كثير من النساء يعشن ظروفا اجتماعية أو عائلية صعبة، لكن تراهن يحطن أنفسهن بهالة من الابتسام والتفاؤل والتظاهر للآخرين بأنهن سعيدات.. فهل هذا نوع من التجمّل، أم هو رد فعل نفسي لحالة المشقة والعناء. تقول سمر التي اعتادت التغزل بزواجها إنها مضطرة لذلك حتى لا تكشف أسرار بيتها فتقع عرضة لتلفيق الروايات عنها فتصبح حديث المدينة، وهي تغطي المداهنة على تعاسة تراها في زواجها الذي لم يدم سوى ثلاث سنوات. سيناريو سعادة آخر تنسجه منال التي توضح أن خوفها من شماتة الأهل والمعارف، جعلها تنسج من وحي خيالها رواية تسقطها على واقعها التعيس، حتى أنها تفتعل الضحك، وأن زوجها يجاريها دور التمثيل بإتقان أمام الناس من الحضور والأقارب والأهل، وما كل ذلك العناء إلا فقط لعلمه أنها تهوى حياة تفخيم المظهر. فادية إسماعيل تقول: إن التظاهر ليس إلا محاولة لإخفاء ما تخجل منه الزوجة، وإلا فلماذا تحمل كل هذه المشقة. وتشير هيام إلى أن المرأة التي تتظاهر أمام الناس بالسعادة الزوجية، هي امرأة مسكينة تريد أن تحفظ ماء وجهها؛ كي لا تتحوّل إلى رواية تتداولها الألسن من معارفها من النساء، فهي ذات فهم ونضج حيث لا ترضى بأن تكذب، كي تصنع واقعاً لا تعايشه. إن الزوجة التي تقوم علاقتها مع زوجها على التفاهم لن تقول غير الصدق، ولن تخشى رد فعله أو فعل الآخرين إزاء كلامها، وقد تستعرض عيوبه وأخطاءه أمام الغير بشكل مازح من دون أن تزوّر كلامها بغية انتحال صفة الزوجة السعيدة. النساء اللاتي يحاولن تزيين صورة حياتهن أمام الآخرين هن في حقيقة الأمر يحاولن الحفاظ على بيوتهن من أجل أولادهن أما مريم فترى أن النساء اللاتي يحاولن تزيين صورة حياتهن أمام الآخرين، رغم أنهن يعشن واقعاً غير ما يقلن به، هن في حقيقة الأمر يحاولن الحفاظ على بيوتهن من أجل أولادهن. وفي رأي جميلة مصطفى فتظاهر الزوجة بالسعادة الزوجية أمر يحط من شأنها وقيمتها، خصوصاً أنه من السهل وقوعها في مجتمع لا يخفى عنه شيء ولا سيما عن نسائه، إن التعاسة الزوجية مكتوبة على الجبين، وكل محاولة أولئك الزوجات الترويج لسعادة غير قائمة لا بد أن تنتهي إلى الإخفاق الذريع. ماذا عن موقف الزوج إزاء مسألة التظاهر بالسعادة الزوجية، أتراه يقبل الدخول في هذه اللعبة "الحريمية" أم أنه ينأى بنفسه عنها. ناصر عبد الله يقول: الزواج كالصندوق المغلق الذي لا يملك مفاتيحه أي أحد سوى الزوجين، لذلك أشك في أي حديث أسمعه عن السعادة الزوجية؛ لأننا لا نرى إلا ما يسوّقه إلينا الزوجان. السعادة الزوجية حالة لا تقبل التظاهر، وخير للأزواج أن يقفلوا باب هذه المؤسسة الشرعية والانسحاب منها، على أن يبقوا فيها ويتركوها قائمة على الكذب والوهم والادعاءات، التي تعزز شعورنا بالتعاسة مع الوقت بدلاً من تخفيفه أو تجاوزه. المرأة التي تتظاهر أمام الناس بالسعادة الزوجية، هي امرأة مسكينة تريد أن تحفظ ماء وجهها؛ كي لا تتحول إلى رواية تتداولها الألسن ويقول محمد سليمان: إن النساء المفتونات بالمظاهر والقشور وحب المظاهر وادعاء السعادة الزوجية هو ما تحاول المرأة تمثيله، ويمكن أن نرجع لجوء المرأة إلى تبنِّي هذه السياسة لأسباب كثيرة منها خوفها من شماتة الناس الذين يشكلون بالنسبة إليها الخطر الرئيس وحتى تحافظ على كيان أسرتها ووجودها. ويقول صالح محمد إنه لا يكترث لكلام الناس ولا لتقويمهم لحياته، فعلاقة الرجل بالناس تختلف كليًا عن علاقة المرأة بهم، ففي الوقت الذي تكون المرأة غارقة في التلون والتكلف والتظاهر أمام قريناتها، خاصة وهي تتحدث عن زوجها الذي تخلق له في كثير من الأحيان صورة "جميلة" مغايرة لصورته الحقيقية، نلاحظ أن الرجل يتجنب الحديث عن بيته وزوجته خصوصاً أمام أقرانه. ويشن رامي أشرف هجوماً على الرجال الذين يشاركون زوجاتهم هذه اللعبة المكشوفة -كما يسميها- فيقول: الرجل الذي قد ينال جائزة الأوسكار عن دور الزوج السعيد، لا يلبث أن يخفق أمام الناس خارج دوره السينمائي؛ لأنه ليس من الصعب أن نميز بين الكذب والواقع، لا سيما في الأمور التي تتعلق بمشاعر الواحد منا. وعن هذه الظاهرة الاجتماعية تقول الدكتورة شيرين مصطفى، أستاذة الدراسات الإسلامية: حقا هي ظاهرة تلجأ إليها بعض الزوجات لتجميل حياتهن الزوجية أمام الآخرين، وهذا يعود إلى طبيعة العادات والتقاليد في المجتمع المصري أو العربي المفتون بتداول سير الآخرين، مشيرة إلى ضرورة أن نسمو عن هذه الظاهرة من خلال الوعي الثقافي، واحترام خصوصيات الآخرين وأسرارهم، وعدم ممارسة دور التطفل على أخبار الناس. وترى أن أفضل شيء للمرأة بدل الكذب والمداراة التي في غير مكانها أن تكتم أسرار بيتها، كما ترى أن لذلك السلوك مردوداً سلبياً، فقد يتأزم الموقف مع زوجها إذا فهم حقيقة مشاعرها، وربما ظن أن هذا نوع من السخرية منه، ويلجأ إلى العناد وممارسة العنف والأذى، أو العلاقة الباردة في بيته، وقد يزداد قسوة أو بخلاً أو نفوراً منها.