قالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الامريكية أن الإدارة الأمريكية وهى تتابع الأوضاع فى مصر تتعامل بحذر مع ردود الأفعال الآتية من القاهرة وعلى ما يبدو ما زالت تفضل عدم الحديث عن تفاصيل القرار وأيضا عدم التعليق على تبعات القرار الذى اتخذته واشنطن بشأن المساعدات العسكرية. واضافت "ساكى" أن «القرار ليس قطعًا للعلاقة وليس قطعا للمساعدة» وأنه مع مرور الأيام سيتم إجراء عملية إعادة تقييم للأمر.
إلا أنها أكدت أيضا عدم وجود جدول زمنى محدد لإجراء هذا التقييم وهذه المراجعة. فى حين تحاول الشركات الأمريكية المنتجة للدبابات والطائرات المقاتلة أن «تتفهم» و«تستوعب» القرار وتتعامل مع تبعاته وعواقبه.
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية وهى تتناول أمر القرار وعما تم وما يتم من اتصالات مع المصريين بشأنه قالت: «نحن على اتصال بالتأكيد سواء عن طريق ممثلين لنا فى مصر أو عن طريق مسؤولين كبار بواشنطن لمناقشة، ليس فقط القرار الذى تم اتخاذه والإعلان عنه الأسبوع الماضى، ولكن الخطوات التالية من الآن فصاعدا. وفى ما عدا ذلك ليس لدى شىء جديد لأضيفه».
وبما أن مضمون القرار وتوقيته أثارا عديدا من التساؤلات حول ما تريد أن تحققه واشنطن فى تعاملاتها مع مصر حرصت ساكى على تكرار القول بأن «العلاقة مع الحكومة المصرية مهمة جدا» أخذًا فى الاعتبار «مصالحنا فى الأمن القومى» و«مصالحنا الأمنية المشتركة فى سيناء وأماكن أخرى» مضيفة: «ولكن من المهم الإشارة إلى أن القرار ليس انسحابا من علاقاتنا مع مصر أو قطعا للعلاقات أو قطعا للمساعدة. إنه عملية تقييم وتعليق للمساعدة ونحن سنواصل التقييم مع مرور الزمن.
وهذه هى الرسالة التى نريد إيصالها» وعندما سُئلت ساكى عما يقوله بعض حلفاء أمريكا فى المنطقة، خصوصا فى الخليج بأن أمريكا بقرارها هذا تعاقب الحكومة المصرية وتدع الإخوان المسلمين يعتقدون أن هناك تبريرا لما يفعلونه ويقومون به من أعمال عنف. ردت ساكى قائلة: «لقد قلنا لمرات عديدة والوزير قال وقلنا جميعا إن العنف من كلا الجانبين غير مقبول.
ونحن لا نقف مع أى طرف وإن الكل فى حاجة إلى أن يجتمعوا وأن يعملوا معا من أجل حل ديمقراطى طويل الأمد. وهذه هى الرسالة التى نقوم باستمرار ببعثها. إن الحكومة المؤقتة ما زال لديها الرجحان فى السلطة مع الأخذ فى الاعتبار أنهم أصحاب السلطة الآن. وهناك خطوات يجب أن يتخذوها من أجل تحريك الأمور إلى الأمام. هناك خطوات اتخذوها نجد أنها غير مقبولة. وكل هذه الأمور أسهمت فى تقييمنا وفى القرار الذى اتخذناه».
ولا شك أن مفهوم «المعاقبة» أو «حتى التحذير والتنبيه» لم يفت العديد من المراقبين والمعلقين الذين أشاروا إلى واشنطن ب«قرارها المبهم أو المشوش» ترسل بإشارة إلى أن ما يصدر من الإخوان يعد مقبولا ومفهوما طالما أن الحكومة المؤقتة تبدو «غير قادرة» أو «غير راغبة» فى احتواء الأزمة وضم الإخوان فى المعادلة السياسية!! كما أن واشنطن «توحى بقرارها هذا» بأنها تقف مع الإخوان وتصر على مشاركتهم فى الحياة السياسية مهما كانت مطالبهم!!
وعن سؤال يتعلق بأى اجتماعات تجرى بين مسؤولى السفارة وأعضاء أو مسؤولين بالإخوان المسلمين؟ قالت ساكى: «حسنًا.. نحن على اتصال بالطبع مع العديد من المسؤولين هناك ومنهم الإخوان. وليس لدى أى أمر جديد بهذا الخصوص. ولكنى متأكد أننا ننقل إليهم الرسالة ذاتها التى نقولها علنا حول قراراتنا فى ما يخص المساعدة وتشجيعنا للحكومة المؤقتة للتحرك قدما صوب ما نريد أن نشهده فى مصر».
