لست أدري ما الذي يجعل فكرة إصلاحية تستولي علي كيان الانسان فتقلق راحته، وتطير النوم من عينيه، ويروح يتحدث بها وعنها مع الاصدقاء والمتخصصين، فيجمعون كلهم علي صوابها وجدواها.. لكن، لكنهم يقولون ان الظروف غير مواتية، والعقبات قد تكون كثيرة، واصحاب القرار لايتقبلون بسهولة ان يأخذوا عن المفكرين، لانهم يفضلون دائما ان يتعاملوا فقط مع موظفيهم التقليديين. والفكرة التي اطرحها هنا تتمثل في انشاء خط سكة حديد يبدأ من المغرب واريتريا ويمتد عبر الجزائر وتونس وليبيا ومصر بينما يرتبط بخط سكة حديد آخر يمتد من اليمن ومسقط عابرا السعودية ومتصلا بالامارات وقطر والبحرين متجها إلي سوريا والاردن والعراق ثم الكويت، وهذا يعني ان هذا الخط الذي يمكن ان يتم إنشاؤه علي مرحلتين إحداهما في الجزء الغربي من الوطن العربي، والثاني في الجزء الشرقي منه سوف يحمل قطارا يسهل الوصول من وإلي هذه البلاد العربية الممتدة امتدادا جغرافيا واحدا، والقادرة- كما نعلم جميعا- علي تحمل نفقاته المالية، والنهوض بمتطلباته التقنية. لن تقتصر خدمات هذا القطار العربي فحسب علي نقل المسافرين، وتقريب المسافات، وتواصل الثقافات، والتقاء الاشقاء، وانما سوف يعمل علي دعم التبادل الاقتصادي من خلال نقل البضائع والسلع تمهيدا لانشاء ترابط اقتصادي قوي بين مختلف البلدان العربية، لان الوحدة الاقتصادية المنشودة، والتي دعا اليها مرارا الرئيس مبارك، لابد ان تقوم علي اسس ملموسة، وأهم هذه الاسس هو خط السكة الحديد، الذي ربط في الجانب المقابل لنا علي البحر المتوسط معظم البلدان الاوروبية من انجلترا إلي تركيا.. اذن علي غرار القطار الاوربي ينبغي ان يتم انشاء القطار العربي، الذي كان يستحق ان يربط بين البلاد العربية منذ وقت طويل، خاصة وان اهلها يتحدثون لغة واحدة، وتتشابه ثقافاتهم، ويلتقي تاريخهم ومصيرهم، ربما بخلاف البلاد الاوروبية المتعددة الاعراق والمختلفة اللغات والثقافات، اي ان القطار الاوروبي قد ربط بين مختلفين في حين ان القطار العربي سوف يدعم شعوبا وحكومات هي بالفعل متقاربة ومتشابهة و»متصافية«. واستطيع ان أؤكد وألح في التأكيد علي ان الروابط السياسية والاقتصادية وحتي الثقافية انما تدعمها بالضرورة بنية اساسية، ومن اهم عوامل هذه البنية: تمهيد وسائل الاتصال بين البلاد التي ترغب فيها. نفس الشيء يمكن ان ينطبق علي الاتحاد الافريقي الذي اسرع الافارقة بإقامته قبل ان يقيموا شبكة مواصلات تربط بين بلادهم. ياسادة.. في اوروبا تمهدت في البداية المواصلات، ثم حدث كل شيء جميل بعد ذلك.