مصر - ايجي برس تزايدت أعداد المنسحبين من عضوية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري، اعتراضًا على ما اعتبروه "رغبة الأغلبية البرلمانية في احتكار مقاعد تأسيسية الدستور". يأتي ذلك في وقت رفض فيه المجلس العسكري، التشكيك في نواياه، إزاء الانتخابات الرئاسية المقبلة، والاستفتاء على الدستور، مؤكدًا على شرعية البرلمان بمجلسيه (الشعب والشورى)، نافيًا وجود نية لحلهما. فيا رفض كمال الجنزوري تقديم استقالته، معتبرًا أن سحب الثقة من حكومته خارج سلطة البرلمان. وقد تزايدت أعداد المنسحبين من عضوية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري، بعد إعلان حزبي التحالف الشعبي والكرامة، في وقت متأخر من مساء الأحد، انسحابهما رسميًا من المشاركة في عضوية الجمعية، لينضما بذلك للثمانية المنسحبين من حزبي المصريين الأحرار، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، مع آخرين مستقلين، احتجاجا على رغبة الأغلبية البرلمانية في احتكار مقاعد تأسيسية الدستور. وقررت هيئة مكتب حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" انسحاب ممثلي الحزب، وهم: عبد الغفار شكر وكيل المؤسسين، ومصطفي كامل السيد، القيادي بالحزب، وذلك بعد التشاور مع عديد من القوى الديمقراطية، ووفقًا لقرارات الأمانة العامة لحزب التحالف الشعبي، سيشارك الحزب في جميع الأنشطة التي تعترض على تشكيل الجمعية التأسيسية، بما في ذلك الدعوة القضائية ببطلان التشكيل، والتحركات الجماهيرية المعترضة عليه. بينما جاء انسحاب الكرامة من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، اعتراضاً على ما أسماه "توحش الأغلبية في الاستئثار بمقاعد اللجنة، واستبعاد شرائح هامة من المجتمع المصري". من جانبه، أكد مجدي زعبل، الأمين العام للحزب أن اللجنة التي اختارها البرلمان اقتصرت على تيار معين للإخوان المسلمين، ولم تتسع لباقي أطياف الوطنية الجامعة من المصريين. وأضاف زعبل، أن "الحزب لم يرشح النائب سعد عبود، الذي تم اختياره في اللجنة، وإنما "رشحنا لهم النائب محمد منيب، ولكنهم اختاروا سعد عبود"، وهو ما أكده رئيس الحزب قائلاً "هذا من أسباب انسحابنا، وهو ما يوضح التخبط الشديد في اختيار أعضاء الجمعية"، مؤكدًا أن "النائب سعد عبود ملتزم بقرار الحزب بالانسحاب". وقال أحمد خيري المتحدث باسم حزب "المصريين الأحرار"، في بيان له "إن الحزب قرر سحب أعضائه الثلاثة، وهم: أحمد سعيد، وهاني سري الدين، وباسل عادل، من المشاركة في عضوية تأسيسية الدستور، بسبب رغبة الأغلبية البرلمانية في احتكار مواد الدستور الجديد، ورغبتهم في تعبيره عن تيار بعينه، دون النظر لباقي التيارات الأخرى". كما انسحب رسميًا من اللجنة، أيضًا الناشط السياسي أحمد حرارة، بسبب اعتراضه على قواعد اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، وأوضح أحمد السيد النجار، أحد المختارين لعضوية اللجنة أن موقفه النهائي سيتحدد، الثلاثاء، بعد مشاوراته مع عدد من الشخصيات العامة. وقد أعلن النائب عمرو حمزاوي، الذي يحسب على التيار الليبرالي، انسحابه رسميًا من عضوية اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، مبررًا الأسباب تفصيلياً في بيان أصدره، صباح الاثنين، تحت عنوان "أستأذن في الانسحاب"،، وقال إن "التشكيل النهائي للجمعية التأسيسية لوضع الدستور، جاء بعيداً كل البعد عن مراعاة معايير: الكفاءة، والتمثيل المتوازن للأطياف السياسية والمجتمعية المختلفة". وأضاف حمزاوي في بيانه: "أنا لا أنازع في أن الأكثرية العددية من حزبي الحرية والعدالة والنور داخل مجلسي الشعب والشورى، تترجم في صورة مقاعد بنسبة أكبر من الأحزاب والقوى الأخرى بالجمعية التأسيسية، ولكن أرفض تشكيل الجمعية على نحو يغلب معيار الولاء على معيار الكفاءة، ويبتعد عن تمثيل متوازن يترجم لعمل توافقي، من أجل خروج الدستور الجديد بصورة تليق بمصر بعد الثورة". وقال "أرفض تهميش المرأة والشباب والأقباط في الجمعية، وأرفض استبعاد الكثير من كفاءات مصر القانونية والاقتصادية، وتقديم أهل الثقة بالمعنى السياسي