ومع التأكيد بأن الإدارة الأمريكية ستعمل على الانخراط مع الحكومة المؤقتة فى مشروعات تفيد الشعب المصرى فى مجالات تخص التعليم والصحة ومشروعات القطاع الخاص فى مصر إلا أن المتحدثة باسم الخارجية اكتفت بتكرار المبدأ العام دون التطرق لكيفية القيام بهذا الأمر والتعامل مباشرة مع جهات «غير حكومية» وما زالت التجربة الأخيرة والمريرة الخاصة بقضية «التمويل الأجنبى» ماثلة فى الأذهان.
كما أن ساكى لم تتناول الحديث عن المشروعات الخاصة بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان واكتفت بالقول: «... بالعودة إلى الوراء إلى الثورة عام 2011 نحن ساندنا الكثيرين الذين دعوا للتغيير فى البلد. ونحن فعلنا ذلك على أساس الإيمان بأنه بينما الانتقالات الديمقراطية صعبة وتحتاج إلى وقت فإن المجتمعات المبنية على الديمقراطية والانفتاح تكون أكثر سلاما واستدامة. وهذا سبب من ضمن الأسباب التى تجعلنا نستمر فى تلك البرامج التى تفيد الشعب المصرى».
ومن جهة أخرى فإن الشركات الأمريكية المنتجة للمقاتلات والدبابات وأيضا السلاح المورد لمصر آثرت الصمت ولم تتحدث أو تعلق علنا على قرار الإدارة ومدى تأثيره عليها. وهذا ما أشارت إليه «بوليتيكو» الإصدار الإلكترونى السياسى الراصد لصناعة القرار فى واشنطن.
وذكرت أن الشركات الثلاث الكبرى التى لها نصيب فى هذا الأمر عندما تم توجيه الأسئلة إليها بخصوص القرار الخاص ب«تعليق» المساعدات اكتفت بإعطاء إجابات «مقتضبة». وأنهم أشاروا إلى أن ما يمكن القول بأنه «إيجابى» فى القرار بالنسبة لتلك الشركات أن وقف أو تعليق المساعدات العسكرية لمصر لن يكون إلى الأبد.
وكما ذكرت «بوليتيكو» فإن «جنرال ديناميكس» المنتجة لدبابات «إبرامز» و«لوكهيد مارتن» الصانعة للمقاتلة «إف 16» تحدثا فى الأمر قليلا. أما فى ما يتعلق بشركة «بوينج» التى تنتج طائرات هليكوبتر «أباتشى» وصواريخ هاربون فإن المتحدثة باسمها ميجان ماكورميك فضلت عدم التعليق. وحسب ما جاء فى «بوليتيكو» ومصادر أمريكية أخرى فإن «جنرال دايناميكس» قد بدأت فى شهر يوليو الماضى فى إرسال دفعة (125 دبابة) من معدات الدبابة إلى مصنع حربى فى مصر، حيث يتم تجميعها.
وأن هذا التوريد كان أول دفعة من صفقة تقدر ب395 مليون دولار عقدت عام 2011 بين الجيش الأمريكى و«جنرال دايناميكس» لإمداد الجيش المصرى بالدبابات والتى سيصل بعدد دبابات «إبرامز» لديها إلى ألف و130 دبابة «إبرامز» مع حلول عام 2016. أما بالنسبة ل«إف 16» فإن المصادر المطلعة أكدت أن الصفقة الحالية تضم 20 مقاتلة تم إرسال 14 منها حتى 30 يونيو الماضى.
أما بالنسبة للباقى فى الوضع الحالى فقد يتم إبقاء المقاتلات فى منشأة تصنيع التابعة للوكهيد مارتن فى فورت وورث بولاية تكساس حتى يتم اتخاذ قرار بشأنهم.
ولا شك أن التساؤلات عديدة بشأن القرار الأمريكى وبالتأكيد حول رد الفعل المصرى. ومهما قيل وتردد عن «الشراكة الاستراتيجية» واستمرارها فإن الأزمة «لن تظل مكتومة لوقت طويل».
وبالطبع كيف ستتعامل واشنطن مع تبعات وعواقب قرارها يظل أمرا محيرا ليس فقط بالنسبة لمصر ودول المنطقة، بل لدى أهل واشنطن أيضا سواء كانوا من صناع القرار فيها أو من المراقبين للشأن المصرى. وهذا الملف الشائك يظل مفتوحا ومثيرا للقلق والغضب!!