استأثرت القضية الفلسطينية والمحاولات الامريكية لدفع مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين باهتمام الصحف الصادرة صباح اليوم والتي اجمعت على ان الحكوممة اليمينية الاسرائيلية ليست معنية بالوصول الى سلام يعطي الفلسطينيين حقوقهم ويؤدي الى اقامة دولتهم المستقلة بقدر ما هي معنية بابتلاع مزيد من الاراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية وتسمين المستوطنات رغم جهود المبعوث الامريكي الى المنطقة جورج ميتشيل وجولاته المتكررة. كتب عاصم بسيوني في جريدة"الجمهورية" وتحت عنوان "واأقصاه" ...الحقيقة ما يحدث علي أرض الواقع من تصرفات إسرائيلية غير معلنة يؤكد أنهم ماضون في السيناريو الذي وضعوه لابتلاع الضفة الغربية ومن ثم القدس باعتبارها العاصمة الأبدية للدولة العبرية والدليل الاستمرار في بناء المستوطنات رغم اعتراض واشنطن في بداية الأمر وتأكيد الرئيس الأمريكي أوباما بل وتلميحه بفرض عقوبات علي تل أبيب إذا ما استمرت في ذلك. ولكن بقدرة قادر تغيرت وتيرة التهديد الأمريكية وتبدلت 180 درجة. مما يؤكد لنا كعرب وكمسلمين أن إسرائيل وأمريكا وجهان لعملة واحدة. وكل ما يحدث مجرد شو إعلامي. وفي افتتاحيتها قالت جريدة "الدستور" الأردنية أن ما تقوم به إسرائيل حاليا لا يهدد فقط معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية على الصعيد الثنائي فحسب ، مما يستدعي ردا أردنيا واضحا وصريحا كالذي قدمه جلالة الملك أمس في الحوار مع صحيفة هآرتس ، لكنه ايضا يهدد بالقضاء على أية مكتسبات تحققت سابقا في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ويهدد بتفجير نزاع جديد وشامل في المنطقة وفي كافة أنحاء العالم الإسلامي. من جانبها اكدت صحيفة "البيان" الاماراتية ان رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو لا يحتاج إلى رسائل لفت انتباه أو إلى مطالبته بالكف عن ممارسات وخطوات، تضر بالقيادة الفلسطينية وقضيتها لان هذه الوظيفة هي علة وجوده السياسي ومن دونها، ينتفي مبرر دوره. وقالت انه لم يكن هناك ما يلزم لكي يحمل معه المبعوث ميتشل مثل هذا الخطاب لإبلاغه إلى رئيس حكومة الحرب على السلام بل كان الأجدر بالإدارة الأميركية أن توجه التنبيه إلى نفسها لان سياستها، هي التي تسببت بالضرر للسلطة الفلسطينية ولمجمل ملف عملية السلام. واكدت ان لغة التنبيه لا تفيد مع نتنياهو وان التعاطي معه لا يجدي بأقل من لي ذراع لو كانت واشنطن عازمة على وقف تخريبه لمسيرة التسوية معتبرة ان التنبيه ليس سوى ذر للرماد في العيون. واضافت تحت عنوان "رسالة أميركية أخطأت العنوان" ان ميتشيل وبعد جولاته السبع في المنطقة، لم يتمكن من زحزحة حكومة نتنياهو ولو قدر شعرة عن تعنتها وعراقيلها وتعجيزاتها ناهيك عن استفزازاتها وتمردها حتى على ولي نعمتها. وقالت ان واشنطن التي تدعي الحرص على وضع السلطة الفلسطينية وعدم إحراجها أدارت الأذن الصماء لمطالبها عندما احتاجتها للضغط على إسرائيل بل انها لم تتوقف عن مطاردة الجانب الفلسطيني والعربي ومطالبته بتلبية المزيد من مطالب تل أبيب ومسبقا وفي كل مرة كانت الأضواء وأصابع الإدانة والشجب، تحاول الاستدارة شطر إسرائيل كانت الإدارة تسارع، كما جرت العادة، إلى الوقوف حائلا دون وضعها في الزاوية. واشارت الى ان آخر المآثر في هذا الخصوص، كانت ضغوط واشنطن ونزولها بثقلها، لتمنع التصويت في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، على تقرير غولدستون وإحالته بالتالي إلى مجلس الأمن الدولي. وعبرت البيان عن اسفها لان رام الله استجابت للضغوط لتفوت فرصة ذهبية أتاحت حشر إسرائيل وزيادة فضح أمرها، كمرتكب لجرائم حرب، على حقيقته. وخلصت البيان الى القول ان الرسالة التي حملها ميتشل إلى نتنياهو، أخطأت العنوان لان البيت الأبيض هو عنوانها الصحيح فرئيس الحكومة، التي تقوض فرص السلام وتضعف السلطة الفلسطينية، يلزمه أكثر من لفت نظر خجول... وتحت عنوان "إدارة الأزمة" نبهت صحيفة"الخليج" الى قول وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان: "ان من يظنون أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الصراع العربي الاسرائيلي يعيشون في حالة من