الضيق، فتشكيل الجمعية التأسيسية بهذه الصورة بما تضمنه من غياب الشفافية والموضوعية، المتمثل في طرح أسماء لشخصيات عامة، ومرشحي هيئات ومؤسسات دون سير ذاتية، جاء صادمًا للرأي العام، ولا يرقى للتوقعات المشروعة". وأضاف، في بيانه، "قبل أن اتخذ قراري بشأن مشاركتي في الجمعية من عدمه، ارتأيت العودة لمن انتخبوني، وفي ذهنهم أن أدافع عن دستور لدولة مدنية ديمقراطية عادلة، ارتأيت العودة لمن انتخبوني لأستشيرهم، وأخيرهم بين الانسحاب من الجمعية، أو الاستمرار في المشاركة والدفاع عن رؤيتي للدستور إلى أخر الطريق، أو المشاركة مع الاحتفاظ بحقي في الانسحاب إذا استمرت الأمور في اتجاه مخالف". في السياق ذاته، رفضت مؤسسة "عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان"، تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، بسبب سيطرة التيار الديني على عضويتها، وإقصائه لأطراف فاعلة في المجتمع، تمثل غالبية التيارات والقوى المجتمعية، وشباب الثورة والرموز الوطنية، التي شاركت في ثورة 25 يناير، والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، من جمعيات أهلية ونقابات عمالية ومهنية، وأكدت المؤسسة على رفع قضية أمام القضاء الإداري، لوقف ما يحدث. واعترضت المؤسسة على عدم وجود تنوع ثقافي وسياسي وفكري وقانوني في تشكيل الجمعية التأسيسية، ووجود غالبية أعضائها من البرلمان، والخلل في نسب التمثيل بها، وهيمنة الإخوان والسلفيين عليها، وإقصائهم للقوى الليبرالية والاشتراكية واليسارية والقومية والعلمانية، من عضوية لجنة المائة، وثبوت قيام حزب الحرية والعدالة وحزب النور بتوزيع قائمة موحدة أثناء انتخاب الأعضاء للسيطرة على نتائجها، وأنه سيتقدم، الاثنين، بدعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، للطعن على تشكيل لجنة المائة. وشددت المؤسسة، في بيانها، على أن "تشكيل الجمعية التأسيسية جاء معيبًا، ويمثل خطأ فادحًا، ولا يتفق مع الواقع، لعدم تمثيله لكافة فئات وأطياف المجتمع المصري، صاحبة المصلحة الحقيقية في المشاركة في صياغة دستور جديد لمصر، يحقق تطلعاتها في الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وإعداد عقد اجتماعي جديد طال انتظاره، يحدد علاقة الحاكم والمحكوم، ودور مؤسسات الدولة". وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الحاكم في مصر خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد، قد أكد أن ما يتم من محاولات التشكيك في النوايا، إزاء نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة، والاستفتاء الشعبي على الدستور المصري، هو "محض افتراء"، لا أساس له من الصحة. وقال المجلس العسكري، في بيانٍ له صدر، الأحد، "إن هذا الموقف يتناسى أن القوات المسلحة، ومجلسها الأعلى، هم من خططوا ونفذوا الانتخابات التشريعية السابقة، بشفافية ونزاهة شهد بها الجميع، وأفرزت القوى السياسية الحالية بمجلسي الشعب والشورى". وأضاف البيان، أن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة تابع ببالغ الاستياء، ما تناولته وسائل الإعلام من بيانات، صدرت عن إحدى القوى السياسية، بما يطعن في نزاهة "قصد" القوات المسلحة، ومجلسها الأعلى، وينال من أداء ووطنية الحكومات، ويشكك في "استقلال" المحكمة الدستورية العليا، والتأثير على حيدتها في أحكامها. وتابع قائلاً: "إننا نقدر صعوبة المناخ العام، الذي تعمل فيه جميع الحكومات التي تولت المسؤولية، منذ اندلاع ثورتنا العظيمة، ونحن نتفهم أن الأداء الحكومي قد لا يرضي طموحات الجماهير، في هذه المرحلة الحرجة، إلا أننا نؤكد أن مصلحة الوطن هي شاغلنا الأول، وأننا لن ندخر جهدًا، في اتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات، لصالح الوطن والمواطن، حتى نجتاز جميعًا هذه المرحلة الصعبة من تاريخ أمتنا". وأوضح: أن "الحديث عن تهديدات بوجود طعن في دستورية مجلس الشعب أمام المحكمة الدستورية العليا، والإيحاء بخضوع هذه المحكمة الجليلة للسلطة التنفيذية، إنما هو أسلوبٌ غير مقبول، يستهدف الإساءة إلى القضاء المصري العريق، واستباق أحكامه، والسعي