تحوي النقطة رقم 31 من ورقة العمل التي وزعتها مصر والدول الأخرى في منظمة عدم الانحياز على المشاركين في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية المنعقد حاليا في نيويورك، تعهدا من جانب الدول الموقعة على المعاهدة بعدم السماح بنقل أي معدات أو معلومات أو معرفة مرتبطة بالطاقة النووية إلى إسرائيل ما دامت تلك الدولة مصرة على رفض التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي أو إخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الخاص بالوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما تدعو النقطة 31 الدول الموقعة، بما فيها الولاياتالمتحدة، إلى «الكشف عن جميع المعلومات المتوافرة لديها حول طبيعة وحجم القدرات النووية الإسرائيلية، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بعمليات البيع النووية السابقة لإسرائيل». يذكر أن فرنساوالولاياتالمتحدة يشار إليهما كجهتي توريد أساسيتين للبرنامج الإسرائيلي السري لصنع أسلحة نووية في خمسينات وستينات القرن الماضي. الواضح أن أسلوب تعامل إدارة أوباما مع المشكلة المرهقة الخاصة بالترسانة النووية الإسرائيلية وإقرار منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط سيحدد نجاح واشنطن أو فشلها في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي. يذكر أن إسرائيل تملك ما يصل إلى 200 سلاح نووي، علاوة على امتلاكها صواريخ تنطلق من البر وقنابل وغواصات قادرة على إطلاق صواريخ محملة برؤوس نووية. وتقوم سياستها على عدم الاعتراف بالترسانة النووية، كما أنها لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. لذلك، لم تشارك في المؤتمر. على الجانب الآخر، لا تملك إيران أسلحة نووية؛ على الأقل حتى الآن. إلا أنه باعتبارها دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، فإن الخطوات التي اتخذتها طهران نحو امتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية جعلت منها هدفا لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بناء على مبادرة من واشنطن وحلفائها، وهي عقوبات أشد من تلك التي تقترح مصر فرضها على إسرائيل. بل وتسعى الولاياتالمتحدة لفرض عقوبات جديدة أشد ضد إيران من خلال استصدار قرار جديد من مجلس الأمن الشهر القادم. من جهته، قال ماجد عبد العزيز، سفير مصر لدى الأممالمتحدة، الأسبوع الماضي: «سيعتمد النجاح على التعامل مع طهران بدرجة كبيرة على حجم النجاح الذي سيتم إحرازه في إقرار منطقة خالية من السلاح النووي» في الشرق الأوسط. ولا يرجع تاريخ اهتمام المصريين بهذه القضية إلى فترة قريبة، حيث سعت مصر، من دون نجاح، للحصول على مساعدة من الاتحاد السوفياتي والصين في منتصف ستينات القرن الماضي في خضم تنامي الشائعات حول حصول إسرائيل على أسلحة نووية. وعام 1974، عندما بات واضحا أنه ليس في مقدورها الانضمام إلى النادي النووي، أطلقت مصر - بمساعدة إيران التي كانت خاضعة آنذاك لحكم الشاه محمد رضا بهلوي - أول محاولة لبناء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. وجرى تمرير القرار عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع عدم تصويت إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، طرحت مصر القرار مرارا وجرى تمريره مرارا من دون تأثير يذكر على أرض الواقع. خلال مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1995، شكلت مسألة بناء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط قضية كبرى. ودعا قرار رعته الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا وأيرلندا الشمالية، الدول غير الموقعة على المعاهدة إلى الانضمام إليها، من دون ذكر إسرائيل بصورة محددة، وأقر القرار مسألة بناء منطقة خالية من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية في الشرق الأوسط، كما اعترف القرار بأن إحراز تقدم على صعيد محادثات السلام «سيسهم» في عملية بناء مثل هذه المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل. وأشارت الولاياتالمتحدة إلى أن إسرائيل لن تناقش قضية الأسلحة التي تملكها مع دول لا تعترف بوجودها، ولن تنضم إلى مؤتمرات حول هذه القضية من دون ضمان أمنها. في المقابل، نظرت مصر إلى مسألة الربط بين عملية السلام وبناء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل كعقبة عثرة. لكن القاهرة أقدمت على أمر مشابه، حيث ربطت بين رفضها الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية برفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية. يتمثل هدف الولاياتالمتحدة من وراء مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الأسلحة النووية في إعادة التأكيد على دعمها لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، لكن مع ربطها هذا الأمر بإحراز تقدم على صعيد عملية السلام. ومثلما لمحت إلين توتشر، وكيلة وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، فإن إدارة أوباما ربما تمضي قدما في عقد مؤتمر «يتناول خلق فرصة في المستقبل عندما تصبح الظروف في الشرق الأوسط مواتية بدرجة أكبر» لمناقشة جادة لهذه القضية. إلا أنها استطردت بأنه «من دون مشاركة جميع الدول في المنطقة (بما في ذلك إسرائيل) لن يمكن عقد مؤتمر يحقق كل ما نصبو إليه، وهو أمر متروك للمنطقة ذاتها لاتخاذ قرار بشأنه». بالنسبة للعنصرين الواردين في النقطة 31 من ورقة العمل، بشأن فرض عقوبات ضد إسرائيل، والكشف عن معلومات حول برنامجها النووي، أكدت المسؤولة الأميركية أنهما «لن يحدثا أبدا.. أبدا».