الأوهام" وذلك قبيل اجتماعه مع المبعوث الأمريكي ميتشيل. واكدت ان الاخير يعرف ذلك، لان إدارته لم تستطع أن تقنع نتنياهو بأن يجمد الاستيطان ولو مؤقتا، فكيف ستقنعه بالتخلي عن القدس، أو أن يقبل حتى التفاوض على حق العودة، أو أن يزيل المستوطنات. وقالت الخليج ان ميتشيل يدرك ايضا أنه ليس بالإمكان الحصول من الحكومة الإسرائيلية على أية تنازلات وأن السلطة الفلسطينية أعجز من أن تقدم تنازلات في المرحلة الحاضرة/ فالخطيئة التي ارتكبتها بطلب تأجيل النظر في تقرير غولدستون والغضب العارم ضد هذا الطلب الذي يسود الشارع الفلسطيني في الداخل والخارج يجعل من المستحيل عليها الإقدام على أية خطوة جديدة تعتبر من القوى الفلسطينية تفريطا بالحقوق واشارت الى ان الظروف القائمة لا تسمح بأية خطوة جديدة في عملية التسوية /وان مجيء المبعوث الامريكي إلى المنطقة لا علاقة له بخطوات التسوية وفق التصور الأمريكي إنما تمليه حالة الضعف التي أصابت السلطة من جراء ما أقدمت عليه وهو وضع تخشى الإدارة الأمريكية أن يقود السلطة التي تتعرض إلى الضغط الشعبي لأن تتخذ إجراءات توتر من العلاقة مع اسرائيل وقالت ان المبعوث الأمريكي وبقدر إدراكه بأنه لن يستطيع تحقيق أي شيء على صعيد التسوية، يسعى جهده من أجل ألا تتفاقم الأمور، وربما يرغب في أن يهيئ مناخا يسمح مستقبلا بأن تعود الأمور إلى ما كانت عليه والتي لم تكن أكثر من تحرك أمريكي وأوروبي يصاحبه تضخم الآمال لدى الجانب الفلسطيني في الوقت الذي يسمح لاسرائيل بمواصلة ما اعتاد عليه من تغيير للحقائق على الأرض. وعبرت الخليج في ختام افتتاحيتها عن الخشية التي أصبحت تقلق العرب جميعا وهي أن تتمخض هذه الممارسات الإسرائيلية على الأرض عن حقائق رهيبة كما تدل عليه الآن بعض الشواهد في ما يجري فوق الحرم المقدسي وتحته. . وفي اسرائيل تسائلت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في عددها الصادر، اليوم، اذا ما ادت الاحداث الدائة والساخنة في القدس ومحيط المسجد الاقصى ستفضي الى انتفاضة ثالثة، وانتفاضة اقصى ثانية. وتوقع آفي يسسخروف في مقالة له نشرتها الصحيفة، انه قد لا تكون هناك انتفاضة ثالثة لتعب الجمهور الفلسطيني في الضفة، بحسب قوله، ولكن السؤال كيف يمكن مواجهة الاحداث دون ان يكون لها تواصل في الغد وقال: 'في كل الاحوال، في اسرائيل لا يرون في هذه اللحظة مصلحة فلسطينية حقيقية في انفجار في الضفة، و يحتمل أن يكون هذا التقدير دقيقا، ومع ذلك فان 'الجندي الاول الاستراتيجي' قد يجد نفسه مرة اخرى في العناوين الرئيسة.. جندي واحد يقرر اطلاق نار حية نحو راشقي الحجارة، او متظاهر واحد من فتح يقرر اطلاق النار من داخل الجمهور نحو جنود الجيش الاسرائيلي يمكنهما ان يغيرا الصورة تماما'. ويتابع يسخروف في مقالته، مشيرا الى فتح غير المعنية بتصعيد واسع مع اسرائيل، ولكن في ضوء الازمة التي علقت فيها في اعقاب قضية تقرير غولدستون والاتهامات بالخيانة، تجد نفسها تنجر بالقوة تقريبا الى 'يوم غضب' في اطاره عليها ان تبرهن ما هي الوطنية وجهة نظر أخري نشرتها جريدة "معاريف" ارجعت فيها ما يحدث في القدس وغضب الفلسطينيين والغضب الاسلامي بشكل عام الى حالة اليأس التي أصابت الجميع بعد الفشل في كبح جماح اسرائيل، واغلاقها نافذة المفاوضات، والضعف السياسي الفلسطيني الداخلي وتستطرد أنه على هذه الخلفية، فان الجمهور المحبط مستعد لان يصدق كل شائعة، ومستعد أيضاً أن يخرج الى الشارع ويرشق الحجارة. وتنتقد انعدام حساسية الحكومة الاسرائيلية، تجاهلها لاحساس اليأس في القدس وفي رام الله والقرارات المناهضة للفلسطينيين التي تتخذها تواصل صب الزيت على النار. وتختتم يحتمل أن تنجح الشرطة في اسكات الاضطرابات الحالية. يحتمل ان يساعد اعتقال صلاح في تهدئة الخواطر، وربما بعد أن يفرّخ الشباب غضبهم على مدى عدة ايام يعودون الى حياتهم العادية القاتمة. وتمضى محذرة أن قصر النظرنا الاسرائيلي يتعمق، والماسكون بلجام الحكم يواصلون التفكير في الوضع وكأنها مشكلة سيطرة محلية، او بتعابير رئيس بلدية القدس: "يجب العثور على بؤر العنف، عزلها ومواصلة السير الى الامام". إذا لم نفهم الازمة، واذا لم نتناول عناصرها العميقة، فان هذه النار لن تخمد.