إلى تحقيق مصالح حزبية ضيقة، على حساب قدسية القضاء". وأكد البيانُ، إن "القوات المسلحة المصرية، ومجلسها الأعلى، لم تدخر جهدًا في حماية الثورة، وتبني مطالبها، ورعاية مسيرتها، وحافظت على استقرار الدولة في أدق اللحظات، وأصعب المنعطفات، وباشرت بكل شرف وتجرد وإخلاص مسؤوليتها، في إدارة شؤون البلاد، خلال هذه المرحلة الحاسمة من عمر الوطن". وقال: "إن القوات المسلحة وقيادتها العليا، تدعو أبناء الوطن، وكل فئات الشعب، وقواه السياسية والفكرية، وإعلامه الحر، إلى الاحتشاد والتكاتف، حتى نستطيع أن نواصل مسيرتنا نحو الانتقال الديمقراطي الآمن للسلطة، في ظل مناخ يحترم القواعد والأعراف الدستورية، ويحافظ على الفصل بين السلطات، ويلتزم باحترام القضاء، وينصاع لقدسية أحكامه، وأن نعمل جميعًا لكي يكون الدستور المقبل معبرًا عن آمال وطموحات جميع فئات الشعب المصري العظيم". واختتم البيان بالقول: "نطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ، لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر، وأن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار". ويأتي هذا البيان، في الوقت الذي تواترت فيه أنباء تفيد بأن المجلس العسكري يتجه إلى حل مجلس الشعب والشورى، ردًا على إصرار الإخوان على سحب الثقة من حكومة كمال الجنزوري، كما يأتي ردًا على ما أثير حول نوايا المجلس العسكري بطرح مرشح توافقي للرئاسة، مع أحد التيارات السياسية، لضمان الخروج الآمن من السلطة. ومن جهته، قال رئيس الوزراء كمال الجنزوري إنه لن يقدم استقالته، ولا يوجد أي سند قانوني أو دستوري للمضي قدمًا في إجراءات سحب الثقة من الحكومة، من قبل مجلس الشعب، مؤكدًا أنه لن يترك مسؤوليته ويهرب بعيدًا، ولن يترك مصر في هذه الظروف الصعبة. وذكر الجنزوري، في حوار أجراه معه النائب مصطفى بكري، ونقلته صحيفة "الأهرام" المصرية، في عددها الصادر، الاثنين "أن قرار سحب الثقة هو من سلطات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهذا حقه". وتابع الجنزوري قائلا " لن أتقدم باستقالتي، لأن حكومتي وأعضاءها جميعا كانوا على قدر المسؤولية، وأدوا بكل إخلاص، نعم نحن نعالج أي قصور ينشأ، ونتصدى لأية أزمات طارئة، ولكننا بالقطع ليس لدينا طموح في البقاء والاستمرار إلا لتحقيق هذه الأهداف، أما إذا رأي المجلس الأعلى للقوات المسلحة غير ذلك، فهذا حقه الدستوري". وحول رؤية البعض بأن استمرار الحكومة سيؤدي إلى مزيد من الاستنزاف الذي سيعوق أداء الحكومة المقبلة، قال الجنزوري "إن هذا الكلام مردود عليه بأن الحكومة الحالية حكومة "إنقاذ وطني" حريصة على خفض الإنفاق، وتوفير الموارد، والدفع بعجلة الاقتصاد للأمام، والدليل في ذلك أن الحكومة خفضت الإنفاق الشهري من الاحتياطي النقدي للعملات الأجنبية، من 1.5 مليار دولار، كما كان سائدًا حتى نوفمبر 2011 إلى 600 مليون دولار في شهر شباط/ فبراير الماضي. وأكد أن "الحكومة لا تتردد في مواجهة وحسم مشكلة اختفاء السولار"، مشيرًا إلى أن "قوات الأمن ألقت القبض على العديد من سيارات محملة بالسولار، تلقى بحمولتها على الطريق الصحراوي، وقد توصلت هذه الجهات إلى معلومات تفيد بأن هناك من يقف خلف هذه العصابات، ويقوم بدفع الأموال لها لخلق الأزمات، كما تم العثور على آلاف الجراكن على بعد أمتار قليلة من محطات الوقود تباع بأسعار عالية في السوق السوداء، لزيادة حدة الأزمة وتفاقمها. وحول تدفق الأسلحة بشكل كبير إلى البلاد، قال كمال الجنزوري، إن "الشرطة والقوات المسلحة تقومان بدورهما في مواجهة عمليات تهريب الأسلحة، إلا أن ملايين البنادق الآلية والأسلحة المختلفة دخلت إلى البلاد، وانتشرت في كل المناطق، وهو أمر خطير". وأكد الجنزوري أن "تركيز الأمن في فترة النظام السابق كانت على الجانب السياسي، دون الجانب الجنائي، مما ترتب عليه حدوث قصور كبير في مواجهة الجريمة الاجتماعية، وخلال أحداث ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، تمكن أكثر من 23 ألف سجين من الهرب من السجون المختلفة، ونجحت قوات الجيش والشرطة في القبض على الكثيرين منهم".