اتهامات وحرب كلامية تتصاعد يوماً بعد يوم ، بين حكومة المالكي وكتلة جبهة التوافق العراقية .. جبهة التوافق والتي تُعد أكبر تكتل سياسي للعراقيين السُنة مشارك فى الإئتلاف العراقى الحاكم، حيث تشارك بستة وزراء في الحكومة التي يرأسها نوري المالكي، و44 عضواً بمجلس النواب.. طرحت 11 مطلباً الأربعاءالماضى 25/7 ، وقالت إن الحكومة العراقية عليها الاستجابة لها خلال أسبوع، وإلا فإن الجبهة ستضطر للانسحاب من الحكومة والبرلمان.
مطالب جبهة التوافق المطالب تتعلق بإعلان العفو العام، تمهيداً لإطلاق سراح الآلاف من المحتجزين في السجون والمعتقلات الحكومية والأمريكية، والالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإيقاف حملات الدهم والاعتقالات والممارسات غير القانونية، في إطار خطة فرض القانون. الجبهة أيضا دعت الحكومة إلى إيقاف المساعي الداعية إلى دمج المزيد من الميليشيات بالقوات المسلحة، وتنفيذ قرار حلها ونزع أسلحتها والتصدي لعملياتها، مشددة على أنه "يجب العمل على وقف التواطؤ من قبل بعض وحدات الجيش والشرطة، مع الميليشيات ومحاسبة المتورطين منهم." وتضمنت قائمة مطالب جبهة التوافق للحكومة العراقية أيضاً، فتح مراكز الاحتجاز أمام ممثلي منظمات حقوق الإنسان، والتوقف عن تسييس القضاء. رفض الحكومة العراقية الحكومة العراقية أعلنت بعد يومين "الجمعة"رفضها لتلك المطالب وشنت هجوماً حاداً على جبهة التوافق، بسبب تهديداتها بالإنسحاب من العملية السياسية، معتبرة أنها "خطوة تعيد البلاد إلى المربع الأول." وفيما وصف الرئيس العراقي الكردي جلال طالباني، هذه الخطوة من جانب جبهة التوافق بأنها "غير مقبولة"، اعتبرها المتحدث باسم رئيس الوزراء، نوري المالكي، أنها تحمل "رسائل غير إيجابية." وقال الطالباني الذي يحاول أن ينأى بنفسه عن السياسات الحزبية في مقابلة تلفزيونية فضائية، انه في حين أن التكتل السني لديه بعض التظلمات المشروعة فان تهديدهم بالخروج من الحكومة قوض جهود تعزيز المصالحة الوطنية. وقال طالباني أيضاً، أن جبهة التوافق كان عليها أن تناقش المطالب التي تريدها مع القيادة السياسية، بدلاً من طرحها بشكل مباشر على العامة. كما أتهم طالبانى بعض اعضاء التكتل بالتعاطف مع الارهابيين ،وهو الإتهام الذى وصفه المراقبون بأنه خطير خاصة أنه يقال في بلد تمزقه التوترات الطائفية التي قتلت عشرات الالوف من الاشخاص.
وجدير بالذكر أنه تٌتهم فصائل في التكتل السني في احيان كثيرة بأن لها علاقات مع جماعات التمرد السنية التي تحارب لطرد القوات الامريكية والإطاحة بالحكومة التي يقودها الشيعة،بينما يؤكد أعضاء الحكومة السنة ان المالكي يتجاهلهم ويهمشهم.
الناطق باسم الحكومة علي الدباغ، أكد من ناحيته"إن سياسة التهديد والضغوط والابتزاز، التي تتبعها الجبهة، غير مجدية" واستطرد الدباغ قائلاً: "إن هذه المطالب انطوت على مخالفات عدة، وعمليات تسطيح متعمدة، وبشكل ينسجم مع توجهات الجبهة في ممارسة تعويق العملية السياسية، وعرقلة تقدمها، وصولاً إلى إيقافها وإرجاعها للمربع الأول، وهو رفض سيدفع الجبهة إلى تنفيذ تهديداتها والانسحاب من العملية السياسية وبما يهدد الحكومة بالسقوط."
