المشير محمد عبد الغني الجمسي هو أحد رموز إنتصار أكتوبر 1973 ، صاحب كشكول الحرب ومديري عملياتها القتالية. ولد الجمسي لأسرة ريفية كبيرة العدد فقيرة الحال يعمل عائلها في زراعة الأرض في قريةالبتانون بمحافظة المنوفية، ولعب القدر دوره في حياة الجمسي بعد أن أكمل تعليمه الثانوي، حينما فتحت سعت حكومة مصطفى النحاس باشا -لأول مرة- أبواب الكلياتالعسكرية لأبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة، فالتحق الجمسي ولم يكن قد أكمل السابعة عشرة بالكلية الحربية مع عدد من أبناء جيله وطبقته الاجتماعية الذين اختارهم القدر لتغيير تاريخ مصر ، وتخرج فيها عام 1939 فيسلاح المدرعات، ومع اشتعال الحرب العالمية الثانية ألقت به الأقدار فيصحراء مصر الغربية؛ حيث دارت أعنف معارك العلمين وكانت تجربة مهمة ودرسا مفيدا استوعبه الجمسي واختزنه لأكثر من ثلاثين عاما حين أتيح له الاستفادة منه في حرب رمضان. وعقب انتهاء الحرب واصل الجمسي مسيرته العسكرية؛ فتلقى عددا من الدورات التدريبية العسكرية في كثير من دول العالم، ثم عمل ضابطا بالمخابرات الحربية، فمدرسا بمدرسة المخابرات؛ حيث تخصص في تدريس التاريخ العسكري لإسرائيل الذي كان يضم كل ما يتعلق بها عسكريا من التسليح إلى الإستراتيجية إلى المواجهة. فكان الصراع العربي الإسرائيلي هو المجال الذي برع فيه الجمسي، وقضى فيه عمره كله الذي ارتبطت كل مرحلة فيه بجولة من جولات هذا الصراع منذ حرب 1948 وحتى انتصار 1973، وكانت هزيمة يونيه 1967 بداية تصحيح المسار في مواجهة آلة الحرب الصهيونية؛ حيث أسندت القيادة المصرية للجمسي مهام الإشراف على تدريب الجيش المصري مع عدد من القيادات المشهود لها بالكفاءة والخبرة العسكرية استعدادا للثأر ، وكان الجمسي من أكثر قيادات الجيش دراية بالعدو، فساعده ذلك على الصعود بقوة، فتولى هيئة التدريب بالجيش، ثم رئاسة هيئة العمليات، ورئاسة المخابرات الحربية، وهو الموقع الذي شغله عام 1972، ولم يتركه إلا أثناء الحرب لشغل منصب رئيس الأركان.