا لأي سفينة أخري تحاول مستقبلا فك الحصار الذي ينطلق من منطق مغلوط فإسرائيل تدعي أن عملية الحصار لها شرعيتها وفقا للقانون الدولي إشارة الي ان اليابان والمانيا حاصرتا الولاياتالمتحدة وبريطانيا اثناء الحرب العالمية الثانية دون ان يوصف الحصار بأنه غير مشروع علي الرغم من انه تم في المياه الدولية لاسيما ان معاهدة لندن »9091« الخاصة بالحروب البحرية تعطي الحق لطرف محارب في محاصرة عدوه إلا أن احكامها لا تسري علي حصار غزة لأن القوة المستخدمة تفوق القوة الواقعة تحت الحصار وان الحصار لا يقع علي أرض دولة أخري ذات سيادة وهي بهذا الوصف لا ينطبق عليها وصف المحارب وعلي ذلك فالحصار غير شرعي وإنما هو عدوان مستمر ومما يدعم هذا النظر ان اسرائيل لا تعترف رسميا في الوقت الحاضر انها تحتل قطاع غزة ومن ثم ليست في حالة حرب رسمية فإذا تركنا القانون الدولي الإنساني الذي ينطبق في جميع حالات الاحتلال وإذا نظرنا الي الاجرام الاسرائيلي من منظور الأمن الجماعي يتبين ان اسرائيل لا تولي القرارات الدولية »242« لسنة 7691 و»833« لسنة 3791 و»7931« لسنة 2002 إي اهتمام إضافة الي تحديها للقرارات الدولية الداعية الي اجراء تحقيق في الاعتداء علي قافلة الحرية التي تهدف الي كسر الحصار مما يعتبر تحديا سافرا للمجتمع الدولي. ولاشك ان اقدام اسرائيل علي حصار غزة يعد نوعا من الإبادة الجماعية التي نددت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها الصادر في 31/21/6491 كجريمة يعاقب عليها القانون الدولي ثم تبنت اتفاقية تحريم اعمال الإبادة بإعتبارها عملا إجراميا في زمن السلم والحرب. ولأن الاتفاقيات الدولية قررت الصفة الاجرامية دون تحديد للعقوبات فإن المطلوب هو ان تتحرك المجموعة العربية وغيرها من أجل ان يصدر مجلس الأمن قرارا بإنشاء محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب في اسرائيل علي غرار محكمتي يوغسلافيا وروندا، ولا يمكن تبرير الجرائم الاسرائيلية بمكافحة الإرهاب لأن قرار الجمعية العامة في شأن معالجة الارهاب رقم 4303 »7691« بين تأكيد قانونية النضال من أجل التحرير الوطني وفرق بينه وبين الإرهاب، فأدانت استمرار اعمال القمع والإرهاب التي تقدم عليها الأنظمة الإرهابية والعنصرية وإنكار حق الشعوب الشرعي في تقرير المصير والاستقلال وغيرها من حقوق الانسان وحرياته الأساسية، واكدت الاممالمتحدة شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية الأجنبية والقهر الأجنبي بجميع الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح الذي يتضمن بالطبع الأعمال الفدائية كمثل التي قام بها الفدائيون في مصر لمكافحة الاستعمار البريطاني وفي الجزائر لمكافحة الاستعمار الفرنسي والآن في فلسطين لمكافحة الاستعمار الاسرائيلي، ويتبع ذلك الاتجاه من إقرار حق الشعوب في تقرير مصيرها الوارد بالمادة 2/7 من ميثاق الأممالمتحدة كما أقرت المادة الأولي من كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق الساسية والمدنية علي ان لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها وفق ميثاق الأممالمتحدة وان الاحترام التام لهذا الحق عنصر لا غني عنه في اقامة سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط ومن ثم يشرع للشعب الفلسطيني ان ينهج كافة الطرق بما فيها الكفاح المسلح لتحقيق ذلك ولهذا فلا يحق لإسرائيل اللجوء الي الإبادة الجماعية متمثلة في الحصار الاقتصادي بحجة الإرهاب الفلسطيني أو الدفاع عن النفس أما ان يترك المجتمع الدولي ومجلس أمنه الموقر إسرائيل دون أن يكون قادرا علي منعها عن أعمالها الإجرامية ويكتفي بإصدار بيان رئاسي بعد عملية القرصنة ضد قافلة الحرية يؤكد فيه ان الوضع في غزة غير قابل للاستمرار ويعيد المجلس تأكيده علي أهمية التنفيذ الكامل للقرارين 0581 و0681 وفي هذا الإطار يكون قلقه البالغ إزاء الوضع الإنساني في غزة، وفي إشارة الي الحصار يؤكد الحاجة لتدفق متواصل ومنتظم للسلع والناس الي غزة وكذلك توفير وتوزيع المساعدات الانسانية في انحاء غزة دون عوائق. فإلي أن يمضي الزمن حكمه الذي لابد منه في النظام الحالي أو الفوضي الحالية التي تحمل بين طياتها ظلما للشعوب الضعيفة أو المقهورة أو المغلوبة علي أمرها فلا أفلح من أظلم فإن السكوت من جانب المتضررين سواء كانوا حكاما أو شعوبا غير مقبول ويتطلب الإدانة دائما وإنما يجب العمل علي تخفيف الشر. ولتتحرك الدول أعضاء المجتمع الدولي في إطار التنظيم الدولي قبل أن ينهار تماما.