من ناحيتها ردت جبهة التوافق، بعنف على الانتقادات الحادة التي وجهها الدباغ ، خاصة اتهامه لوزراء كتلة التوافق بتعطيل التشريعات وعرقلة العملية السياسية في البلاد .وقالت الجبهة في اول رد فعل لها، في بيان امس ان جبهة التوافق تستنكر وتدين بشدة تصريح الناطق باسم الحكومة وما تضمنه من اكاذيب وتشويه للحقائق واساءة الى شخصيات معروفة بنزاهتها ومواقفها الوطنية . واضاف ان الجبهة تستغرب لغة التهديد والوعيد التي وردت صريحة هذه المرة بعد ان كان يلوح بها خلف ابواب مغلقة . وكانت الجبهة قد أنهت على الفور مقاطعة استمرت شهرا للبرلمان في حين كانت تواصل منع وزرائها من حضور اجتماعات الحكومة. ومضت خطوة أبعد يوم الاربعاء حيث طلبت منهم الانقطاع عن العمل تماما. وكانت الاضطرابات السياسية التي تغذيها مقاطعة منفصلة أيضاً للبرلمان من قبل الاعضاء الموالين لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر،قد أعاقت جهود إصدار عدة تشريعات تعتبرها واشنطن أساسيا لتوطيد الاستقرار في العراق واسترضاء السنة الذين يشعرون بالاستياء،وعاد أعضاء البرلمان الموالون للصدر منذ ذلك الحين الى البرلمان. إلا أنه لم تسّلم سوى مسودة قانون واحد يتعلق بالسيطرة على احتياطات العراق الضخمة من النفط الى البرلمان لكن البرلمان المؤلف من 275 مقعدا لم يناقشه بعد. ويشكك المحللون على الدوام في أن تتمكن الحكومة من تحقيق تقدم سياسي كاف بحلول سبتمبر أيلول المقبل ،وهو الموعد الذي من المقرر أن يرسل فيه أكبر قائد عسكري أمريكي وهو ديفيد بتريوس ، تقريرا الى الكونجرس بشأن استراتيجية الرئيس الامريكي جورج بوش الجديدة في العراق.وتحجم الاحزاب السياسية المنقسمة بشدة وسط صراع طائفي مرير عن التوصل لحلول وسط ويقول منتقدون ان واشنطن لم تفعل شيئا يذكر لإرغامهم على التفاوض. ويرجع بعض المحللين أسباب الازمة الى تغلغل الطائفية فى العراق حيث يؤكد جوست هلترمان، رئيس المحللين في مجموعة الأزمات الدولية على وصف الساسة العراقيين بأنهم "الكل طائفيون، هذه هي المشكلة"، مضيفا "اختفى العلمانيون الوسطيون وغيرهم ممن لا يعتبرون أنفسهم من الشيعة أو السنة". واعتبر النائب محمود عثمان من قائمة التحالف الكردستاني "بيان التوافق مفاجأة كما هو الحال بيان الحكومة فقد كان سريعا ومتشنجا"، مشيرا إلى "حالة دائمة من أزمة الثقة بين الطرفين"، ومؤكدا ان "الأفضل هو الاجتماع والجلوس وإيجاد الحل".
هذا ومن المقرر أن يعقد أكبر خمسة زعماء من الاكراد والعرب السنة والشيعة قمه ربما هذا الاسبوع، في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة وانهاء الازمة السياسية.
وسيحضر الاجتماع الطالباني والمالكي والنائب السني للرئيس العراقي طارق الهاشمي ومسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان العراقي الذي يحظى بحكم ذاتي واسع النطاق ومساعد للزعيم الشيعي المريض عبد العزيز الحكيم.
ويرى المراقبون أن الازمة السياسية الحادة التي تعصف بحكومة المالكي،و لغة البيانات شديدة اللهجة التي يصدرها والناطقون باسمه، ضد جبهة التوافق السنية ، تعكس حجم الازمة السياسية التي ترخي بظلالها على المشهد العراقي، بعد ان دب اليأس في صفوف الائتلاف الحكومي بكافة اطيافه من احتمال حدوث أي تقدم حقيقي على صعيد كبح جماح المقاومة المسلحة او وقف عمليات التفجير والقتل الارهابية، التي تقف أمامها أجهزة الأمن العراقية ،بما فيها الجيش،عاجزة بل ومخترقة أحياناً من مرجعيات دينية وميليشيات وقبائل وغيرها من تلك القوى، التي باتت المحرك الحقيقي لما يجري في العراق بعد ان انهارت مؤسسات الدولة ،وتركت الطائفية والحزبية اثارها المدمرة على الشعب العراقي بكافة طوائفه ومذاهبه،وهو ما أدى الى مثل هذه الفوضى المستمرة التي يجد العراق نفسه، غارقاً فيها بدون نهاية قريبة حتى الآن...